فصل الواو مع العين
  وهُوَحَدِيثُ طَهْفَةَ بنِ [أَبي](١) زُهَيْرٍ النَّهْدِيِّ، ¥، ونَصُّه: «لَكُمْ يا بَنِي نَهْدٍ وَدائِعُ الشِّرْكِ، ووَضائِعُ المِلْكِ» أَي: ما وُضِعَ عَلَيْهِمْ فِي مِلْكِهِمْ مِنَ الزَّكَواتِ، أَي: لَكُمْ الوَظَائِفُ الَّتِي نُوَظِّفُهَا عَلَى المُسْلِمِين في المِلْكِ، لا نَزِيدُ عَلَيْكُمْ فِيهَا شَيْئاً، وقِيلَ: مَعْنَاهُ ما كانَ(٢) مُلُوكُ الجاهِلِيَّةِ يُوَظِّفُونَ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، ويَسْتَأْثِرُونَ بهِ فِي الحُرُوبِ وغَيْرِهَا مِنَ المَغْنَمِ، أَي: لا نَأْخُذُ مِنْكُم ما كانَ مُلُوكُكُمْ وَظَّفُوهُ عَلَيْكُمْ، بَلْ هُوَ لَكُمْ.
  وِمِنَ المَجَازِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ)(٣) أَي: حَمَلُوا رِكَابَهُمْ عَلَى العَدْوِ السَّرِيع قال الصّاغَانِيُّ: ومنه الحَدِيثُ: «وأَوْضَعَ في وادِي مُحَسِّر» وفي حَدِيثٍ آخر: «عَلَيْكُم بالسَّكِينَةِ؛ فإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بالإِيضاعِ» وقالَ الأَزْهَرِيُّ - نَقْلاً عَنِ الفَرّاءِ - في تَفْسِيرِ هذِه الآيَةِ: الإِيضاعُ: السَّيْرُ بينَ القَوْمِ، وقالَ: العَرَبُ تَقُولُ: أَوْضَعَ الرّاكِبُ، ووَضَعَتِ النّاقَةُ، ورُبَّمَا قالُوا للرّاكِبِ: وَضَعَ، وقِيلَ: {لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ}: أَي: أَوْضَعُوا مَراكِبَهُم خِلالَكُم.
  وِالتَّوْضِيعُ: خِياطَةُ الجُبَّةِ بَعْدَ وَضْعِ القُطْنِ فِيها نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقَدْ وَضَّعَ الخائِطُ القُطْنَ عَلَى الثَّوْبِ: نَضَّدَهُ.
  وِالتَّوْضِيعُ: رَثْدُ النَّعامِ بَيْضَها، ونَضْدُهَا لَهُ، أَيْ: وَضْعُ بَعْضِهِ فَوْقَ بَعْضٍ، وهُوَ بَيْضٌ مُوَضَّعٌ: مُنَضَّدٌ.
  وِالمُوَضَّعُ، كمُعَظَّمٍ: المُكَسَّرُ المُقَطَّعُ، كَمَا في التَّكْمِلَةِ.
  وِالمُوَضَّعُ أَيْضاً: هُوَ الرَّجُلُ المُطَرَّحُ غَيْرُ مُسْتَحْكمِ الخَلْقِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، زادَ الصّاغَانِيُّ كالمُخَنَّثِ، ويُقَالُ: فِي فُلانٍ تَوْضِيعٌ، أَي: تَخْنِيثٌ، وقال إِسْمَاعِيلُ بنُ أُمَيَّةَ: إِنَّ رَجُلاً مِنْ خُزاعَةَ(٤) يُقَالُ لَهُ: هِيتٌ، كانَ فيهِ(٥) تَوْضِيعٌ أَو(٦) تَخْنِيثٌ» وهو مُوَضَّعٌ: إِذَا كانَ مُخَنَّثاً، وفِي الأَساسِ: في كَلامِه تَوْضِيعٌ، وهو مَجازٌ، مِنْ وَضَّعَ الشَّجَرَةَ: إِذا هَصَرَهَا. ومِنَ المَجَازِ: تَوَاضَعَ الرَّجُلُ: إِذا تَذَلَّلَ، وقِيلَ: ذَلَّ، وتَخاشَعَ، وهُوَ مُطَاوِعُ وَضَعَه يَضَعُهُ ضَعَةً ووَضِيعَةً.
