تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الموحدة

صفحة 357 - الجزء 1

  جُدُوبٌ، وقد قالُوا: أَرَضُونَ جُدُوبٌ، كأَنَّهُم جعلُوا كلّ جُزْءٍ منها جَدْباً ثم جمعوه على هذا، وأَرَضُونَ جَدْبٌ كالواحد، فهو على هذا وصفٌ للمصدر، والذي حكاه اللحيانيّ: أَرْضٌ جُدُوبٌ، وقَدْ جَدُبَ المَكَانُ كَخَشُنَ، جُدُوبَةً، وجَدَبَ، بالفتح، وأَجْدَبَ رُبَاعِيًّا، والأَجْدَبُ: اسمٌ للمُجْدِب، كذا في المحكم، وعَامٌ جُدُوبٌ وأَرْضٌ جُدُوبٌ، وفلانٌ جَدِيبُ الجَنَابِ، وأَجْدَبَتِ السَّنَةُ: صَارَ فيهَا جَدْبٌ.

  وَجَادَبَتِ الإِبلُ العَامَ مُجَادَبَةً إِذَا كانَ العَامُ مَحْلاً فصارتْ لا تأْكل إِلَّا الدَّرِينَ الأَسْوَدَ، دَرِينَ الثُّمَامِ، فيقال لهَا حينَئذٍ: جَادَبَتْ⁣(⁣١)، وفي المحكم: في الحَدِيثِ وكَانَتْ فِيهِ، وفي نسخة: فيها: ومثلُه في المحكم أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ المَاءَ، قِيلَ: هي جَمْعُ أَجْدُبٍ الذي هو جَمْعُ جَدْبِ بالسكون كأَكَالِبَ وأَكْلُبٍ وكَلْبٍ، قال ابن الأَثير في تفسير الحديث: الأَجَادبُ: صِلَابُ الأَرْض التي تُمْسِكُ المَاءَ⁣(⁣٢) ولا تَشْرَبُه سريعاً، وقيل: هي الأَرْضُ التي لا نَبَاتَ بها، مأْخوذٌ من الجَدْبِ وهو القَحْطُ، قال الخَطَّابِيُّ: وأَمَّا أَجَادبُ فهو غَلَطٌ وتَصْحيفٌ، وَكَأَنَّه يُرِيدُ أَنَّ اللَّفْظةَ أَجَارِدُ بالرَّاءِ والدَّالِ، قال: وكذلك ذَكَره أَهْلُ اللغَةِ والغَرِيبِ، قال: وقد رُوِي أَحَادِبُ، بالحَاء المُهْمَلَةِ، قال ابنُ الأَثيرِ: والذي جاءَ في الرِّوَايَة أَجَادِبُ بالجيم، قال: وكذا جاءَ في صَحِيحَيِ البُخَارِيِّ ومُسْلِمٍ، انتهى، قال شيخُنَا: قلتُ: أَي فَلَا يُعْتَدُّ بغيرِه، ولا تُرَدُّ الرِّوَاية الثابتةُ الصحيحةُ بِمُجَرَّدِ الاحتمالِ والتَّخْمِينِ، ثم نَقَل عن عِيَاض في المَشَارِق، وتَبِعَه تلميذُه ابنُ قَرَقُول في المطالع: أَجَادِبُ، كذا رَوَيْنَاه في الصَّحِيحَينِ بدال مهملةٍ بلا خِلَافٍ، أَي أَرْضٌ جَدْبَة غَيْرُ خِصبَةٍ، قالُوا: هو جَمْعُ جَدْب، على غيْرِ قِياسٍ، كمَحَاسِنَ، جَمْع حَسَنٍ، ورَوَى الخَطَّابيُّ: أَجَاذِبُ، بالذال المعجمة، وقال بعضهم: أَحَازِبُ بالحاء والزَّاي ولَيْسَ بِشَيْءٍ، ورواهُ بعضُهُمْ: إِخَاذَاتٌ، جَمْعُ إِخَاذَةٍ، بكسر الهمزة بعدها خاءٌ معجمة مفتوحة خفيفة وذال معجمة، وهي الغُدْرَانُ التي تُمْسكُ ماءَ السماءِ، ورواهُ بعضُهُم: أَجَارِدُ، أَي مواضعُ مُتَجَرِّدَةُ من النَّبَاتِ جَمْعُ أَجْرَدَ، انتهى كلامُ شيخنا.

