تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الغين المعجمة مع الراء

صفحة 297 - الجزء 7

  والغَدَرُ مُحَرَّكةً: كُلُّ ما وَارَاكَ وسَدَّ بَصَرَكَ وقِيلَ: هُوَ كُلُّ مَوْضِع صَعْبٍ لا تَكَادُ الدَّابَّةُ تَنْفُذ فيه. وقِيلَ: الغَدَرُ: الأَرْضُ الرِّخْوَةُ ذات اللَّخاقِيقِ. وقال اللِّحْيَانِيّ: الغَدَرُ الجِحَرَةُ، بكَسْرٍ فَفتْح. والجِرَفَةُ واللَّخاقِيقُ وفي بعض النُّسَخ⁣(⁣١): الأَخاقِيقُ من الأَرْضِ. وقولُه: المُتَعَادِيَةُ، صِفَة اللَّخاقيقِ لا الأَرْض، فلذا لو قَدَّمَه كما هُوَ في نَصّ اللّحْيَانِيّ كانَ أَصْوَبَ، كما لا يَخْفَى، والجَمْعُ أَغْدَارٌ، كسَبَب وأَسْبَابٍ، وقيل: الغَدَرُ: الحِجَارَةُ مع الشَّجَرِ، وكذلك الجَرَلُ والنَّقَلُ، وهو قَوْلُ أَبِي زَيْدٍ وابن القَطّاع.

  وقِيلَ: الغَدَرُ: المَوْضِعُ الظَّلِفُ الكَثِيرُ الحِجَارَةِ. وقال العَجّاج:

  سَنابِكُ الخَيْلِ يُصَدِّعْنَ الأَيّرْ ... من الصَّفَا القاسِي ويَدْعَسْنَ الغَدَرْ

  ومن المَجَازِ: رَجُلٌ ثَبْتُ الغَدَرِ، محرّكة، إِذا كانَ يَثْبُتُ في مَواضِع القِتَالِ والجَدَل والكَلامِ. قال الزَّمَخْشَرِيّ: وأَصلُ الغَدَرِ اللَّخَاقِيقُ. ويُقَال أَيضاً: إِنَّه لثَبْتُ الغَدَرِ: إِذا كان ثابِتَاً في جَمِيع ما يَأْخُذ فيه، ويُقَالُ: ما أَثْبَتَ غَدَرَهُ، أَي ما أَثْبَتَه في الغَدَر، يُقَال ذلك للفَرَسِ وللرَّجُلِ إِذا كانَ لِسَانُه يَثْبُتُ في مَوْضِعِ الزَّلَلِ والخُصُومَةِ. وقال اللِّحْيَانيّ: مَعْنَاهُ ما أَثْبَتَ حُجَّتَه وأَقَلَّ ضَرَرَ الزَّلَقِ والعِثَارِ عليه⁣(⁣٢). قال: وقال الكِسَائِيّ: ما أَثْبَتَ غَدَرَ فلانٍ، أَي ما بَقِيِ مِنْ عَقْلِه.

  قال ابنُ سِيدَه: ولا يعجبني. وقال الأَصمعيّ: الغَدَرُ: الجِحَرةُ والجِرَفة والأَخَاقِيقُ في الأَرض: فتقولُ: ما أَثْبَتَ حُجَّتَه وأَقَلَّ زَلَقَه وعِثَارَه. وقال ابن بُزُرْج: إِنَّه لثَبْتُ الغَدَرِ، إِذا كانَ ناطَقَ الرِّجالَ ونازَعَهم [كان]⁣(⁣٣) قوِيًّا. وفَرَسٌ ثَبْتُ الغَدَرِ: يَثْبُتُ في مَوْضِع الزَّلَل. فاتَّضَحَ بهذه النُّصُوص أَنَّه ليس بمُخْتَصٍّ بالإِنْسَان بل يُسْتَعْمَل في الفَرَسِ أَيْضاً.

