فصل النون مع الراء
  والنَّقْرُ، أَيضاً: صُوَيتُ يُسْمَعُ من قَرْعِ الإِبْهَامِ على الوُسْطَى، وهو مَجازٌ. وفي حديث ابن عَبّاس: «في قوله تعالى: {وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً}(١) وَضَع طَرَفَ إِبْهَامِه على باطنِ سَبَّابَته ثم نَقَرَها وقال: هذا النَّقِير».
  ومن المَجَاز: نَقَّرَ باسْمِه تَنْقِيراً: سَمّاه مِنْ بَيْنِهِم، وكذلك انْتَقَرَه، إِذا سَمَّاه من بين الجَمَاعة.
  وانْتَقَرَهُ: اخْتَارَهُ، قيل: ومنه دَعْوَةُ النَّقَرَى(٢).
  ومن المَجَاز: انْتَقَر الشّيْءَ، إِذا بَحَثَ عَنْهُ، كنَقَّرَهُ تَنْقيراً ونَقَّرَ عَنْهُ وتَنَقَّرَهُ. والتَّنْقِير عن الأَمْرِ: البحثُ عنه والتَّعرُّف، وفي حديث ابن المُسيّب «بَلَغَهُ قولُ عِكْرِمَةَ في الحِينِ أَنّه ستةُ أَشْهر فقال: انْتَقَرَها عِكْرِمَةُ»، أَي استَنْبَطَهَا من القرآن.
  قال ابنُ الأَثير: هذا إِنْ أَراد تصديقَه، وإِنْ أَرادَ تَكْذِيبَه فمعناه أَنّه قَالَهَا من قِبَلِ نَفْسِه واخْتَصّ بها.
  وأَنْقَرَ عَنْهُ إِنْقَاراً: كَفَّ، ويُقَال: ضَرَبَه فما أَنْقَرَ عنه حتى قَتَلَه، أَي ما أَقْلَع عنه، ومنه حديث ابنِ عَبّاس: «ما كانَ الله ليُنْقِرَ عن قاتِلِ المُؤْمِن»، أَي ما كان الله لِيُقْلِعَ ولِيَكُفّ عنه حتى يُهْلِكه، ومنه قول ذُؤَيبِ بن زُنَيْمٍ الطُّهَوِيّ:
  لَعَمْرُك مَا وَنَّيْتُ في وُدِّ طَيِّئٍ ... وما أَنَا عن شيءٍ عَنَانِي بِمُنْقِرِ(٣)
  ونَقِرَ عليه، كفَرِحَ، يَنْقَر نَقَراً: غَضِبَ والنَّقِرُ: الغَضْبان، ويقال: هو نَقِرٌ عليك.
  ونَقِرَت الشّاةُ نَقَراً: أَصابَتْها النُّقَرَةُ، كهُمَزَة، وهي داءٌ يُصيب الغَنَمَ والبَقَرَ في أَرْجُلِهَا فتَرِمُ منه بُطُونُ أَفخاذِهَا وتَظْلَعُ. وقيل: هو الْتِوَاءُ العُرْقُوبَيْن. وقال ابنُ السِّكِّيت: داءٌ يأْخُذ المِعْزَى في حَوافِرِهَا(٤) وفي أفْخاذها فيُلْتَمَسُ في مَوضعه فيُرَى كأَنَّهُ وَرَمٌ فيُكْوَى، فيُقَال: بها نُقَرَةٌ. وعَنْزٌ نَقِرَةٌ. وفي الصّحَاح: النُّقَرَةُ: داءٌ يأْخُذ الشاةَ في جُنُوبِها، قال المَرّار العَدَوِيّ:
  وحَشَوْتُ الغَيْظَ في أَضلاعِه ... فَهْوَ يَمْشِي حَظَلاناً(٥) كالنَّقِرْ
  وفي تهذيب ابنِ القَطّاع: داءٌ يأْخذُها في بُطون أَفخاذها يَمْنَعُهَا المَشْيَ، قال: وقد يَعْتَرِي ذلك النَّاسَ.
  والنَّاقِرَةُ: ع بين مَكَّة والبَصرة.
  والنَاقِرَةُ: الدَّاهِيَةُ، والجمْع النَّوَاقِرُ، ويُقَال: رَماه الدَّهْرُ بنَاقِرةٍ ونوَاقِرَ، وهو مَجاز، ويقال: نَعوذ بالله من العَوَاقِرِ والنَّوَاقِرِ، وقد تقدّم ذِكْرُ العواقِر. والناقِرَةُ: الحُجَّةُ والمُصِيبَةُ، هكذا بواوِ العَطْفِ بينهما، وصوابُه: الحُجَّةُ المُصِيبَةُ، وجَمْعُها النَّوَاقِرُ، وهو مجاز. على أَنّه سيأْتي في كلام المصنّف ذِكرُ النَّوَاقِر وقال هُنَاك: الحُجَجُ المُصِيباتُ.
  وهو يَدُلّ على ما قُلْنَا، ولو ذَكرَهما في محلٍّ وَاحدٍ كان أَخْصَر.
  ومن المَجاز: يقال: ما أَثابَهُ نَقْرَةً، بالفَتْح، كما هو مضبوط في النُّسَخ، وقيل بالضَّمّ، ويدلُّ لذلك قول المصنِّف في البَصَائِرِ والزّمَخْشَرِيّ في الأَساس(٦): وأَصلُهَا النُّقْرَة التي في ظَهْرِ النّوَاة. وقد تقدّم أَنّهَا بالضّم، أَي شَيْئاً.
  وفي البَصَائر: أَي أَدْنَى شَيءٍ. لا يُسْتَعْمَل إِلّا في النَّفْيِ، قال الشاعر:
  وهُنَّ حَرًى أَن لا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً ... وأَنْتَ حَرًى بالنّارِ حينَ تُثِيبُ
  ومن المَجَاز: النّاقِرُ: السَّهْمُ إِذا أَصابَ الهَدَفَ، وإِذا لم يَكُن صائباً فليس بناقِر. يقال: رَمَى الرّامِي الغَرَضَ فنَقَرَه، أَي أَصابَه ولم يُنْفِذْه، وهي سِهَامٌ نَوَاقِرُ: مُصِيبَةٌ، وأَنشدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ:
  خَوَاطِئاً كأَنّهَا نَوَاقِرُ
  أَي لم تُخْطِئْ إِلّا قَرِيباً من الصّوَاب.
  والمُنْقِرُ، كمُحْسِن: اللَّبَنُ الحامِضُ جِدًّا، نقله
(١) سورة النساء الآية ١٢٤.
(٢) يعني إذا دعا بعضاً دون بعض، ينقر باسم الواحد بعد الواحد. قال الأصمعي: إذا دعا جماعتهم قال: دعوتهم الجفلى. عن اللسان.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وما أنا عن شيء عناني، الذي في اللسان تبعاً للجوهري: وما أنا عن أعداء قومي. قال الصاغاني: والرواية: وما أنا عن شيء عناني اهـ» وفي التهذيب: وما أنا عن أعداء قومي. ولم ينسبه.
(٤) الأصل واللسان، وفي التهذيب: خواصرها.
(٥) عن التهذيب، وبالأصل «خضلانا».
(٦) ضبطت في الأساس، بالقلم، بالفتح، كالأصل.