تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع الطاء

صفحة 426 - الجزء 10

  وفي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: «كُنَّا نُسْلِفُ نَبِيطَ أَهْلِ الشّام» وفي رِوَايَة: «أَنْبَاطاً مِنْ أَنْبَاطِ الشَّام».

  وفي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ «أَنَّ رَجُلاً قال لآِخَرَ: يا نَبَطِيُّ، فقالَ: لاحَدَّ عَلَيْه، كُلُّنا نَبَطٌ».

  يريد الجِوَارَ والدَّارَ، دُونَ الوِلَادَةِ. وحَكَى أَبُو عَلِيٍّ أَنَّ النَّبَطَ وَاحِدٌ بِدلالَةِ جَمْعِهِمْ أَيّاهُ في قَوْلِهم: أَنْبَاطٌ. فأَنْبَاطٌ في نَبَطٍ كأَجْبَالٍ في جَبَل.

  والنَّبِيطُ كالكَلِيبُ والمَعِيزُ.

  وتَنَبَّطَ الرَّجُلُ: تَشَبَّهَ بِهِم. ومنه الحَدِيثُ: «لا تَنَبَّطُوا في المَدائن»، أَيْ لا تَشَبَّهُوا بالنَّبَطِ في سُكْنَاهَا، واتّخاذِ العَقارِ والمِلْكِ.

  أَو تَنَبَّطَ: تَنَسَّبَ إِلَيْهِمْ وانْتَمَى.

  وتَنَبَّطَ الكَلامَ: اسْتَخْرَجَهُ، هكَذَا هو في النُّسَخ.

  والصَّوابُ: انْتَبَطَ الكلامَ، كما رَوَاهُ الصّاغَانِيُّ عن ابْنِ عَبّاد. وأَنْشَدَ لِرُؤْبَةَ:

  يَكْفِيك أَثْرِي القَوْلَ وانْتِباطِي ... عَوَارِماً لَمْ تُرْمَ بالإِسْقاطِ

  ونُبَيْطٌ كزُبَيْرٍ ابنُ شُرَيْطِ بن أَنَسٍ الأَشْجَعِيِّ: صَحابِيٌّ، لَهُ أَحادِيثُ، وعَنْهُ ابْنُهُ سَلَمَةُ في سُنَنِ النَّسَائيِّ.

  قُلْتُ: وتِلْكَ الأَحَادِيثُ وَصَلَتْ إِلَيْنَا من طَرِيقِ حَفِيدِه أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ نُبَيْطِ بنِ شُرَيْطٍ، وقدْ تُكُلِّمَ فِيهِ وفي سَلَمَةَ. وفي الأَخِيرِ قَال البُخارِيُّ: يُقَال: اخْتَلَطَ بِأَخَرَةٍ، كما في دِيوانِ الذَّهَبِيّ. حَدَّثَ عن أَبِي جَعْفَرٍ هذَا أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ القاسِمِ اللَّكِّيُّ، وعَنْهُ أَبو نُعَيم.

  ومِنْ طَرِيقِهِ وَصَلَتْ إِلَيْنَا هذِه النُّسْخَةُ. وقال الذَّهَبِيُّ في «المُعْجَمِ» تَكَلَّمَ ابنُ مَاكُولا في اللَّكِّيِّ هذَا، وقد أَشَرْنا لِذلِكَ في «ش ر ط».

  وفي المُحْكَم: نَبَطَ الرَّكِيَّةَ وأَنْبَطَهَا، واسْتَنْبَطَها، وتَنَبَّطَهَا هكَذَا في النُّسَخ، والّذِي في المُحْكَمِ: نَبَّطَها قال: والأَخِيرَةُ عن ابْنِ الأَعْرَابيِّ: أَمَاهَهَا، وقَدْ سَبَقَ للمُصَنّف: أَنْبَطَ الحافِرُ، قَرِيباً، فهُوَ تَكْرَارٌ. وقال أَبُو عَمْرٍو: حَفَرَ فأَثْلَجَ، إِذا بَلَغَ الطِّينَ، فإِذا بَلَغَ الماءَ قِيل: أَنْبَطَ، فإِذا كَثُرَ الماءُ قيل: أَمَاهَ وأَمْهَى، فإِذا بَلَغَ الرَّمْلَ قِيل: أَسْهَبَ.

