فصل الفاء مع الضاد
  ويُقَالُ: اسْتَفَاضَ الوَادِي شَجَراً، أَي اتَّسَعَ وكَثُرَ شَجَرُه.
  نَقَلَه الجَوْهرِيُّ. وهو مَجَازٌ. وقال غَيرُه: اسْتَفَاضَ بالمَكَانِ: اتَّسَعَ(١)، وأَنْشَدَ قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
  بِحيْثُ اسْتَفَاضَ القِنْعُ غَرْبِيَّ وَاسِطٍ(٢)
  ومن المجَازِ: اسْتَفَاضَ الخَبَرُ والحَدِيثُ: ذَاعَ وانْتَشَر، كفَاضَ، فهو مُسْتَفِيضٌ ذَائعٌ في النَّاس مِثْل الماءِ المُسْتفِيضِ، ومُسْتفاضٌ فِيهِ، ولا تَقُل: حدِيثٌ مُسْتَفاضٌ، فإِنّهُ لَحْنٌ، وهو قَولُ الفَرَّاءِ والأَصْمَعِيّ وابْنِ السِّكِّيت وعَامَّةِ أَهْلِ اللُّغَةِ. وكَلامُ الخاصِّ: حَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ، أَيْ مُنْتَشِرٌ شائِعٌ في النّاسِ، هكَذا نَقَلَهُ الأَزْهَرِيّ مُطَوَّلاً، والجَوْهَرِيُّ والصَّاغَانِيّ، أَو لُغَيَّةٌ، مِن اسْتَفَاضُوهُ فهُوَ مُسْتَفَاضٌ(٣)، أَيْ مَأْخُوذٌ فِيهِ. قال شَيْخُنَا: والقِيَاسُ لا يُنَافِيهِ، وقد استَعْمَلَهُ أَبُو تَمَّامٍ كما في مُوَازَنَةِ الآمِدِيّ، ونَقَل ما يُؤَيِّدُهُ في المِصْباح.
  ومُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر، هكَذَا في سَائِر النُّسخِ، قالَ شَيْخُنَا: الصَّوابُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر بنِ الحَسَنِ بن المُسْتَفَاضِ، القَاضِي الفِرْيابِيّ، ويُقَال: الفَارِيَابِيّ(٤) مُحَدِّثٌ مَشْهُورٌ. قال شَيْخُنَا: كَما وُجِد بخَطّ الحافِظِ ابن حَجَرٍ.
  قُلتُ: ومثلُه في العُبَاب إِلاّ أَن كَلامَ المُصَنِّف فِيمَا أَوْرَدَهُ صَحِيحٌ لا خَطَأَ فيه، فإِنَّ مُحَمَّدَ بنَ جعْفَرٍ هذا هو القاضِي أَبُو الحَسَنِ المُحَدِّث الّذِي سَمِعَ مِن عَبَّاسٍ الدُّورِيّ وطَبَقَتِه. وأَما أَبُوهُ جعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ فَهُو المَوْصُوفُ بالحافِظِ صَاحِب التَّصانِيفِ الكَثِيرَةِ، وقد حَدَّث عَن بَلَدِيِّهِ أَبِي عَمْرٍو عَبدِ الله بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ بنِ وَاقِدٍ الفِرْيَابِيّ وغَيْرِه، فتَأَمَّلْ.
  * وممّا يُسْتدركَ علَيْه:
  فَاضَتْ عينُه تَفِيض فَيضاً، إِذا سَالَتْ. ويُقَالُ أَفَاضَتِ العَيْنُ الدَّمْعَ تُفِيضُهُ إِفَاضَةً، وأَفَاضَ فُلانٌ دَمْعَهُ.
  وحَوْضٌ فَائِضٌ أَي مُمْتَلِئٌ.
  وماءٌ فَيْضٌ: كَثِيرٌ.
  وبَحرٌ فائِضٌ: مُتَدَفِّقٌ.
  والفَيْضُ: النَّهرُ عَامَّةً، والجَمْعُ أَفْيَاضٌ وفُيُوضٌ، وجَمْعُهُمْ له يَدُلُّ على أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ بالمَصْدَرِ.
