تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة

صفحة 400 - الجزء 1

  فاعِل تُبَلِّغُنِي، وقال السُّكَّرِيُّ: الحَبَاحِبُ: السَّرِيعَةُ الخَفِيفَةُ، قال يَصِفُ جِبَالاً كأَنَّهَا قُرِّنَتْ لِتَقَارُبِهَا.

  والحَبَاحِبُ: د أَو موضعٌ.

  ومن المجاز: فُلانٌ بَغِيضٌ إِلى كُلِّ صَاحِب، لَا يُوقِدُ إِلَّا نَارَ الحُبَاحِب⁣(⁣١). والحُبَاحِبُ بالضَّمِّ: ذُبَابٌ يَطِيرُ باللَّيْلِ كأَنَّهُ نَارٌ لَهُ شُعَاعٌ كالسِّرَاجِ وهو⁣(⁣٢) مَثَلٌ في النَّكَدِ وقِلَّةِ النَّفْعِ، كما في الأَساس، قال النابغةُ يَصِفُ السُّيُوفَ:

  تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ المُضَاعَفَ نَسْجُهُ ... وتُوقِدُ بالصُّفَّاحِ نَارَ الحُبَاحِبِ

  وفي «الصحاح»: ويُوقِدْنَ، والصُّفَّاحُ: حَجَرٌ عَرِيضٌ ومِنْهُ نَارُ الحُبَاحِبِ وعن الفرّاءِ: يقال للخيل إِذا أَوْرَتِ النَّارِ بحَوَافِرِهَا: هِيَ نَارُ الحُبَاحِبِ أَو هِيَ أَي نارُ الحُبَاحِب: مَا اقْتَدَحَ مِنْ شَرَرِ النَّارِ في الهَوَاءِ من تَصَادُمِ الحِجَارَةِ، أَو كَان الحُبَاحِبُ رَجُلاً مِنْ أَحْيَاءِ العَرَب، وكانَ من أَبْخَلِ النَّاسِ فَبَخِلَ حتَّى بلَغَ به البُخْلُ أَنَّه كان لَا يُوقِدُ نَاراً بلَيْل⁣(⁣٣)، فإِذَا انْتَبَهَ مُنْتَبِهٌ لِيَقْتَبِسَ منهَا أَطْفَأَهَا، فكذلك ما أَوْرَتِ الخَيْلُ لَا يُنْتَفَعُ بهِ، كَمَا لا يُنْتَفعُ بنارِ الحُبَاحِبِ، قاله الكَلْبِيُّ، أَو كَانَ أَبُو حُبَاحِبٍ رَجُلاً مِنْ مُحَارِب خَصَفَةَ وكَانَ بَخِيلاً لَا يُوقِدُ نَارَهُ إِلَّا بالحَطَبِ الشَّخْتِ لِئَلَّا تُرَى وقِيلَ: اسمُه حُبَاحِبٌ فضُرِبَ بِنَارِهِ المَثَلُ، لأَنَّه كان لا يُوقِدُ إِلَّا ناراً ضَعِيفةً مَخَافَةَ الضِّيفَانِ، فَقَالُوا: نَارُ الحُبَاحِبِ لِمَا تَقْدَحُه الخيلُ بحوافرِهَا، قال الجوهريُّ: ورُبَّما قالوا: نَارُ أَبِي حُبَاحِبٍ: وهو ذُبَابٌ يَطِيرُ بالليلِ كأَنَّه نارٌ، قال الكُمَيْتُ وَوَصَفَ السُّيُوفَ:

  يَرَى الرَّاؤُونَ بالشَّفَرَاتِ مِنْهَا ... كَنَارِ أَبِي حُبَاحِبَ والظُّبِينَا⁣(⁣٤)

  وإِنَّما تَرَكَ الكُمَيْتُ صَرْفَه لأَنَّه جَعَلَ حُبَاحِبَ اسْماً لِمُؤَنَّثٍ، أَو هِيَ مُشْتَقَّةٌ من الحَبْحَبَةِ التي هي الضَّعْفُ، قاله ابنُ الأَعْرَابيّ، أَوْ هِيَ أَي نَارُ حُبَاحِب ونَارُ أَبِي حُبَاحِبٍ: الشَّرَرَةُ التي تسْقُطُ مِنَ الزِّنَادِ⁣(⁣٥) قال النابغة:

