تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل القاف مع الصاد

صفحة 345 - الجزء 9

  فما قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ ... قَفَا سَلْعٍ بمُخْتَلَفِ التِّجارِ

  يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدٌ من سُلَيْمٍ ... وبِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الظُّؤَارِ⁣(⁣١)

  أَرَادَ بالقَلائِصِ هُنَا النِّسَاءَ، ونَصَبَهَا على المَفْعُول بإِضْمَار فِعْلٍ، أَي تَدَارَكْ قلائِصَنَا، وهِيَ في الأَصْلِ جَمْعُ قَلُوصٍ، للنَّاقَةِ الشَّابَّة. فقال عُمَرُ - رَضِيَ الله تعالَى عنه -: ادْعُوا إِلَيَّ جَعْدَةَ. فأُتِيَ به فجُلِدَ مَعْقُولاً. قال سَعِيدُ بنُ المُسَيِّبِ: إِنّي لَفِي الأُغَيْلِمَة الَّذِين يَجُرُّونَ جَعْدَةَ إِلى عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه.

  ومن أَمْثَالِهِم: «آخِرُ البَزِّ عَلَى القَلُوصِ»، يَأْتي بَيَانُه في «خ ت ع».

  وقال ابنُ السِّكّيت: أَقْلَصَ البَعِيرُ: ظَهَرَ سَنَامُه شَيْئاً وارْتَفَعَ. وقال ابْنُ القَطَّاع: أَقْلَصَ السَّنَامُ: بَدَأَ بالخُروجِ.

  قال:

  إِذا رَآهُ فِي السَّنَامِ أَقْلَصَا

  وقال غَيْرُهُمَا: وكَذلِكَ النَّاقَةُ، وهي مِقْلاصٌ. وقيل: أَقْلَصَتِ النَّاقَةُ: سَمِنَتْ في الصَّيْفِ. ونَاقَةٌ مِقْلاصٌ، إِذا كانَ ذلِكَ السِّمَنُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْهَا في الصَّيْف. وقِيلَ: القَلْصُ والقُلُوصُ: أَوَّلُ سِمَنِها. وقال الكِسَائِيُّ: إِذا كانَتِ النَّاقَةُ تَسْمَنُ وتُهْزَلُ في الشِّتَاءِ فهي مِقْلاصٌ أَيضاً. أَو أَقْلَصَتْ، إِذا غَارَتْ وارْتَفَعَ لَبَنُهَا. وأَنْزَلَت، إِذا نَزَلَ لَبَنُها.

  وقَلَّصَتِ الإِبِلُ في سَيْرِهَا تَقْلِيصاً: شَمَّرَتْ، وقِيلَ: اسْتَمَرَّت⁣(⁣٢) في مُضِيِّهَا. قال أَعرابيٌّ:

  قَلِّصْنَ والْحَقْنَ بِدِبْثَا والأَشَلّ

  يُخَاطِبُ إِبِلاً يَحْدُوهَا.

  ومِقْلاصٌ، كمِفْتَاح: جَدُّ وَالِدِ عَبْدِ العَزِيز بنِ عِمْرَانَ بْنِ أَيُّوبَ الفَقِيهِ الإِمَامِ⁣(⁣٣)، من أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيّ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ، مَشْهُورٌ. تَرْجَمَه الخَيْضَرِيُّ وغَيْرُهُ في الطَّبَقَات، وكَانَ من أَكَابِرِ الأَئِمَّةِ المَالِكِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَى الشَّافِعِيَّ انْتَقَلَ إِلَيْهِ وَتَمَذْهَبَ بمَذْهَبِه.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه:

  القُلُوصُ: التَّدَانِي وانْضِمَامُ والانْزِوَاءُ، وكذلِكَ التَّقَلُّص والتَّقْلِيص.

  قال ابنُ بَرِّيٍّ: قَلَصَ قُلُوصاً: ذَهَبَ. قال الأَعْشَى:

  وأَجْمَعْتَ مِنْهَا لِحَجٍّ قُلُوصَا⁣(⁣٤)

  وقال رُؤْبَةُ:

  قَلَّصْنَ تَقْلِيصَ النَّعَامِ الوَخَّادْ

  والقَالِصُ: البائنُ. أَنْشَدَ ثَعْلَب:

  وعَصَب عَنْ نَسَوَيْهِ قَالِص

  قال: يُرِيدُ أَنَّهُ سَمِينٌ فَقَد بانَ مَوْضِعُ النَّسَا⁣(⁣٥).

  وبِئْرٌ قَلُوصٌ: لَهَا قَلَصَةٌ، والجَمْعُ قَلائصُ.

  والقَلْصُ: كَثْرَةُ الماءِ، وقِلَّتُه، ضِدُّ. وقال أَعْرَابِيُّ: فما وَجَدْتُ فيها إِلاَّ قَلْصَةً من الماءِ. بالفَتْح، أَي قَلِيلاً.

  وقَلَصَتِ البِئْرُ، إِذا ارْتَفَعَتْ إِلَى أَعْلاها. وقَلَصَتْ، إِذا نَزَحَتْ.

  وقال شَمِرٌ: القَالِصُ من الثِّيَابِ: المُشَمَّرُ القَصِيرُ. و في حَدِيثِ عائشَةَ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهَا: «فقَلَصَ دَمْعِي حَتَّى ما أُحِسُّ مِنْه قَطْرَةً» أَي ارْتَفَعَ وذَهَبَ. يُقَالُ: قَلَصَ الدَّمْعُ، مُخَفَّفاً، وإِذا شُدِّد فلِلْمُبَالَغة⁣(⁣٦)، وكُلُّ شَيْءٍ ارْتَفَع فذَهَبَ فقَد قَلَّص تَقْلِيصاً، وظِلٌّ قالِصٌ: نَاقِصٌ. وقَلَصَ الضَّرْعُ: اجْتَمَع. والقَلْصُ والنَّزْلُ اسْمَانِ من أَقْلَصَتِ النَّاقة وأَنْزَلَتْ، إِذا غَارَتْ أَوْ نَزَلَ لَبَنُهَا. ومنه قَوْلُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ رِبْعٍ⁣(⁣٧) الهُذَلِيّ:

  فقَلْصِي ونَزْلِي قد وَجَدْتُم حَفيلَهُ ... وشَرِّى لَكُمْ ما عِشْتُمُ ذُو دَغَاوِلِ


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: جعد من سليم، كذا في التكملة، والذي في اللسان: جعد شيظمي» وفي التكملة المطبوع: جعد شيظمي، وفي التهذيب: جَعْدة من سليم.

(٢) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: «استمرت في مضيها، وقميصه: شمرّه فقلّص هو تقليصاً، لازمٌ ومتعدّ، وفَرَسٌ مقلَّصٌ مشمِّر مشرفٌ طويلُ القوائمِ وتقلّص: انضمّ وانزوى».

(٣) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: الأبّار.

(٤) ديوانه وصدره:

فإن كنت من ودّهما يائساً

(٥) وهو عرق يكون في الفخذ.

(٦) عن النهاية وبالأصل «ومشدد للمبالغة».

(٧) عن اللسان وبالأصل «ربعي».