  والغَدْرَةُ⁣(⁣٤)، بالفَتْح، هكذا في سائر النُّسَخ، والصَّوابُ «الغَيْدَرَة» كحَيْدَرَة: الشَّرُّ، عن كُراع، كذا في اللِّسَان، وهو لُغَةٌ في «الغَيْذَرَةِ» بالغَيْن والذال المُعْجَمَتَيْن، كما وهو أَيضاً التَّخْلِيطُ وكَثْرَةُ الكَلام. والغَيْدارُ، بالفَتْح: الرَّجُلُ السَّيِّئُ الظَّنِّ فيَظُنُّ، هكذا في النُّسَخ بالفاءِ وصَوابُه: يَظُنُّ فيُصِيبُ، كما في اللّسَان وغيره.

  وآلُ غُدْرَانٍ، بالضَّمّ: بَطْنٌ من العَرَبِ.

  ويُقَال: خَرَجْنَا في الغَدْرَاء أَي الظُّلْمَة. والغَدْرَاءُ أَيضاً: اللَّيْلَة المُظْلِمَة؛ قاله ابنُ القَطّاع.

  وغَدْرٌ، بالفتح، ة بالأَنْبَار، قلتُ: وإِليها نُسِبَ أَحمدُ بنُ محمّدِ بنِ الحُسَيْنِ الغَدْرِيُّ؛ ذكره المَالِينيّ.

  وغُدَرُ، كزُفَرَ: مِخْلافٌ باليَمَن، فيه ناعِط، وهو حِصْنٌ عَجِيبٌ قيل: هو مَأْخُوذٌ من الغَدَر، وهو المَوْضِع الكَثِيرُ الحِجَارَة الصَّعْبُ المَسْلك، ويُصَحَّف بعُذَر، كذا في مُعْجَم ما اسْتَعجم⁣(⁣٥).

  * وممّا يُستدرك عليه:

  سِنُونَ غَدّارَةٌ، إِذا كَثُرَ مَطَرُهَا وقَلَّ نَباتُهَا، فَعّالَة من الغَدْر، أَي تُطمِعُهُم في الخِصْب بالمَطَرِ ثمّ تُخْلِفُ، فجَعلَ ذلك غَدْراً منها، وهو مَجاز.

  وفي الحديث: «أَنّه مَرَّ بأَرْضٍ⁣(⁣٦) غَدِرَة فسّمّاهَا خَضِرَة» كأَنّها كانت لا تَسْمَحُ بالنَّبَات، أَو تُنْبِت ثمّ تُسْرِع إِليه الآفَة، فشُبِّهَتْ بالغادِرِ لأَنّه لَا يَفِي.

  وقالوا: الذِّئْب غادِرٌ، أَي لا عَهْدَ له، كما قالوا: الذِّئب فاجِرٌ.

  وأَلقَتِ الناقَةُ غَدَرَها، محرَّكَةً، أَي ما أَغْدَرَتْه رَحِمُهَا من الدَّمِ والأَذَى.

  وأَلْقَتِ الشاةُ غُدُورَها، وهي بَقَايَا وأَقْذَاءٌ تَبْقَى في الرَّحِم تُلْقِيهَا بَعْد الوِلادَة.

  وبه غادِرٌ من مَرَضٍ، وغابِرٌ، أَي بَقِيَّة.

  وأَغْدَرَهُ: أَلْقاهُ في الغَدَرِ.

  وغَدِرَ فُلانٌ بَعْدَ إِخْوَته، أَي ماتُوا وَبَقِيَ هو.

  وغَدِرَ عن أَصْحَابه، كفَرِحَ: تَخَلَّفَ.


(١) في اللسان عن اللحياني «الأخاقيق» وزيد فيه: والجراثيم.

(٢) في التهذيب: «وأقلّ زلقَة وعثارَة» ومثله عن الأصمعي وسيرد قريباً.

(٣) زيادة عن التهذيب.

(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى «والغَيْدَرَةُ».

(٥) كذا، ولم ترد في معجم ما استعجم، وهي عبارة ياقوت في معجم البلدان.

(٦) في النهاية: «بأرضٍ يقال لها غدرة ..».