فصل الشين المعجمة مع الطاء
  والشُّرْطَةُ: وَاحِدُ الشُّرَطِ، كصُرَدٍ، وهُمْ أَوَّلُ كَتِيبَةٍ من الجَيْشِ تَشْهَدُ الحَرْبَ وتَتَهَيَّأُ للمَوْتِ، وهم نُخْبَةُ السُّلْطَانِ من الجُنْدِ، ومنه حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ في فَتْحِ قُسْطَنْطِينِيّة: «يَسْتَمِدُّ المُؤْمِنُونَ بَعْضُهم بعضاً فيَلْتَقُون، وتُشْرَطُ شُرْطَةٌ لِلْمَوْتِ لا يَرْجِعُونَ إِلاَّ غالِبِينَ».
  وقال أَبُو العِيَالِ الهُذَلِيُّ يَرْثِي ابنَ عَمِّه عَبْدَ بنَ زُهْرَةَ(١).
  فلمْ يُوجَدْ لِشُرْطَتِهمْ ... فَتًى فِيهِمْ وقد نَدِبَوا
  فَكُنْتَ فَتَاهُمُ فِيهَا ... إِذا تُدْعَى لها تَثِبُ(٢)
  قال الزَّمَخْشَرِيُّ: ومنه صاحِبُ الشُّرْطَة.
  والشُّرْطَةُ أَيضاً: طائِفةٌ من أَعْوَانِ الوُلَاةِ، م، معروفةٌ، ومنه الحَدِيثُ: «الشُّرَطُ كِلَابُ النّارِ» وهو شُرطِيُّ أَيْضاً في المُفْرد كتُرْكِيٍّ وجُهَنِيّ، أَي بسُكُونِ الرّاءِ وفَتْحِهَا، هكَذا في المُحْكَمِ، وكأَنَّ الأَخِيرَ نُظِرَ إِلى مُفْرَدِهِ شُرَطَة كرُطَبَةٍ، وهي لُغَةٌ قَلِيلَةٌ. وفي الأَساسِ والمِصْبَاح ما يَدُلُّ على أَنّ الصَّوابَ في النَّسَبِ إِلى الشُّرْطَة شُرْطِيٌّ، بالضّمّ وتَسْكِينِ الرّاءِ، رَدًّا عَلى وَاحِدِه، والتَّحْرِيكُ خَطَأٌ، لأَنَّه نَسَبٌ إِلى الشُّرَطِ الَّذِي هو جَمْعٌ. قلتُ: وإِذا جَعَلْنَاهُ مَنْسُوباً إِلى الشُّرَطَةِ كهُمَزَةٍ، وهي لُغَةٌ قَلِيلةٌ، كما أَشَرْنَا إِليهِ قَرِيباً أَولَى من أَنْ نَجْعَلَه مَنْسُوباً إِلى الجَمْعِ، فتَأَمَّل. وإِنَّمَا سُمُّوا بذلِكَ لأَنَّهُمْ أَعْلَمُوا أَنْفُسَهم بعَلاماتٍ يُعْرَفُون بها. قالَه الأَصْمَعِيُّ. وقالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لأَنَّهُم أَعدُّوا [لذلك](٣). قال ابنُ بَرِّيّ وشاهِدُ الشُرْطِيّ لوَاحِدِ الشُّرَط قَوْلُ الدَّهْناءِ:
  واللهِ لَوْلا خَشْيَةُ الأَمِيرِ ... وخَشْيَةُ الشُّرْطِيّ والتٌّؤرورِ(٤)
  وقال آخَرُ:
  أَعُوذُ بالله وبالأَمِيرِ ... من عامِلِ الشُّرْطَةِ والأُتْرُورِ
  وشَرِطَ، كسَمِعَ: وَقَعَ في أَمْرٍ عَظِيمٍ. نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، كأَنَّه وَقَعَ في شُرُوطٍ مُخْتَلِفَة، أَي طُرُقٍ.
