تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الدال المهملة

صفحة 379 - الجزء 4

  وقال ثعلب: هو الماءُ القديمُ، وبه فسِّر قول أَبي محمّد الحَذْلميّ:

  تَرْعَى إِلى جُدٍّ لها مَكِينِ

  والجمع من ذلك كلِّه أَجدادٌ.

  والجِدَّ بالكسر: الاجتهَادُ في الأَمْرِ، وقد جَدّ به الأَمْرُ إِذا اجتهدَ. وفُلانٌ جادٌّ مجتهِد.

  وفي حديث أُحُدٍ «لئن أَشْهَدَني اللهُ معَ النَّبيِّ ÷ قَتْلَ المشرِكينَ ليَرَيَنَّ اللهُ ما أَجِدُّ»، أَي أَجتهد. والجِدُّ نَقِيضُ⁣(⁣٨) الهَزْل، وفي الحديث:

  «لا يَأْخُذنَّ أَحدُكُم مَتاعَ أَخيه لاعباً جادًّا»، أَي لا يأْخذْه على سبيل الهَزل فيَصير جِدًّا. وقد جَدَّ في الأَمر يَجِدُّ، بالكسر، ويَجُدُّ، بالضّمّ، جَدًّا، وأَجَدَّ يُجِدّ: اجتهدَ وحَقَّقَ، وكذا جَدَّ به الأَمرُ وأَجَدّ، وهو مَجاز. وقال الأَصمعيّ: أَجدَّ الرَّجلُ في أَمرِه يُجِدّ، إِذا بَلَغَ فيه جِدَّه، وَجَدَّ لغة، ومنه يُقال فُلانٌ جادٌّ مُجِدُّ، أَي مَجتهد. وقال: أَجَدَّ يُجِدّ، إِذا صارَ ذا جِدٍّ واجتهاد.

  والجِدُّ: العَجَلَةُ. وفلانٌ على جِدِّ أَمْرٍ، أَي عَجَلةِ أَمْرٍ. وهو مَجاز.

  وفي الحديث: «كان رسولُ الله ÷ إِذا جَدَّ في السَّيْرِ جَمَعَ بينَ الصَّلاتَين»، أَي اهتمَّ به وأَسرَعَ فيه.

  والجِدُّ: التَّحْقِيقُ، وقد جَدّ يَجِدّ وَيجُدُّ وأَجَدَّ إِذا حَقَّقَ.

  والجِدّ المُحقَّقُ المبالَغُ فيه، وبه فُسِّر دَعاءُ القُنُوت «ونَخْشَى عذابَك الجِدَّ».

  والجِدّ: وَكَفَانُ البَيْتِ، وقد جَدَّ يَجِدُّ، بالكسر فقط، وهو نصُّ ابن الأَعرابيّ، كما تقدّم.

  والجَدَّة، بالفتح: أُمُّ الأُمِّ وأُمُّ الأَب، معروفَة، وجمْعها جَدّاتٌ.

  والجُدَّة، بالضّمّ: الطَّرِيقَةُ من كلِّ شيْءٍ، وهو مَجاز، والجمْع جُدَدٌ، كصُرَد. والجُدّة: الطَّريقة في السَّمَاءِ والجَبلِ. قال الله تعالى {جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ}⁣(⁣١) أَي طَرائقُ تَخَالِف لَونَ الجَبَل. وقال الفرّاءُ: الجُدَد الخِطَط⁣(⁣٢) والطُّرُق تكون في الجِبَال بِيضٌ وسُودٌ وحُمْر، واحدُها جُدّة.

  الجُدَّة من كل شيْءٍ العَلامَةُ، وهذه عن ثعلب. في الصّحاح: الجُدَّةُ الخُطَّةُ التّي في ظَهْرِ الحِمَارِ تُخالِف لَونَه.

  وأَنشد الفرّاءُ قَولَ امرئ القيس:

  كأَنَّ سَرَاتَه وجُدّةَ مَتْنِه

  كَنَائنُ يَجْرِي فَوقَهنَّ دَلِيصُ⁣(⁣٣)

  وجُدَّةُ: ع على السَّاحلِ.

  ومن المَجاز: يقال: رَكِبَ فُلانٌ جُدّة من الأَمرِ، إِذا رَأَى فيه رَأْياً، كذا قاله الزّجّاج.

  والجِدَّة، بالكسر: قِلَادةٌ في عُنُقِ الكَلْبِ، جمْعه جِدَدٌ، حكاه ثعلب وأَنشد:

  لو كُنْتَ كلْبَ قَنيص كُنْتَ ذَا جِدَدٍ

  تَكون أُرْبَتُه في آخِرِ المَرَسِ

  والجِدّة، بالكسر: ضدُّ البِلَى، قال أَبو عليّ وغيره: جَدّ الثَّوبُ والشيْءُ يَجِدُّ، بالكسر، فهو جَدِيدٌ، والجمْع أَجِدّةٌ وجُدُدٌ وجُدَدٌ. وأَجَدَّه أَي الثَّوبَ وجَدّدَه واستَجَدَّه: صَيَّرَه أَو لَبِسَه جَدِيداً، فتَجدَّدَ، وأَصْلُ ذلك كُلّه القَطْع، فأَمَّا ما جاءَ منه في غير ما يَقْبَل القَطْعَ فعلَى المثَل بذلك⁣(⁣٤)، ويُقال للرَّجل إِذا لبس ثَوباً جديداً: أَبْلِ وأَجِدَّ واحْمَدِ الكاسِيَ.

  وقولهم: أَجَدَّ بها أَمْراً، أَي أَجَدَّ أَمرَهُ بها، نُصبَ على التَّمييز، كقَولك؛ قَرِرْتُ به عَيناً، أَي قَرَّتْ⁣(⁣٥) عَيْني به.

  وعن الأَصمعيّ أَجَدّ فُلانٌ أَمرَه بذلك، أَي أَحْكمَه. وأَنشد:

  أَجَدَّ بها أَمْراً وأَيْقَنَ أَنَّه

  لها أَو لأُخْرَى كالطَّحينِ تُرابُها⁣(⁣٦)

  قال أَبو نَصْر: حُكِيَ لي عنه أَنه قال: أَجَدَّ بها أَمراً، معناه أَجَدَّ أَمراً، معناه أَجَدَّ أَمْرَه [بها]⁣(⁣٧) قال: والأَوّل سماعِي منه، ويقال: جَدَّ فُلان في أَمْرِه، إِذا كان ذا حَقِيقَةٍ ومَضاءٍ. وأَجَدَّ فلانٌ السَّيْرَ، إِذا انكمشَ فيه، كذا في اللسان.


(٨) في القاموس: ضدُّ.

(١) سورة فاطر الآية ٢٧.

(٢) هذا ضبط اللسان، وفي التهذيب بضم الخاء.

(٣) الجدة: الخطة السوداء في متن الحمار. والدليص: الذي يبرق.

(٤) زيد في اللسان: «كقولهم: جدد الوضوء والعهد، وكساء محدد، فيه خطوط مختلفة ...».

(٥) عن اللسان، وبالأصل «قررت».

(٦) ديوان الهذليين ١/ ٧٨ ونسب لأبي ذؤيب.

(٧) زيادة عن التهذيب.