(فصل الباء) الموحدة مع الراء
  قال ابنُ دُرَيْد: البُرُّ أَفصحُ مِن قولهم: القَمْحُ والحِنْطَةُ، واحدتُه بُرَّةٌ، قال سِيبَوَيْه: ولا يُقَال لصاحِبه: بَرّارٌ، على ما يَغْلِبُ في هذا النَّحْو؛ لأَنّ هذا الضَّرْبَ إِنّما هو سَماعِيٌّ لا اطِّرادِيُّ. ج أَبْرارٌ، قال الجوهريُّ: ومَنَعَ سيبويه أَنْ يُجْمَع البُرُّ على أَبْرارٍ، وجَوَّزَه المبَرّد، قياساً.
  والبِرُّ بالكسر أَبو بكرٍ محمّد بنُ عليِّ بنِ الحَسَنِ بنِ عليِّ بن البِرِّ اللغويّ، والبِرُّ لَقب جَدِّ أَبِيه عليٍّ التَّمِيمِيِّ الصِّقِلّيِّ القَيْرَوانِيِّ، أَحد أَئِمَّةِ اللِّسَان، روَى عن أَبي سَعْد المالِينيِّ، وكان حيًّا في سنة ٤٦٩، وهو شيخُ أَبي القاسمِ عليّ بنِ جعفرِ بنِ عليّ بنِ القَطَّاع السَّعْديِّ المصريِّ، المتوفَّى سنة ٥١٥.
  وأَبو نَصْرٍ إِبراهيم بنُ الفضلِ البارُّ، حافظٌ أَصْبَهَانيُّ، لكنه كذّابٌ يَقْلِبُ المُتونَ، قالَه نَصْرٌ المَقْدِسِيُّ، وتُوفِّيَ سنة ٥٣٠، ومنهم مَن قال في نسبته: البَآرُّ كشَدّاد، أَي إِلى حَفر الآبارِ، وهو الصَّوابُ، وهكذا ضَبَطَه الذَّهبِيُّ في الديوان.
  وعن ابن السِّكِّيت: أَبَرَّ فلانُ. إِذا كان مسافراً، ورَكِبَ البَرَّ، كما يقال: أَبْحَر، إذَا رَكِبَ البَحْرَ.
  وأَبَرَّ الرجلُ: كَثُرَ وَلَدُه.
  وأَبَرَّ القَومُ: كَثُرُوا، وكذلك أَعَرُّوا، فأَبَرُّوا في الخَيْرِ، وأَعَرُّوا في الشَّرِّ، وسيُذْكَرُ أَعَرُّوا في موضِعِه.
  وأَبَرَّ عليهم: غَلَبَهم، والإِبرارُ: الغَلَبَةُ، قال طَرَفَةُ:
  يَكْشِفُونَ الضُّرَّ عنْ ذِي ضُرِّهِمْ ... ويُبِرُّونَ علَى الآبِي المُبِرّ
  أَي يَغْلِبُون.
  والمُبِرُّ: الغالِب.
  وسُئلَ رجلٌ من بَنِي أَسَدٍ: أَتعرفُ الفَرَسَ الكريمَ؟ قال: أَعرفُ الجَوادَ المُبِرَّ مِن البَطِيءِ المُقْرِفِ. قال: والجَوادُ المُبِرُّ: الذي إِذا أُنِّفَ تَأَنَّفَ(١) السَّيْر، ولُهِزَ لَهْزَ العَيْرِ، الذي إِذا عَدَا اسْلَهَبَّ، وإِذا قِيدَ اجْلَعَبَّ، وإِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ.
  ويقال: أَبَرَّهُ يُبِرُّهُ، إِذا قَهَرَه بفِعَالٍ أَو غيرِه.
