تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة مع الراء

صفحة 231 - الجزء 6

  السَّحاب: المُنمَّر الذي تَرَى فيه كالتَّنْمير؛ مِن كَثْرة مائِه، وقد أَنكره الرِّياشيّ.

  والحَبِير: البُرْدُ المُوَشَّى⁣(⁣١) المُخطّطُ، يقال: بُرْد حَبير، على الوصف والإِضافة. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: «الحمدُ لله الذي أَطْعَمَنا الخمِير، وأَلْبَسَنا الحَبير». وفي آخَرَ: «أَن النبيَّ لمّا خطَبَ خَديجةَ ^، وأَجابته، استأْذنتْ أَباها في أَن تَتزوّجه، وهو ثَمِلٌ فأَذن لها في ذلك، وقال: هو الفَحْلُ لا يُقْرَعُ أَنفُه، فنحَرتْ بَعِيراً، وخَلَّقتْ أَباها بالعَبِير، وكَسَتْه بُرْداً أَحمرَ، فلمّا صَحَا من سُكْرِه قال: ما هذا الحَبِيرُ، وهذا العَبِير وهذا العَقيرُ؟⁣(⁣٢)».

  والحَبِيرُ: الثَّوْبُ الجَدِيدُ النّاعِمُ، وقد تقدّم أَيضاً في قوله؛ فهو تَكرار. ج حُبْرٌ، بضمٍّ فسكونٍ.

  والحبِيرُ: أَبو بَطْنٍ، وهم بَنُو عَمْرِو بنِ مالكِ بنِ عبدِ الله بنِ تَيْمِ بنِ أُسَامَة بنِ مالكِ بنِ بكرِ بنِ حُبَيِّبٍ؛ وإِنما قيل لهم ذلك لأَن حَبَرَه بُرْدَانِ، كان يُجَدِّدُ في كلّ سَنة بُرْدَيْنِ، قاله السمْعانِيّ⁣(⁣٣).

  والحَبِيرُ: لَقبُ شاعرِ، هو الحَبِيرُ بنُ بَجْعَرةَ الحَبَطِيُّ؛ لتحْسِينه شِعْره وتَحْبِيرِه.

  وقولُ الجوهريِّ: الحَبِيرُ: لُغَامُ البَعِيرِ، وتَبِعَه غيرُ واحدٍ من الأَئِمَّةِ، غَلَطٌ، والصّوابُ الخَبِيرُ، بالخاءِ المُعْجَمَةِ، غَلّطَه ابنُ بَرِّيٍّ في الحواشي والقَزّاز في الجامع، وتَبِعَهما المصنِّف. وقال ابن سِيدَه: والخاءُ أَعْلَى. وقال الأَزهريُّ عن الليْث: الحَبِيرُ مِن زَبَدِ اللُّغَام، إِذا صار على رأْس البَعِير، ثمّ قال الأَزهريُّ: صحّفَ الليْث هذا الحَرْفَ، قال: وصوابُهُ بالخَاءِ، لزَبَدِ أَفواهِ الإِبلِ، وقال: هكذا قال أَبو عُبَيْدٍ والرِّيَاشِيُّ.

  ومطَرِّفُ بنُ أَبي الحُبَيْرِ، كزُبَيْرٍ نَقلَه الصّاغانيُّ، ويَحْيى بنُ المُظَفَّرِ بنِ عليِّ بنِ نُعَيْم السَّلاميُّ، المعروف با بنِ الحُبَيْرِ، متأَخِّر، مات سنةَ ٦٣٩، محدِّثانِ.

  قلْتُ: وأَخوه وأَبو الحَسَن عليُّ بن المظفَّر بنِ الحُبَيْرِ السّلاميُّ التاجرُ، عن أَبي البَطِّيِّ، توفِّي سنة ٦٢٦، ذَكَرَه المُنْذِريُّ.

