فصل الضاد المعجمة مع الراء
  وتُخْرِجُ منه ضَرَّةُ القَوْمِ مِصْدَقاً ... وطُولُ السُّرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
  أَي تَلَأْلُؤ عَضْبٍ.
  وفي حديث عليّ ¥ رفعه: «أَنّه نَهَى عن بَيْعِ المُضْطَرِّ» قال ابنُ الأَثِيرِ: وهذا يكون من وَجْهَيْن: أَحدُهما أَن يُضْطَرّ إِلى العَقْدِ من طريقِ الإِكراهِ عليه، قال: وهذا بَيْعٌ فاسدٌ لا يَنْعَقِد، والثاني: أَنْ يُضْطَرَّ إِلى البَيْع لدَيْنٍ رَكِبَه، أَو مَئُونةٍ تُرْهِقُه، فيَبِيع ما في يده بالوَكْسِ للضَّرُورَةِ، وهذا سبيلُه في حقّ الدِّينِ والمُرُوءَةِ أَن لا يُبَايَع على هذا الوَجْه، ولكن يُعان ويُقْرَض إِلى المَيْسَرَة، أَو تُشْتَرَى سِلْعَته بقيمَتِها، فإِنْ عُقِدَ البيعُ مع الضّرورةِ على هذا الوجه صَحَّ ولم يُفْسَخ مع كَراهةِ أَهْلِ العِلْمِ له، ومعنَى البَيْعِ هنا الشّراءُ أَو المُبَايَعَةُ أَو قَبولُ البيعِ، انتهى.
  وقولُه ø: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ}(١) أَي فَمن أُلْجِئَ إِلى أَكْلِ المَيْتَةِ، وما حُرِّم، وضُيِّقَ عليه الأَمرُ بالجُوعِ، وأَصلُه من الضَّرَرِ، وهو الضِّيقُ.
  والضَّرُورَةُ: الحَاجَةُ، ويُجْمَع على الضَّرُوراتِ، كالضّارُورَةِ، والضّارُورِ، والضّارُوراءِ، الأَخِيرانِ نقلهُما الصّاغانيّ، وأَنشد في اللّسَان على الضّارُورَةِ:
  أَثِيبِي أَخَا ضَارُورَةٍ أَصْفَقَ العِدَا ... عليهِ وقَلَّتْ في الصَّدِيقِ أَواصِرُهْ
  وقال اللَّيْث: الضَّرُورَةُ: اسمٌ لمصدرِ الاضْطِرارِ، تقول: حَمَلَتْنِي الضَّرُورَةُ على كذا وكذا.
  قلت: فعلَى هذا، الضَّرُورَةُ والضَّرَّةُ: كلاهما اسمانِ، فكان الأَوْلَى أَن يقول المُصَنّف: كالضَّرّةِ والضَّرُورَة، ثمّ يقول: وهي أَيضاً الحاجةُ، إِلخ، كما لا يَخْفَى.
  وفي حديث سَمُرَةَ: «يُجْزِئُ من الضّارُورَةِ صَبُوحٌ أَو غَبُوقٌ» أَي إِنّمَا يَحِلُّ للمُضْطَرِّ من المَيْتَةِ أَنْ يأْكلَ منها ما يَسُدُّ الرَّمَقَ غَداءً أَو عشاءً، وليس له أَن يَجْمعَ بينهما.
  والضَّرَرُ، محركةً: الضِّيقُ، يقال: مكان ذو ضَرَرٍ(٢)، أَي ذو ضِيق. والضَّرَرُ أَيضاً: الضَّيِّقُ، يقال مكانٌ ضَرَرٌ، أَي ضَيِّقٌ.
  والضَّرَرُ: شَفَا الكَهْفِ، أَي حَرْفُه.
  والمُضِرُّ: الدّانِي من الشيْءِ، قال الأَخْطَل:
  ظَلَّتْ ظِبَاءُ بنِي البَكّاءِ رَاتِعَةً ... حتّى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ وإِضْرارِ(٣)
  وفي حديث مُعاذ «أَنّه كان يُصَلِّي، فأَضَرَّ بهِ غُصْنٌ، فمَدّ يَدَه فكَسَرَه» أَي دَنَا منه دُنُوّاً شَدِيداً فآذاه.
  وأَضَرَّ بالطَّرِيقِ: دنَا منه ولم يُخَالِطْه.
  وأَضَرَّ السَّيْلُ من الحَائِطِ، والسَّحابُ إِلى الأَرْضِ، إِذا دَنَيَا، سَيْلٌ مُضِرُّ، وسَحَابٌ مُضِرٌّ، وكلّ ما دَنَا دُنُوّاً مُضِرّاً(٤) فقد أَضَرّ.
  ورُوِيَ عن النّبيّ ﷺ «أَنه قِيل [له](٥): أَنَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَة؟ فقال: أَتُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ الشَّمْسِ في غيرِ سَحاب؟ قالوا: لا. قال: فإِنَّكُم لا تُضَارّونَ في رُؤْيَتِه»، تبارك وتعالى، قال أَبو منصور: رُوِيَ هذا الحَرفُ بالتشديد، من الضُرِّ، أَي لا يَضُرّ بعضُكُم بعضاً، ورُوِيَ [تُضَارُون](٦) بالتخفيف من الضَّيْرِ، والمعنى واحد.
  قال الجوهريّ: وبعضُهم يقول لا تَضَارُّونَ، بفتح التاءِ، أَي لا تَضَامُّونَ، ويروى لا تَضَامُّونَ(٧) في رُؤْيَته تَضامّاً يَدْنُو بعضُكُم من بَعْضٍ فيُزاحِمُه، ويقول له: أَرِنِيهِ، كما يَفْعَلُون عند النَّظَرِ إِلى الهِلالِ، ولكن ينفردُ كلٌّ منهم برُؤْيَتِه.
  ويروى لا تُضَامُونَ، بالتَّخْفِيف، ومعناه لا يَنَالُكُم ضَيْمٌ في رُؤْيَته، أَي تَرَوْنَه حتَّى تَسْوُوا في الرُّؤْيَةِ، فلا يضِيمُ بعضُكُم بعضاً.
  أَو من ضَارَّهُ ضِرَارَاً ومُضَارَّةً، إِذا خالَفَه، قال نابغةُ بني جَعْدَةَ:
  وخَصْمَيْ ضِرَارٍ ذَوَيْ تُدْرَإِ ... مَتَى باتَ سِلْمُهُما يَشْغَبَا(٨)
(١) سورة البقرة الآية ١٤٥.
(٢) الأصل واللسان، وفي التهذيب المطبوع: ذو ضِرار.
(٣) ديوانه وروايته: «بني البكاء ترصده» وفي التهذيب: «بني البكّار».
(٤) اللسان: مضيَّقاً.
(٥) زيادة عن التهذيب واللسان.
(٦) زيادة عن التهذيب.
(٧) ضبطت في التهذيب بالضم، أما اللسان فكالقاموس.
(٨) قوله «ذَوَىْ» بالأصل «ذوا» وما أثبت عن التهذيب.