  وقال ابنُ سِيدَه: وأَبَرَّ عليهم شَرًّا، حَكاه ابنُ الأَعرابيِّ، وأَنشدَ:
  إِذا كنتُ مِن حِمّانَ في قَعْرِ دارِهمْ ... فلستُ أُبالِي مَنْ أَبَرَّ ومَنْ فَجَرْ
  ثم قال: أَبَرَّ، مِن قولهم: أَبَرَّ عليهم شَرًّا، وأَبَرَّ وفَجَر واحدٌ، فجَمَعَ بينهما.
  وفي المُحَكْم أَيضاً: وإِنّه لَمُبِرٌّ بذلك، أَي ضابِطٌ له.
  وفي الحديث: «أَنَّ رجلاً أَتَى النَّبيَّ ﷺ فقال: «إِنَّ ناضِحَ فُلانٍ(٢) قد أَبَرَّ عليهم»، أَي اسْتَصْعَبَ وغَلَبَهم.
  وأَبَرَّ الشّاءَ: أَصْدَرَها إِلى البَرِّ.
  والبَرِيرُ. كأَمِيرٍ: ثَمَرُ الأَراكِ عامَّةً، والمَرْدُ: غَضُّه، والكَبَاثُ: نَضِيجُه. وقيل: البَرِيرُ الأَوّلُ أَي أَولُ ما يَظْهَرُ مِن ثَمَر الأَراكِ، وهو حُلْوٌ، وقال أَبو حَنِيفَةَ: البَرِيرُ: أَعظمُ حَبًّا مِن الكَبَاثِ، وأَصغرُ عُنقُوداً منه، وله عَجَمَةٌ مُدَوَّرَةٌ صغيرةٌ صُلْبَةٌ، أَكبرُ مِن الحِمَّصِ قليلاً، وعُنْقُودُه يَمْلأُ الكَفَّ. الواحدةُ مِن جميعِ ذلك بَرِيرَةٌ. وفي حديث طَهْفَةَ: «ونَسْتَصْعِدُ(٣) البَرِيرَ»، أَي نَجْنِيه للأَكْلِ. وفي آخَرَ: «ما لَنَا طعامٌ إِلّا البَرِير». وبرِيرَةُ بنتُ صَفْوانَ، مولاةُ عائشةَ ®: صَحَابيَّةٌ، يقال إِنّ عبدَ الملِكِ بنَ مَرْوَانَ سَمِعَ منها.
  والبَرِّيَّةُ: الصَّحْراءُ نُسِبَتْ إِلى البَرِّ، رواه ابنُ الأَعرابيِّ بالفتح. وقال شَمِرٌ: البَرِّيَّةُ: المَنْسُوبَةُ إِلى البَرِّ، وهي بَرِّيَّةٌ إِذا كانت إِلى البَرِّ أَقربَ منها إِلى الماءِ، والجمعُ البَرارِي، كالبَرِّيتِ بوزنِ فَعْلِيتٍ، عن أَبي عُبَيْدٍ وشَمِرٌ وابنِ الأَعرابيِّ؛ فلمَّا سُكِّنَتِ الياءُ صارتِ الهاءُ تاءً، مثل عِفْريت وعِفْرِيَة، والجمعُ البَرارِيتُ.
(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله تأنف ظاهره أنه ماضٍ جواب لإذا ومثله في اللسان إلا أنه مضارع، وفي اللسان في مادة أن ف ومنه قول الاعرابي يصف فرساً: لهز لهز العير وأنف تأنيف السير اه ومثله فيه في مادة ل هـ - ز فأنت تراه جعله مصدراً وليحرر» وفي التهذيب واللسان هنا: يأتنف السير.
(٢) في النهاية: ناضح آل فلان.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قول: ونستصعد البرير، كذا بخطه، تبعاً للسان هنا، والصواب: ونستعضد. فسيأتي في مادة عضد [كذا، وقد مرت] واستعضد الشجر عضدها والثمرة جناها وقد أورد صاحب اللسان هذا الحديث في مادة عضد بلفظ نستعضد» وفي النهاية: نستعضد.