تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الغين المعجمة مع الراء

صفحة 327 - الجزء 7

  وقالَ ابنُ سِيدَه: الغَارَانِ: العَظْمَان اللَّذَانِ فِيهما العَيْنَانِ.

  وأَغَارَ الرَّجُلُ: عَجَّلَ في المَشْيِ وأَسْرَعَ؛ قالَهُ الأَصْمَعِيّ، وبه فسّر بَيت الأَعْشَى السابق⁣(⁣١).

  وأَغارَ: شَدَّ الفَتْلَ، ومنه: حَبْلٌ مُغَارٌ: مُحْكَمُ الفَتْلِ، وشديدُ الغَارَةِ، أَي شَدِيدُ الفَتْلِ.

  وأَغارَ: ذَهَبَ في الأَرْضِ، والاسمُ الغَارَة.

  وأَغارَ على القَوْم غارَةً وإِغارَةً. دَفَعَ عليهم الخَيْلَ، وقِيل: الإِغَارَةُ المَصْدَرُ، والغَارَةُ الاسْمُ من الإِغَارَةِ على العَدُوّ. قال ابنُ سيدَه: وهو الصَّحِيح. وأَغارَ على العَدُوِّ يُغِيرُ إِغارَةً ومُغَاراً، كاسْتَغارَ.

  وأَغارَ الفَرَسُ إِغَارَةً وغَارَةً: اشْتَدَّ عَدْوُهُ وأَسْرَعَ في الغَارَةِ وغَيْرِهَا، وفَرَسٌ مُغَارٌ: يُسْرِعُ العَدْوَ. وغَارَتُه: شِدَّةُ عَدْوِه. ومنه قولُه تعالَى: {فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً}⁣(⁣٢). قلتُ: ويُمْكن أَن يُفَسِّرَ به قَولُ الطِّرِمّاح السابقُ:

  أَحَقُّ الخَيْلِ بالرَّكْضِ المُغَارُ

  وأَغارَ فُلانٌ بِبَنِي فُلانٍ: جاءَهُمْ ليَنْصُرُوهُ ويُغِيثُوهُ، وقد يُعَدَّى بإِلَى، فيُقَال: جاءَهُم ليَنْصُرَهُمْ أَو لِيَنْصُروه، قاله ابنُ القَطّاع.

  ويُقَالُ: أَغارَ إِغَارَةَ الثَّعْلَبِ، إِذا أَسْرَع ودَفَعَ في عَدْوِه.

  ومنه قَوْلُهُم في حَدِيثِ الحَجّ: «أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِير» أَي نَنْفِر ونُسْرِع إِلى النَّحْرِ ونَدْفَع للحِجَارَة. وقال يَعْقُوبُ: الإِغَارَةُ هنا: الدَّفْع، أَي نَدْفَعُ للنَّفْرِ. وقيل: أَرادَ: نُغِيرُ على لُحُومِ الأَضاحي، من الإِغَارَة: النَّهْب. وقيلَ: نَدْخُلُ في الغَوْرِ، وهو المُنْخَفِض من الأَرْض، على لُغَةِ من قال: أَغَارَ، إِذا أَتَى الغَوْرَ.

  ورجلٌ مِغْوارٌ، بَيِّن الغِوَارِ، بكَسْرِهِمَا: مُقَاتِلٌ كَثِيرُ الغارَاتِ، وكذلك المُغَاوِرِ.

  وغَارَهُم الله تعالى يَغُورُهُم⁣(⁣٣) ويَغِيرُهُم غِيَاراً: مَارَهم، وبخَيْرٍ: أَصَابَهُم بخصْب ومَطَرٍ وسَقَاهُم، وبرِزْق: أَتاهُم. وغَارَهُمْ أَيضاً: نَفَعَهُم قاله ابنُ القَطَّاع. والاسْمُ الغِيرَة بالكَسْرِ، يائيّة وواويّة، وسيُذْكر في الياءِ أَيضاً، وهو مَجازٌ.

  وغارَ النَّهَارُ: اشْتَدَّ حَرُّه. ومنه: الغائرَةُ، قال ذُو الرُّمَّة:

  نَزَلْنا وقد غارَ النَّهَارُ وأَوقَدَتْ ... عَلَيْنا حَصَى المَعْزاءِ شَمْسٌ تَنَالُهَا

  ومن المَجَاز: اسْتَغْوَرَ الله تعالَى، أَي سَأَلَهُ الغِيرَةَ، بالكَسْر، أَنشد ثعلب:

  فلا تَعْجَلَا واسْتَغْوِرَا الله إِنّه ... إِذَا الله سَنَّى عَقْدَ شَيْءٍ تَيَسَّرَا

  ثم فَسَّره فقال: استَغْوِرَا، من الغِيرَة، وهي المِيرَة. قال ابنُ سِيدَه: وعِنْدِي أَنّ معناه اسْأَلُوا الخِصْبَ.

  وقد غارَ لَهُمْ غِياراً: مارَهُم ونَفَعهُم، وكذا غارَهُم غِيَاراً. ويقال: ذَهَبَ فلانٌ يَغِيرُ أَهلَه، أَي يَمِيرُهُم، ومن ذلك قولُهم: اللهُمَّ غُرْنَا، بكَسْرِ الغَيْنِ وضَمْها⁣(⁣٤) من يَغُور ويَغِيرُ، بِغَيْث. وكذا بخَيْر ومَطَرٍ: أَغِثْنا بِه وأَعْطنا إِيّاه واسْقِنا به، وسيُذْكَر في الياءِ أَيضاً.

  والغَائرَةُ: القَائلَةُ، والغائِرَةُ: نِصْفُ النَّهَار، من قولهم: غارَ النَّهارُ، إِذا اشْتَدَّ حَرُّه.

  والتَّغْويرُ: القَيْلُولَةُ. وغَوَّرَ تَغْوِيراً: دَخَلَ فيه، أَي نِصْف النَّهَارِ. ويُقال أَيضاً: غَوَّرَ تَغْوِيراً، إِذا نَزَلَ فِيه للقائِلَة. ومن سَجَعَات الأَساس: غَوَّرُوا [ساعَةً]⁣(⁣٥) ثُمّ ثَوَّرُوا⁣(⁣٦). قال جَرِيرٌ:

  أَنَخْنَ لتَغْوِير وقدْ وَقَدَ الحَصَى ... وقالَ النَّعُوسُ نَوَّرَ الصُّبْحُ فاذْهَبِ


(١) يريد قوله: ...

أغار لعمري في البلاد وأنجدا

(٢) سورة العاديات الآية ٣.

(٣) في القاموس: وغارهم الله تعالى بخير يغورهم ..»

(٤) بالأصل «وفتحها» وما أثبتناه يوافق ما جاء في اللسان (غير): يقال: اللهم غِرنا بخير، وغُرنا بخير.

(٥) زيادة عن الأساس، وقد نبه إليها بهامش المطبوعة المصرية.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ومن سجعات الأساس ... ثم ثوروا أي نزلوا وقت القائلة، قال جرير:

أنخن لتغوير وقد وقد الحصى ... وذاب لعاب الشمس فوق الجماجم

وتقول: غارت عينك غؤوراً وغار ماؤك غوراً. وغار نجمك غياراً وتغور: قال لبيد:

سريت بهم حتى تغور نجمهم ... وقال النعوس نور الصبح فاذهبِ

اهـ ومنه تعلم ما في كلام الشارح».