  وفي المحكم: فَلَاةٌ جَدْبَاءُ: مُجْدِبَةٌ ليس⁣(⁣٣) بها قليلٌ ولا كثيرٌ ولا مَرْتَعٌ ولا كَلأُ قال الشاعر:

  أَوْ فِي فَلاً قَفْرٍ مِنَ الأَنِيسِ ... مُجْدبَة جَدْبَاءَ عَرْبَسيس⁣(⁣٤)

  وأَجْدَبَتِ الأَرْضُ فهي مُجْدِبَةٌ، وجَدُبَتْ.

  والمجْدَابُ، كمِحْرَابٍ: الأَرْض التي لا تَكَادُ تُخْصِبُ، كالمِخْصَاب وهي الأَرْضُ التي لا تكادُ تُجْدبُ، وفي حَدِيثِ الاسْتِسْقَاءِ: «هَلَكَت المَوَاشِي وأَجْدَبَت البِلَادُ» أَي قَحطَتَ وغَلَتِ الأَسعار.

  وجِدَبٌّ: كَهِجَفٍّ وجَدَبٌّ⁣(⁣٤) في قول الراجز مما أَنشده سيبويه:

  لَقَدْ خَشيت أَنْ أَرَى جَدَبَّا ... في عَامنَا ذَا بَعْدَ مَا أَخْصَبَّا

  فحَرَّكَ الدَّالَ بحَرَكة البَاءِ وحذَف الأَلِفَ، اسمٌ لِلْجَدْبِ بمعنى المَحْلِ. في المحكم: قال ابنُ جِنِّي: القَوْلُ فيه أَنَّهُ ثَقَّلَ [البَاء]⁣(⁣٥) كَمَا ثَقَّلَ اللَّامَ في عَيْهَلّ، في قوله:

  بِبَازِلٍ وَجَناءَ أَوْ عَيْهَلِّ

  فلم يُمْكنْه ذلك حتى حَرَّكَ الدَالَ لما كانت ساكنةً لا يَقَعُ بعدَها المُشَدَّدُ ثم أَطْلَق كإِطلاقِه عَيْهَلّ ونحوها، ويُروَى أَيْضاً: جَدْبَبَّا، وذلك أَنه أَراد تَثْقِيلَ البَاءِ، والدَّالُ قبلها ساكنةٌ، فلم يُمْكنه ذلك، وكَرِهَ أَيضاً تَحْرِيكَ الدَّالِ، لأَنَّ في ذلك انْتقَاضَ الصِّيغَةِ، فَأَقَرَّهَا على سُكُونِهَا، وزادَ بعدَ البَاءِ بَاءً أُخْرَى مُضَعَّفَةً لإِقامةِ الوَزْن، وهذه عبارة المحكم، وقد أَطَالَ فيها فراجِعْه، وأَغْفَلَه شيخُنا.

  ومَا أَتَجَدَّبُ أَنْ أَصْحَبَكَ أَي مَا أَسْتَوْخِمُ، نقله الصاغانيُّ.

  وأَجْدَابِيَّةُ بتشديد الياءِ التحتية، لأَنَّ اليَاءَ للنسبة،


(١) هو قول ابن السكيت قاله في الصحاح.

(٢) النهاية واللسان: «فلا».

(٣) في اللسان: «والجَدْبَة: الأرض التي ليس ...».

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «العربسيس متن مستوٍ من الأرض ويوصف به فيقال أرض عربسيس كذا في اللسان اه».

(٥) زيادة عن اللسان.