تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ندع]:

صفحة 473 - الجزء 11

  أَشْبَهْتَ أُمَّكَ يا جَرِيرُ وإِنَّهَا ... نَزَعَتْكَ والأُمُّ اللَّئِيمَةُ تَنْزعُ

  أَي: اجْتَرَّتْ شَبَهَكَ إِلَيْهَا.

  وِنَزَعَ فِي القَوْسِ يَنْزِعُ نَزْعاً: مَدَّها، كما فِي الصِّحاحِ أَي: بالوَتَرِ، وقِيلَ: جَذَبَ الوَتَرَ بالسَّهْمِ، وفِي الحَدِيثِ: «لَنْ تَخُورَ قُوًى ما دامَ صاحِبُهَا يَنْزِعُ ويَنْزُو» أَي: يَجْذِبُ قَوْسَه، ويَثِبُ عَلَى فَرَسِه.

  وِنَزَعَ الَّدْلْوَ مِنَ الْبِئْرِ يَنْزِعُهَا نَزْعاً، ونَزَعَ بِهَا، كِلاهُما: جَذَبَها بغَيْرِ قامَةٍ وأَخْرَجَهَا، أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:

  قَدْ أَنْزِعُ الدَّلْوَ تَقَطَّى بالمَرَسْ ... تُوزِعُ مِنْ مَلْءٍ كإِيْزاغِ الفَرَسْ⁣(⁣١)

  تَقَطِّيهَا: خُرُوجُها قَلِيلاً قَلِيلاً بغَيْرِ قامَةٍ، وأَصْلُ النَّزْعِ: الجَذْبُ والقَلْعُ، وفِي الحَدِيث: «رأَيْتُنِي أَنْزعُ عَلَى قَلِيبٍ» أَي: رَأَيْتُنِي فِي المَنَامِ اسْتَقِي بِيَدِي، يُقَال: نَزَعَ بالدَّلْوِ: إِذا اسْتَقَى بِها وقَدْ عُلِّقَ فِيهَا الرِّشاءُ.

  وِنَزَعَ الفَرَسُ سَنَناً: إِذا جَرَى طَلَقاً، قالَ النّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:

  وِالخَيْلَ تَنْزِعُ غَرْباً فِي أَعِنَّتِهَا ... كالطَّيْرِ تَنْجُو مِن الشُّؤْبُوبِ ذِي البَرَدِ⁣(⁣٢)

  وِمِنَ المَجَازِ: هُوَ فِي النَّزْعِ، أَي: قَلْعِ الحَيَاةِ وقد نَزَع المُحْتَضَرُ يَنْزِعُ نَزْعاً، ونَازَعَ نِزَاعاً: جادَ بنَفْسِهِ، ويُقَالُ أَيْضاً: هُوَ في النَّزَعِ، مُحَرَّكَةً⁣(⁣٣) للاسْمِ، كَذا وُجِدَ لَهُ في هَامِشِ الصِّحاحِ.

  وِمِنَ المَجَازِ: بَعِيرٌ نازِعٌ، ونَاقَةٌ نازِعٌ: حَنَّتْ إِلَى أَوْطَانِها ومَرْعَاهَا، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لجَمِيلٍ:

  وِقُلْتُ لَهُمْ: لا تَعْذُلُونِيَ وانْظُرُوا ... إِلَى النّازِعِ المَقْصُورِ كَيْفَ يَكُونُ

  قُلْتُ: والَّذِي أَنْشَدَهُ ابنُ فارِسٍ فِي المُجْمَلِ:

  يَقُولُونَ ما بَلَّاكَ والمالُ غامِرٌ ... عَلَيْكَ وضاحِي الجِلْدِ مِنْكَ كَنِينُ

  فقُلْتُ لَهُمْ: لا تَسْأَلُونِيَ وانْظُرُوا ... إِلى النّازِعِ المَقْصُورِ كَيْفَ يَكُونُ

  قال الصّاغَانِيُّ: والرِّوايَةُ الصَّحِيحَةُ:

  إِلَى الطُّرَّفِ⁣(⁣٤) الوُلّاهِ كَيْفَ تَكُونُ

  وِفي المَثَلِ: «صارَ الأَمْرُ إِلى النَّزَعَةِ» مُحَرَّكَةً، أَيْ:

  قَامَ بإِصْلاحِهِ أَهْلُ الأَنَاةِ، وهُوَ جَمْعُ نَازِعٍ، كما فِي الصِّحاحِ، وهُمُ الرُّماةُ ويُرْوَى: عادَ السَّهْمُ إِلَى النَّزَعَةِ، أَي: رَجَعَ الحَقُّ إِلَى أَهْلِه، كَمَا في العُبَابِ واللِّسَان، زادَ الأَخِيرُ: وقَامَ بإِصْلاحِ الأَمْرِ أَهْلُ الأَناةِ.

  قلتُ: فإِذنْ مآلُهُمَا واحِدٌ، وزادَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ كقَوْلِه: «أَعْطِ القَوْسَ بارِيَها» وزَادَ في العُبَابِ: ويُرْوَى: عادَ الأَمْرُ إِلَى الوَزَعَةِ، جَمْع وازِعٍ، يَعْنِي أَهْلَ الحِلْمِ، الَّذِينَ يَكُفُّونَ أَهْلَ الجَهْلِ.

  قلتُ: الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ للأَزْهَرِيِّ: «عادَ الرَّمْيُ عَلَى النَّزَعَةِ، يُضْرَبُ مَثَلاً للَّذِي يَحِيقُ بهِ مَكْرُه، والعَجَبُ مِنَ المُصَنِّفِ كَيْفَ تَرَكَه! وكأَنَّهُ قَلَّدَ الصّاغَانِيَّ فِيما يُورِدُه مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وهو غَرِيبٌ.

  وِقولُه تَعالى: {وَالنّازِعاتِ غَرْقاً ١ وَالنّاشِطاتِ نَشْطاً}⁣(⁣٥) قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: لا أُقْدِمُ عَلَى تَفْسيرِه، إِلّا أَنَّ أَبا عُبَيْدَةَ ذَكَرَ أَنَهَا: النُّجُومُ تَنْزِعُ مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ، وتَنْشِطُ، أَي: تَطْلُعُ.

  أَو النّازِعَاتُ: القِسِيُّ، والنّاشِطَاتُ: الأَوْهَاقُ، وقال الفَرّاءُ: تَنْزِعُ الأَنْفُسَ مِنَ صُدُورِ الكُفّارِ، كَمَا يُغْرِقُ النّازِعُ فِي القَوْسِ: إِذا جَذَبَ الوَتَر.

  وِمِنَ المَجَازِ: النَّزِيعُ، كأَمِيرٍ: الغَرِيبُ، كالنّازِعِ، ج: نُزّاعٌ كَرُمّانِ، قالَ الصّاغَانِيُّ: وأَصْلُهُما في الإِبِلِ، وفِي الحَدِيثِ: «طُوبَى للغُرَباءِ، قِيلَ: مَنْ هُمْ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: النُّزّاعُ مِنَ القَبَائِلِ» وهُوَ الَّذِي نَزَعَ عن أَهْلِهِ وعَشِيرَتهِ، أَيْ: بَعُدَ وغابَ، وقِيلَ: لأَنَّهُ يَنْزِعُ إِلَى وَطَنِه، أَي: يَنْجَذِبُ


(١) اللسان وفيه توزع بالغين المعجمة.

(٢) ديوانه ص ١٨ صنعة ابن السكيت، وفي شرحه: ويروى: تمزع مزعاً» ويروى: تنزع رهواً وقبًّا وقبلا. والشؤبوب: السحابة العظيمة القطر. وقال بعضهم: الشؤبوب لا يكون إلّا وفيه برد.

(٣) ضبطت بالقلم في الأساس بسكون الزاي.

(٤) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الطرق الولاة».

(٥) سورة النازعات الآيتان ١ و ٢.