  وِمن المَجَاز: تَوَاضَعَ ما بَيْنَنَا، أَي: بَعُدَ، ويُقَالُ: إِنَّ بَلَدَكُم مُتَواضِعٌ عَنّا، كَما يُقَالُ: مُتَراخٍ، وقالَ الأَصْمَعِيُّ: هو المُتَخاشِعُ مِنْ بُعْدِه، تراهُ مِنْ بَعِيدٍ لاصِقاً بالأَرْضِ، قال ذُو الرُّمَّةِ:
  فَدَعْ ذا، ولكِنْ رُبَّ وَجْناءَ عِرْمِسٍ ... دَوَاءٍ لغَوْلِ النّازِحِ المُتَوَاضِعِ
  وِالاتِّضاعُ: أَنْ تَخْفِضَ رَأْسَ البَعِيرِ لِتَضَعَ قَدَمَكَ عَلَى عُنُقِه فتَرْكَبَ، كَما في الصِّحاحِ، وهذا إِذا كانَ قائِماً، وأَنْشَدَ لِلْكُمَيْتِ:
  إِذَا ما اتَّضَعْنا(٧) كارِهِينَ لِبِيْعَةٍ ... أَناخُوا لأُخْرَى، والأَزِمَّةُ تُجْذَبُ
  قلتُ: فجَعَلَ اتَّضَعَ مُتَعَدِّياً، ومِثْلُه أَيْضاً قولُ رُؤْبَةَ:
  أَعانَكَ اللهُ فَخَفَّ أَثْقَلُهْ ... عَلَيْكَ مَأْجُوراً وأَنْتَ جَمَلُهْ
  قُمْتَ بهِ لَمْ يَتَّضِعْكَ أَجْلَلُهْ
  وقَدْ يَكُونُ لازِماً، يُقَالُ: وَضَعْتُه فاتَّضَعَ، وقَدْ تَقَدَّمَ.
  وِالمُوَاضَعَةُ: المُرَاهَنَةُ وهُوَ مجازٌ، ومِنْهُ الحَدِيثُ: «جِئْتُ لِاؤُاضِعَكَ الرِّهَانَ».
  وِالمُوَاضَعَةُ: مُتَارَكَةُ البَيْعِ.
  وِالمُوَاضَعَةُ: المُوَافَقَةُ فِي الأَمْرِ عَلَى شَيْءٍ تُنَاظِرُ فِيهِ.
  وِيُقَالُ: هَلُمَّ أُواضِعْكَ الرَّأْيَ، أَي: أُطْلِعْكَ عَلَى رَأْيِي، وتُطْلِعْنِي عَلَى رَأْيِكَ.
  وِقالَ أَبُو سَعِيد: اسْتَوْضَعَ مِنْهُ، أَي: اسْتَحَطَّ قالَ جَرِيرَ.
  كانُوا كمُشْتَرِكِينَ لَمّا بايَعُوا ... خَسِرُوا، وشَفَّ عَلَيْهِم واسْتُوضِعُوا(٨)
  * ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عليهِ:
(١) زيادة عن التكملة «ودع».
(٢) بالأصل: «ما كان من ملوك» والمثبت عن النهاية واللسان.
(٣) سورة التوبة الآية ٤٧.
(٤) عن النهاية وبالأصل «خزامة».
(٥) عن النهاية وبالأصل «له».
(٦) النهاية واللسان: «أي».
(٧) في الصحاح: إذا اتضعونا.
(٨) ديوانه (ط الصاوي) ص ٣٤٣ من قصيدة يهجو الفرزدق وفيه والتهذيب والتكملة: فاستوضعوا.