  ونَهْرٌ فَيَّاضٌ: كَثِيرُ المَاءِ. نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ.
  ورَجُلٌ فَيْضٌ: كَثِيرُ المَعْروفِ.
  وفَيَّاضٌ: وَهَّابٌ جَوَادٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. وقِيلَ: كَثِيرُ المَعْرُوفِ. وفي العُبَابِ: كَثِيرُ العَطاءِ، وأَنشَد لرُؤْبَةَ:
  أَنْتَ ابنُ كُلِّ سيِّدٍ فَيَّاضِ ... جَمِّ السِّجَالِ مُتْرَعِ الحِيَاضِ
  وأَعْطَاهُ غَيْضاً مِنْ فَيْضٍ، أَي قَلِيلاً مِن كَثِيرٍ، نقَلَه الجَوْهَرِيّ. وقد سَبَقَ للمُصَنّف في غ ي ض.
  وأَفَاضَ بالشَّيْء: رَمَى به. قال أَبو صَخْرٍ الهُذَلِيُّ يَصِفُ كَتيبَةً:
  تَلَقَّوْهَا بطَائِحَةٍ زَحُوفٍ ... تُفِيضُ الحِصْنَ منها بالسِّخَالِ
  ودِرْعٌ فَيُوضٌ [ومُفَاضة]: وفَاضَةٌ: وَاسِعَةٌ. الأَخِيرَةُ عن ابنِ جِنّي.
  والمُفَاضَةُ من النِّسَاءِ: المَجْمُوعَةُ المَسْلَكَيْنِ، كَأَنَّهُ مَقْلُوبُ المُفْضَاةِ. وأَفَاضَ المَرْأَةَ وأَفْضَاهَا عِنْدَ الافْتِضاضِ بمَعْنًى وَاحِدٍ. نَقَلَه صاحِبُ اللِّسَان وابنُ القَطَّاع، ونَقَلَه الصَّاغَانِيّ عن يُونُسَ، قال ذَكَرَها في كِتَابِ «اللُّغَاتِ» له.
  وأَفاضَ الماءُ، أَيْ سَالَ، كفَاضَ.
  وفَاضَ البَعِيرُ بجِرَّتِهِ: لُغَة في أَفاضَ.
  وفَاضَ الرَّجُلُ عَرَقاً: ظَهَر على جِسْمِه عِنْد الغَمِّ، نَقَلَه ابنُ القَطَّاع. وقد سَمَّوْا فَيَّاضاً، وفَيْضاً، ومُسْتَفَاضاً.
  وفَيْضُ اللِّوَى: مَوْضِعٌ. قال أَبو صَخْرٍ الهُذَلِيّ:
  فَلَوْلَا الَّذِي حُمِّلْتُ مِن لَاعِجِ الهَوَى ... بفَيْضِ اللِّوَى عِزًّ(٥) وأَسْمَاءُ كَاعِبُ
  وفَيْضُ أَرَاكَةَ: مَوْضِعٌ آخر. قال مُلَيْحُ بنُ الحَكَمِ الهُذَلِيّ:
  فَمِنْ حُبِّ لَيْلَى يَوْمَ فَيْضِ أَرَاكَةٍ ... ويَوْماً بقِرْنٍ كِدْتَ لِلْمَوْتِ تُشْرِفُ
  كما في العُبَابِ.
(١) في اللسان والأساس: «المكان» زاد الزمخشري: وانتشر.
(٢) عجزه كما في ديوانه:
نهاء ومجّت في الكثيب الأباطحُ
(٣) في التهذيب: وهو لحنٌ ليس من كلام العرب، إنما هو مولد من كلام الحاضرة ... وقد جاء في شعر بعض المحدثين:
في حديث من أمره مستفاض ... وليس بالفصيح من كلامهم.
(٤) ويقال أيضاً: الفيريابي باثبات الياء، كله نسبة إلى فارياب، بليدة بنواحي بلخ، كما في اللباب.
(٥) في معجم البلدان «الفيض»: غرّاً.