تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الموحدة

صفحة 388 - الجزء 1

  لِأَعْرابيٍّ: يا مُصابُ، فَقَالَ: أَنْتَ أَصْوَبُ مِنِّي، والأَصْلُ: الإِصابةُ مِنْ صَاب يَصُوبُ إِذا قَصَد.

  والجوائِبُ: الأَخْبارُ الطَّارِئَةُ لِأَنَّهَا تَجُوبُ البِلَاد وقَوْلُهُمْ: هلْ⁣(⁣١) مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبرٍ هَلْ مِنْ جائِبةِ خبرٍ أَي طَريفَةٍ خَارِقَةٍ⁣(⁣٢) أَو خَبرٍ يجُوبُ الأَرْضَ من بلَدٍ إِلى بلَدٍ، حكاه ثعلبٌ بالإِضافة قال الشاعر:

  يَتَنَازَعُونَ جوائِب الأَمْثَالِ

  يعْنِي سوائِرَ تَجُوبُ البِلَادَ

  وجَابَةُ المِدْرَى من الظِّباءِ بلا همْزٍ، وفي بعض النسخ الجَابةُ المِدْرَى لُغَةٌ في جَأْبتِه أَي المِدْرَى بالهمْزِ أَي حِينَ جابَ قَرْنُهَا، أَي قَطَع اللَّحْمَ وطَلَع، وقِيلَ: هي الملْساءُ اللَّيِّنَةُ القُرُونِ⁣(⁣٣)، فإِن كان⁣(⁣٤) كذلك ليس لها اشتقاقٌ، وفي التهذيب عن أَبي عبيدةَ: جَابةُ المِدْرَى مِن الظِّباء، غيرُ مهموزٍ: حين طَلَعَ قَرْنُه، وعن شَمِرٍ: جَابةُ المِدْرَي [أَي جائبتُه]⁣(⁣٥) حينَ جابَ قَرْنُهَا الجِلْدَ وطَلَعَ، وهو غِيْرُ مهموز، وقد تَقَدَّم طَرَفٌ من ذلك في درأَ فراجعْ.

  وانْجابَتُ النَّاقَةُ: مَدَّتْ عُنُقَهَا لِلْحَلْب كأَنها أَجابتْ حالِبَها على⁣(⁣٦) إِناء، قال الفراءُ: لمْ نَجِدِ انْفَعَل مِنْ أَجاب⁣(⁣٦)، قال أَبو سعيد: قال [لي]⁣(⁣٥) أَبو عمرِو بنُ العلاءِ: اكْتُبْ لِي الهَمْزَ، فكَتَبْتُهُ لَهُ، فقالَ لِي: سَلْ عنِ انْجابتِ النَّاقَةُ، أَمهْمُوزٌ أَمْ لَا؟ فَسأَلْتُ فلَمْ أَجِدْهُ مهْمُوزاً.

  وقَدْ أَجَابَ عن سُؤَالِهِ وأَجَابَه واسْتَجْوَبَه واسْتَجَابَه واسْتَجَابَ لَهُ قال كَعْبُ بنُ سَعْدٍ الغَنَوِيُّ يَرْثِي أَخَاهُ أَبَا المِغْوَارِ:

  وَدَاعٍ دَعَايَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النَّدَا ... فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ

  فَقُلْتُ ادْعُ أُخْرَى وارْفَعِ الصَّوْتَ رَفْعَةً ... لَعَلَّ أَبَا المِغْوَارِ مِنْكَ قَرِيبُ

  والإِجَابَةُ والاسْتِجَابَةُ بِمَعْنًى، يقالُ: اسْتَجَابَ اللهُ دُعَاءَه، والاسْمُ: الجَوَابُ، وقد تقدَّم بقيّةُ الكلامِ آنِفاً.

  والمُجَاوَبةُ والتَّجَاوُبُ: التَّجَاوُزُ⁣(⁣٧): وتَجَاوَبُوا: جَاوَبَ بعضُهُمْ بَعْضاً واستعملَه بعضُ الشُّعَرَاءِ في الطَّيْرِ فقالَ جَحْدَرٌ:

  وَمِمَّا زَادَنِي فَاهْتَجْتُ شَوْقاً ... غِنَاءُ حَمَامَتَيْنِ تَجَاوَبَانِ⁣(⁣٨)

  تَجَاوَبَتَا بِلَحْنٍ أَعْجَمِيٍّ ... عَلَى غُصْنَيْنِ مِنْ غَرَبٍ وبَانِ

  واستعملَه بعضُهم في الإِبِلِ والخَيْلِ فقالَ:

  تَنَادَوْا بِأَعْلَى سُحْرَةٍ وتَجَاوَبَتْ ... هَوَادِرُ في حَافَاتِهِمْ وصَهِيلُ

  وفي حديث بِنَاءِ الكَعْبَةِ «فَسَمِعْنَا جوَاباً مِنَ السَّمَاءِ فإِذَا بِطَائِرٍ أَعْظَمَ مِنَ النَّسْرِ» الجَوَابُ: صَوْتُ الجَوْبِ وهو انْقِضَاضُ الطَّيْرِ، وقولُ ذِي الرُّمَّةِ:

  كَأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلَا مُقْطِفٍ عَجِلٍ ... إِذَا تَجَاوَبَ مِنْ بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ

  أَرَادَ «تَرْنِيمَانِ» تَرْنِيمٌ مِن هذَا الجَنَاح وترنيم من هذا الآخَرِ، وفي الأَساس: ومِنَ المَجَازِ: وكَلَامُ فلانٍ مُتَنَاسِبٌ مُتَجاوِبٌ، ويَتَجَاوَبُ أَوّلُ كَلَامِهِ وآخِرُهُ⁣(⁣٩).

  والجَابَتَانِ: مَوْضِعَانِ قال أَبو صَخر الهذليّ:

  لِمَنِ الدِّيَارُ تَلُوحُ كالوَشْمِ ... بِالجَابَتَيْنِ فَرَوْضَةِ الحَزْمِ

  وجَابَانُ اسمُ رَجُل كُنْيَتُهُ: أَبُو مَيْمُونٍ، تَابِعِيٌّ يَرْوِي عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ، أَلِفُه مُنْقَلِبَةٌ عن واوٍ، كَأَنَّهُ جَوَبَانُ فقُلبَتِ الوَاوُ قَلْباً لِغَيْرِ عِلَّة وإِنّمَا قِيلَ [فيه]⁣(⁣٩) إِنَّهُ فَعَلَانُ ولم يُقْلَ فيه إِنَّه فَاعَالٌ من ج ب ن لقول الشاعر:


(١) اللسان: هل جاءكم.

(٢) اللسان: طريقة.

(٣) اللسان: القرن.

(٤) اللسان: فإن كان على ذلك، فليس.

(٥) عن اللسان.

(٦) عبارة اللسان: على أنّا لم نجد انفعل من أجاب.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله التجاوز كذا بخطه والصواب التحاور كما في الصحاح» وفي اللسان أيضاً: التحاور.

(٨) قوله غناء، في بعض نسخ المحكم بكاء.

(٩) عن اللسان.