  أَلَا إِنَّمَا نِيرَانُ قَيْسٍ إِذَا شَتَوْا ... لِطَارِقِ لَيْلٍ مِثْلُ نَارِ الحُبَاحِبِ

  قال أَبو حنيفةَ: لَا يُعْرَفُ حُبَاحِبٌ وَلَا أَبُو حُبَاحِبٍ، وقال: ولم، نَسْمَعْ فيه عن العربِ شيئاً، قال: ويَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّه اليَرَاعُ، واليَرَاعُ: فَرَاشَةٌ إِذا طَارَتْ في الليل لمْ يَشُكَّ مَنْ لمْ يَعْرِفْهَا أَنَّهَا شَرَرَةٌ طارَتْ عن نارٍ، وقالَ أَبُو طَالِبٍ يَحكي عن الأَعْرَابِ: إِنَّ الحُبَاحِبَ: طَائِرٌ أَطْوَلُ منَ الذُّبَابِ فِي دِقَّةٍ، يَطِيرُ فِيمَا بَيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ، كأَنَّه شَرَارَةٌ، قال الأَزهريُّ: وهذا معروفٌ، وقولُه:

  يُذْرِينَ جَنْدَلَ حَائِرٍ لِجُنُوبِهَا ... فَكَأَنَّمَا تُذْكِي سَنَابِكُهَا الحُبَا

  إِنَّمَا أَرَادَ الحُبَاحِبَ، أَي نَارَ الحُبَاحِب، يَقُولُ تُصِيبُ بالحَصَى في جَرْيِهَا⁣(⁣٦) جُنُوبَهَا، ورُبَّمَا جَعَلُوا الحُبَاحِبَ اسْماً لِتِلْكَ النَّارِ قال الكُسَعِيُّ:

  مَا بَالُ سَهْمِي تُوقِدُ الحُبَاحِبَا⁣(⁣٧) ... قَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَائِباً

  وأُمُّ حُبَاحِبٍ: دُوَيْبَّةٌ كالجُنْدَبِ تَطِيرُ، صَفْرَاءُ خَضْرَاءُ رَقْطَاءُ، بِرَقَطِ صُفْرَةٍ وخُضْرَةٍ، ويقولونَ إِذَا رَأَوْهَا: بُرْدَىْ يا حُبَاحِبُ⁣(⁣٨) فَتَنْشُر جَنَاحَيْهَا وهُمَا مُزَيَّنَانِ بِأَحْمَرَ وأَصْفَرَ. وحَبْحَبٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ قال النابِغَة:

  فسَاقَانِ فالحُرَّانِ فالصِّنْعُ فالرَّجَا ... فَجَنْبَا حِمًى فالخَانِقَانِ فَحَبْحَبُ

  وحُبَاحِبٌ: اسْمُ رَجُل قال:

  لَقَدْ أَهْدَتْ حُبَابَةُ بِنْتُ حَلٍّ⁣(⁣٩) ... لِأَهْلِ حُبَاحِبٍ حَبْلاً طَوِيلاً


(١) وكان لا يوقد إلا ناراً صعيفة مخافة الضيفان قاله الجوهري.

(٢) الأساس: «وهي» يعني نار الحباحب.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله لا يوقد نار كذا بخطه والذي في الصحاح: كان لا يوقد إلا ناراً ضعيفة اه ويؤيده العبارة الآتية قريباً» انظر الحاشية قبل السابقة.

(٤) بالشفرات يعني شفرات السيوف. وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله كنار الخ هكذا أنشده الجوهري وتعقبه في التكملة قائلاً؛ والرواية وقود أبي حباحب والطبينا اه».

(٥) في اللسان - وعن أبي حنيفة: الشرر الذي يسقط من الزناد.

(٦) عن اللسان، وبالأصل «حربها».

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله توقد كذا بخطه والذي في الصحاح يوقد بالياء وهو الصواب».

(٨) في اللسان: أخرجي بردي أبي حباحب.

(٩) في اللسان: بنت جلّ.