  والحُبْرَة، بالضمّ: عُقْدَةٌ مِن الشَّجَر، وهي كالسِّلْعَةِ تَخرجُ فيه تُقْطَعُ قطعاً، ويُخْرَطُ منها الآنِيَةُ، مُوَشّاةً كأَحْسَنِ الخَلَنْجِ، أَنشدَ أَبو حنيفةَ.

  والبَلْطُ يَبْرِي حُبَرَ الفَرْفارِ

  والحَبْرَةُ، بالفتح: السَّمَاعُ في الجَنَّة، وبه فَسَّرَ الزَّجّاجُ الآيةَ⁣(⁣٤)، وقال أَيضاً: الحَبْرَةُ في اللغة: كُلُّ نَغْمَةٍ حَسَنَةٍ مُحَسَّنَة.

  والحَبْرَةُ: المبالغةُ فيما وُصِفَ بجَمِيلٍ.

  ومعنَى يُحْبَرُونَ، أَي يُكْرَمُون إِكراماً يُبَالَغُ فيه.

  والحُبَارَى، بالضمّ: طائرٌ طَوِيلُ العُنُقِ، رَمَادِيُّ اللَّوْنِ، على شَكْل الإِوَزَّةِ، في مِنْقارِه طُولٌ، ومن شَأْنِهَا أَن تُصَادَ ولا تَصِيدَ. يقالُ للذَّكَرِ والأُنثَى والواحِدِ والجَمْعِ، وأَلفُه للتأْنِيث، وغَلِطَ الجَوْهَرِيُّ، ونَصُّه في كتابه: وأَلِفُه ليستْ للتأْنيث ولا للإِلْحاقِ، وإِنما بُنِيَ الاسمُ لها فصارتْ كأَنها مِن نفس الكلمةِ، ولا تَنْصَرفُ في معرفةٍ ولا نَكِرَةٍ، أَي لا تُنَوَّنُ، انتَهَى. وهذا غريبٌ، إِذْ لو لم تكُنِ الأَلفُ له - أَي للتأْنيث - لانْصَرَفَتْ⁣(⁣٥)، وقد قال إِنها لا تَنصرفُ. قال شيخُنَا: ودَعْوَاه أَنها صارتْ مِن الكلمة، مِن غَرائبِ التَّعبيرِ، والجوابُ عنه عَسِيرٌ، فلا يحتاجُ إِلى تَعَسُّفٍ.

  كَفَى المَرْءَ نُبْلاً أَن تُعَدَّ مَعَايِبُهْ

  ج حُبَارَيَاتٌ، وأَنشدَ بعضُ البَغْدَادِيِّين في صِفة صَقْر:

  حَتْف الحُبَارَياتِ والكَراوِين

  قال سِيبَوَيْه: ولم يُكَسَّر على حَبَارِيّ ولا عَلى حَبَائِرَ، ليُفَرِّقُوا بينها وبين فَعْلَاءَ وفَعَالَةٍ وأَخَواتها.


(١) على هامش القاموس عن نسخة أخرى «المَوْشِيّ».

(٢) أراد بالحبير البرد، وبالعبير الخلوق الذي خلّقته، وبالعقير البعير المنحور، وكان عُقر ساقه.

(٣) انظر المؤتلف والمختلف للآمدي ص ٨١.

(٤) يريد قوله تعالى من سورة الروم الآية ١٥، وقد مرت أثناء المادة {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}، والعبارة في التهذيب ونسبها إلى بعض المفسرين، وأَما قول الزجاج في تفسير الآية، فيه، فهو التالي، أي يكرمون إكراماً يبالغ فيه.

(٥) ومثله في حياة الحيوان للدميري قال بعد أن ساق عبارة الجوهري: وهذا سهو منه بل ألفها للتأنيث كسمانى، ولو لم تكن له لانصرفت. ونبه إلى روايتي القاموس والدميري بهامش اللسان.