تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[دعبع]:

صفحة 113 - الجزء 11

  [دعبع]: دَعْبَع، كجَعْفَرٍ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِي. وقالَ ابنُ هَانِيء: يَعْنِي حِكايَة لَفْظِ الطِّفْلِ الرَّضِيع إذا طَلَبَ شَيْئاً.

  كَأنَّ الحاكِيَ حَكَى لَفْظَهُ، مَرَّةً بدَعْ ومَرَّةً ببَعْ، فجَمَعَهما في حكايَتِهِ، فقالَ: دَعْبَعْ. قالَ: وأَنْشَدَنِي زَيْدُ بنُ كُنْوَةَ العَنْبَرِيّ:

  وِلَيْلٍ كأَثْنَاءِ الرُّوَيْزِيّ جُبْتُه ... إذا سَقَطَتْ أَرْوَاقُه دُونَ زَرْبَعِ

  لأَدْنُوَ مِنْ نَفْسٍ هُنَاكَ حَبِيبَةٍ ... إِلَيَّ، إذا ما قَالَ لِي أَيْنَ دَعْبَعِ

  زَرْبَعٌ: اسْمُ ابْنهِ، كَما سَيأْتي، وكَسَرَ العَيْنَ الأَخِيرَةَ لأَنَّهَا حِكَايَةُ الصَّوْتِ.

  [دعع]: الدَّعُّ: الدَّفْعُ العَنِيفُ. دَعَّهُ يَدُعُّهُ دَعّاً، أَي دَفَعَهُ. ومنهُ قَوْلُه تَعَالَى: {فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}⁣(⁣١) كما في الصّحاح، أَي يَعْنُفُ به عُنْفاً دَفْعاً وانْتِهَاراً. زادَ الزَّمَخْشَرِيّ بجَفْوَةٍ، وكَذلِكَ قَوْلُهُ تَعالَى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}⁣(⁣٢)، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ⁣(⁣٣): أَيْ يُدْفَعُونَ دَفْعاً عَنِيفاً. وفي حَدِيثِ الشَّعْبِيّ: «إنَّهُمْ كانُوا لا يُدَعُّونَ عَنْهُ» أَيْ لا يُطْرَدُونَ ولا يُدْفَعُون، وأَنْشَدَ اللَّيْثُ:

  أَلَمْ أَكْفِ أَهْلَكَ فِقْدانِه ... إذا القَوْمُ في المَحْلِ دَعُّو اليَتِيمَا

  وِقالَ أَبُو مَنْجوفٍ: الدُّعَاعُ: كغُرَابٍ: النَّخْلُ المُتَفَرِّقُ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ طَرَفَةَ بنِ العَبْدِ:

  أَنْتُمُ نَخْلُ نُطِيفُ بِهِ ... فإِذَا ما جُزَّ نَصْطَرِمُهْ

  وِعَذَارِيكم مُقَلِّصَةٌ ... في دُعَاعِ النَّخْلِ تَجْتَرِمُهْ

  وهكَذا رَوَاهُ شَمِرٌ أَيْضاً، وفَسَّرَهُ بمُتَفَرِّق النَّخْلِ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ. ورَوَاه المُؤَرِّجُ أَيْضاً هكَذَا، وفَسَّرَ الدُّعَاعَ بما بَيْن النَّخْلَتَيْنِ. وقال أَبُو عُبَيْدة: ما بَيْنَ النَّخْلة إلى النَّخْلَة: دُعَاعٌ. قال الأَزْهَرِيّ: ورَوَاهُ بَعْضُهُمْ بالذَّالِ المُعْجَمَةِ⁣(⁣٤)، وسَيَأْتِي. والدُّعاعُ: نَمْلٌ سُودٌ بجَنَاحَيْن عن ابنِ دُرَيْدٍ⁣(⁣٥). وقال غَيْرُه: تُشَاكِلُ الحَبَّ الَّذِي يُقالُ لَهُ دُعَاعٌ، الوَاحِدَةُ بِهَاءٍ.