  والشَّرِيطُ: خُوصٌ مَفْتُولٌ يُشَرَّط، وفي العُبَابِ: يُشْرَجُ به السَّرِيرُ ونَحْوُه، فإِن كانَ من لِيفٍ فهو دِسَارٌ،(٥) وقِيلَ: هُوَ الحَبْلُ ما كانَ، سُمِّيَ بذلِكَ لأَنَّهُ يُشْرَطُ خُوصُه، أَي يُشَقُّ، ثمّ يُفْتَلُ، والجمع: شَرَائِطُ وشُرُطٌ، ومنه قَوْلُ مالِكٍ، |: «لقد هَمَمْتُ أَنْ أُوصِيَ إِذا مِتُّ أَنْ يُشَدَّ كِتَافِي بشَرِيطٍ، ثُمّ يُنْطَلَقَ بِي إِلى رَبِّي، كما يُنْطَلَقُ بالعَبْدِ إِلى سَيِّدِه».
  وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الشَّرِيطُ: عَتِيدَةٌ تَضَعُ المَرْأَةُ فيها طِيبهَا وأَدَاتَها.
  وقِيلَ: الشَّرِيطُ: العَيْبَةُ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ أَيضاً، وبه فُسِّرَ قولُ عَمْرِو بنِ مَعْدِي كَرِب:
  فزَيْنُكِ في شَرِيطِك أُمَّ بَكْرٍ ... وسَابِغَةٌ وذُو النُّونَيْنِ زَيْنِي(٦)
  يقُول: زَيْنُكِ الطِّيبُ الَّذِي في العَتِيدَة، أَو الثِّيَابُ الَّتِي في العَيْبَةَ، وزَيْنِي أَنا السِّلاحُ، وعَنَى بذِي النُّونَيْنِ السَّيْفَ، كما سَمّاه بعضُهُم ذَا الحَيّاتِ.
  وشَرِيطُ: ة، بالجَوِيرَة الخَضْرَاءِ الأَنْدَلُسِيَّة، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
  والشَّرِيطَةُ، بهاءٍ: المَشْقُوقَةُ الأُذُنِ من الإِبِلِ، لأَنَّهَا شُرِطَتْ آذَانُهَا، أَي شُقَّتْ، فهو فَعِيلَةٌ بمَعْنَى مَفْعُولةٍ.
  والشَّرِيطَةُ: الشّاةُ أُثِّرَ في حَلْقِهَا أَثَرٌ يَسِيرٌ، كشَرْطِ المَحَاجِمِ من غيرِ إِفْرَاءِ أَوْدَاجٍ ولا إِنْهَارِ دَمٍ، أَي لا يُسْتَقْصَى في ذَبْحِهَا. أُخِذَ من شَرْطِ الحَجّام وكانَ يُفْعَلُ ذلِكَ في الجاهِلِيَّةِ، كانُوا يَقْطَعُون يَسِيراً مِنْ حَلْقِهَا ويَتْرُكُونَهَا حتَّى تموتَ ويَجْعَلُونَه ذَكَاةً لهَا، وهي كالذَّكِيَّةِ والذَّبِيحَة
(١) قتل في زمن معاوية بن أبي سفيان بالروم كما في ديوان الهذليين ٣/ ٢٤١.
(٢) هذه رواية الديوان، وهما في الأساس برواية مختلفة وفيها: يرثي أخاه. وضبطت ندبوا عن الديوان، وضبطها السكري بالبناء للمجهول نُدبُوا وفسره بقوله: دعوا بضم الدال للأمر.
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) بالأصل «والترتور» والمثبت عن ديوان العجاج، وفي اللسان: التؤثور. قال: والتؤثور: الجلواز.
(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «وسار».
(٦) صدره في التهذيب واللسان: فزينك في الشريط إذا التقينا وأنشده في التهذيب شاهد على العتيدة.