[غزد]:
  وغَمِدَ البئرُ(١) غَمَداً، كفَرِحَ: كَثُر ماؤُهَا، عن الأَصمعيِّ، أَو غَمِدَ [ت]، إِذا قَلَّ ماؤُهَا، قاله أَبو عُبَيْدٍ، فهو ضِدٌّ.
  ومن المجاز: تَغَمَّدَهُ الله بِرَحْمَتِهِ غَمَدَه فيها. وغَمَرَه بِها. وفي الحديثِ أَنَّ النبيَّ ÷ قال: «ما أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ، قالوا: ولا أَنتَ؟ قال: ولا أَنا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدني اللهُ برحْمَتِه».
  قال أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى قَوْلِه: يَتَغَمَّدني: يُلْبِسني، ويتغشَّاني، ويَستُرني بها، قال أَئِمَّةُ الغريبِ: مأْخوذٌ من غِمْد السَّيْفِ، وهو غِلافُه، لأَنَّك إِذا أَغمدْتَه فقد أَلبَسْتَه إِيَّاه وغَشَّيْتَهُ به.
  ومن المجاز: تَغَمَّدَ الرَّجلُ فلاناً إِذا سَتَرَ ما كانَ منه وغَطَّاه، كَغَمَّدَه تَغْمِيداً.
  تَغمَّدَ الرَّجلَ وغَمَّدَه، إِذا أَخَذَه بخَتْلٍ حتَّى يُغَطِّيَه، قال العجَّاجُ:
  يُغَمِّدُ الأَعداءَ جُوناً مِرْدَسَا
  وفي الأَساس: ودُخِل [عليه](٢) وبينَ يَدَيْه ثَوْبٌ فتغَمَّدَه: جَعَلَه تَحْتَهُ لِيُغَطِّيَه عن العُيونِ.
  ومن المجاز تغمَّدَ الإِناءَ، كالمِيكال، إِذا مَلأَهُ.
  ومن المجاز اغْتَمَدَ فُلانٌ اللَّيْلَ: دَخَلَ فيه جعَلَه لنفسِهِ غِمْداً، كما في الأَساس. وعبارة اللسان: كأَنَّه صار كالغِمْدِ له، كما يقال ادَّرَعَ اللَّيْلَ، ويُنْشَد:
  لَيْسَ لوِلْدانِكَ لَيْلٌ فاغْتَمِدْ
  أَي ارْكَب اللَّيْلَ واطْلُب لهم القُوتَ.
  ومن المجاز: أَغمَدَ الأَشياءَ: أَدْخَلَ بعضَها في بَعْضٍ كأَنَّه صار غِمْداً له.
  وبَرْكُ الغمَاد، مثلَّثَةَ الغَيْنِ، وصَرَّح بالغَيْن، وإِن كانت المادَّةُ كالنَّصّ في المُراد، دَفعاً لِما عَسَى أَن يَخْطُر بالبالِ من الإِيراد، وبَرْك، بالفتح، ويكسر، وسيأْتي في الكاف وقد اختُلف في ضَبْط الغماد. فَرَوَاه قومٌ بالضَّمّ، ونسبه صاحِبُ «المراصد» إِلى ابن دُرَيْد، وحكاه جماعةٌ عن ابن فارِسٍ، وآخرون بالكسر. والفتْحُ عَن القزَّازِ في «جامِعه». وفي بعض النُّسخ: الفَرّاءِ.
  قال ابن خَالَوَيْه.
  حضَرتُ مَجْلِسَ أَبي عبد الله محمّدِ بنِ إِسماعيلَ القاضِي المَحَامِليّ، وفيه زُهاءُ أَلْفٍ، فأَمْلَى عليهم، أَنَّ الأَنصار قالُوا للنَبيِّ ÷: «واللهِ ما نَقُول لكَ ما قالَ قَوْمُ موسَى لموسَى: اذهب {أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنّا هاهُنا قاعِدُونَ}(٣) بل نَفْدِيك بآبائِنا وأَبنائِنا، ولو دَعَوْتَنا إِلى بَرْكِ الغِمَادِ» بكسر الغين.
  فقلتُ للمُسْتَمْلِي: قال النحويُّ: الغُماد بالضّمّ أَيَّها القاضِي. قال: وما بَرْك الغُمَاد؟ قال: سأَلتُ ابنَ دُرَيْد عنه، فقال: هو بُقْعَةٌ في جَهَنَّمَ، فقال القاضي: وكذا في كتابِي، على الغين ضَمَّةٌ. قال ابن خالويه: وأَنشدني ابن دريدٍ لنفسه:(٤).
  وإِذا تَنَكَّرَتِ البِلا ... دُ فَأْولِها كَنَفَ البِعادِ
  لَسْتَ ابنَ أُمِّ(٤) القاطِني ... نَ ولا ابْنَ عَمٍّ(٤) للبِلادِ
  واجْعَلْ مُقَامَك أَو مَقَ ... رَّكَ جَانِبَيْ بَرْكِ الغُمَادِ
  قال ابنُ خالَوَيْه: وسأَلْت أَبا عُمَرَ عن ذلك فقال: يُرْوَى: بَرْكُ الغِمَادِ بالكسر، والغُمَادِ بالضم، والغِمَار، بالرَّاءِ، مكسورةَ الغين، وقد قيل: إِن الغِمَاد: ع باليمن، وهو بَرَهُوت الذي جاءَ في الحديث: أَنَّ أَرواح الكافِرِين تكونُ فيه.
  وزادَ في النهاية: وقيل: هو موضِع وراءَ مَكَّةَ بخمْسِ ليالٍ. زاد البكريّ: مِمَّا يَلِي البَحْر أَو هو أَقصَى مَعْمُور الأَرض، وهذا عن ابن عُلَيْمٍ، بالتصغير، في كتابه الباهِرِ، وهو غير الباهر لابن عُدَيس ونصُّ البكريِّ: وقيل هو أَقصَى حَجْرٍ باليمن. و ورد في الحديثِ ذكْر غُمْدَان(٥)، كعُثْمَان: قصرٌ مشهورٌ من مضارِب الأَمثالِ باليَمَنِ، في مَقَرِّ مَلكِها، وهو صَنعاءُ، ولم يَزل قائِماً حتى هَدَمَه عُثْمَانُ بن عَفّانَ، ¥. واختلِف في بانيه، فقيل: هو سُليمانُ بنُ داوودَ، @، بناه لبِلْقِيسَ زَوْجتِه، ومال إِليه كَثيرٌ
(١) في اللسان: غَمَدت البئر وضبطت غمدا بسكون الميم، وفي التكملة بالتحريك، وفي التهذيب غَمَدت الركية.
(٢) زيادة عن الأساس.
(٣) سورة المائدة الآية ٢٤.
(٤) في معجم البلدان: «ابن عمِّ» ... ولا ابن أمٍ».
(٥) صحفه الليث فقال عمدان بالعين المهملة، كما صحف بُعاث بالعين المهملة فجعله بالغين المعجمة.