  وِالدُّعَاعُ: حَبُّ شَجَرَةٍ بَرِّيَةٍ مِثْل الفَثِّ⁣(⁣٦) قالَ اللَّيْثُ: أَسْوَدُ كالشِّينِيز يأَكُلُه فُقَراءُ البَادِيَةِ إذا أَجْدَبُوا. وقَوْلُه يُخْتَبَزُ مِنْهُ، مَأْخُوذٌ من قَوْلِ الأَزْهَرِيّ. قَرَأْتُ بِخَطِّ شَمِرٍ في قَصِيدَةٍ:

  أُجُدٌ كالأَتان، لَمْ ترتَعِ الْفَثَّ ... وِلم يُنْتَقلْ عَلَيهَا الدُّعَاعُ⁣(⁣٧)

  قال: هما حَبَّتان برِّيَّتان، إذا جاع البدوي في القحط دقَّهما، وعجَهما، واخْتَبَزهما، وأَكلَهُمَا. والأَتَانُ هاهنا: صَخْرَةُ المَاءِ. وقال غيره: الدُّعَاعَةُ: عُشْبَةٌ تُطْحَن وتُخْبز، وهيَ ذاتُ قُضُبٍ وَوَرَقٍ متَسَطِّحة النَّبْتَة، ومنبتُهَا الصحارَى والسَّهْلُ، وجنَاتها حبةٌ سَوْدَاءُ، والجَمْع دُعاعٌ.

  وقال أبو حَنيفةَ: الدُّعَاعُ: بقْلَةٌ يخرج فيها حَب يَتَسَطَّحُ على الأَرْض تسطُّحاً، لا يَذْهَب صُعُداً، فإذا يَبسَتْ جَمَعَ الناسُ يَابِسَها، ثُمَّ دَقُّوهُ، ثُمَّ ذَرُّوهُ، ثمّ اسْتَخْرَجُوا مِنْهُ حَبَّاً أَسْوَدَ يَمْلَؤُونَ مِنْهُ الغَرَائِرَ.

  وِالدَّعَّاع، كشَدَّادٍ: جامِعُه، كما يُقَالُ: رجُلٌ فَثَّاثُ، لِمَنْ يَجْمَعُ الفَثَّ.

  وِالدَّعَاعُ، كسَحَابٍ: عِيَالُ الرَّجُلِ الصِّغارُ عن شَمِر، وأَنْشَدَ للطِّرِمّاح:

  لم تُعَالِجْ دَمْحَقاً بَائِتاً ... شُجَّ بالطَّخْفِ لِلَدْمِ الدَّعَاعْ⁣(⁣٨)

  قال الأَزْهَرِيّ: الدَّمْحَقُ: اللَّبَنُ ال بائت، والطَّخْف: اللَّبَنُ الحامِضُ. واللَّدْمُ: اللَّعْق.

  وِدُعْ دُعْ، بالضَّمِّ⁣(⁣٩): أَمْرٌ بالنَّعِيقِ بالغَنَمِ، يُقَالُ ذلِكَ للرّاعِي، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ. يُقَالُ: دَعْدَعَ بِهَا دَعْدَعَةً.


(١) سورة الماعون الآية ٢.

(٢) سورة الطور الآية ١٣.

(٣) في اللسان: أبو عبيده.

(٤) وهي رواية الديوان ص ٨٥ وفسره شارحه زعاع النخل: رديئه.

(٥) الذي في الجمهرة ١/ ٧٤ والدعاعَةُ: نملة سوداء ذات جناحين.

(٦) عن التهذيب وبالأصل «القث».

(٧) للطرماح كما في التهذيب، وهو في ذيل ديوانه.

(٨) كذا بالأصل واللسان «للدم الدعاع» وفي أصول التهذيب: «للذم الدعاع» هنا وفي الشرح، وصححها محققه عن اللسان بالدم بالدال كما ورد بالأصل والديوان.

(٩) في اللسان أيضاً ويقال دع دع بالفتح، وهما لغتان.