  وكُلُّ ما أُظْهِرَ بَعْدَ خفاءٍ فقَدْ أُنْبِطَ، واسْتُنْبِطَ، مَجْهُولَيْنِ وفي البَصَائِر: وكُلُّ شَيءٍ أَظْهَرْتَهُ بَعْدَ خَفائِه فقدْ أَنْبَطْتَهُ واسْتَنْبَطْتَهُ.

  والَّذِي في اللِّسَان: وكُلُّ ماءٍ أُظْهِرَ فَقَدْ أُنْبِطَ.

  والنُّبَيْطَاءُ، كحُمَيْراءَ⁣(⁣١): جَبَلٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، حَرَسَها الله تَعَالَى، عَلَى ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ من تُوزَ، بَيْنَ فَيْدَ وسَمِيرَاءَ.

  وَوَعْساءُ النُّبَيْطِ، مُصَغَّراً: ع، وهِيَ رَمْلَةٌ بالدَّهْنَاءِ مَعْرُوفَةٌ، ويُقَالُ أَيْضاً: وَعْساءُ النُّمَيْطِ. قال الأَزْهَرِيُّ: وهكَذَا سَماعِي مِنْهُمْ⁣(⁣٢).

  والإِنْبَاطُ: التَّأْثِيرُ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ عن ابْنِ عَبّادٍ.

  ومِنَ المَجَازِ: اسْتَنْبَطَ: الفَقِيهُ، أَيْ اسْتَخْرَجَ الفِقْهَ البَاطِنَ بفَهْمِهِ واجْتِهَادِهِ، قال الله تَعالَى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ} يَسْتَنْبِطُونَهُ {مِنْهُمْ}⁣(⁣٣) قال الزَّجّاجُ: مَعْنَى يَسْتَنْبِطُونَهُ في اللُّغَةِ يَسْتَخْرِجُونَهُ، وأَصْلُهُ مِنَ النَّبَطِ، وهو الماءُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ البِئْرِ أَوّلَ ما تُحْفَرُ.

  * ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَليه:

  النَّبِيطُ، كأَمِيرٍ: الماءُ الَّذِي يُنْبَطُ من قَعْرِ البِئْرِ إِذا حُفِرَتْ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.

  ويُقَال للرَّكِيَّةَ نَبَطٌ، مُحَرَّكَةً: إِذا أُمِيهَتْ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ أَيْضاً.

  ويُقَالُ: أَنْبَطَ في غَضْرَاءَ، أَيْ اسْتَنْبَطَ المَاءَ مِنْ طِينٍ حُرٍّ.

  ونَبَطَ العِلْمَ: أَظْهَرَه ونَشَرَهُ في النَّاسِ، وهو مَجَازٌ، ومنه الحَدِيثُ: «مَنْ غَدَا مِنْ بَيْتِهِ يَنْبِطُ عِلْماً، فَرَشَتْ لَهُ المَلائِكَةُ أَجْنِحَتَها».

  واسْتَنْبَطَ الفَرَسَ: طَلَبَ نَسْلَهَا ونِتَاجَهَا، ومنه الحَدِيثُ: «رَجُلٌ ارْتَبَطَ فَرَساً لِيَسْتَنْبِطَهَا» وفي رِوَايَةٍ: «لِيَسْتَبْطِنَها»، أَي يَطْلُبُ ما في بَطْنِهَا.


(١) قيدها ياقوت بالمد والتصغير، وقد ذكرت مكبرة.

(٢) ذكرها ذو الرمة - كما في معجم البلدان - فقال:

فأضحت بوعساء النميط كأنها ... ذرى الأثل من وادي القرى وتحيلها

(٣) سورة النساء الآية ٨٣.