تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الواو مع العين

صفحة 518 - الجزء 11

  وهُوَحَدِيثُ طَهْفَةَ بنِ [أَبي]⁣(⁣١) زُهَيْرٍ النَّهْدِيِّ، ¥، ونَصُّه: «لَكُمْ يا بَنِي نَهْدٍ وَدائِعُ الشِّرْكِ، ووَضائِعُ المِلْكِ» أَي: ما وُضِعَ عَلَيْهِمْ فِي مِلْكِهِمْ مِنَ الزَّكَواتِ، أَي: لَكُمْ الوَظَائِفُ الَّتِي نُوَظِّفُهَا عَلَى المُسْلِمِين في المِلْكِ، لا نَزِيدُ عَلَيْكُمْ فِيهَا شَيْئاً، وقِيلَ: مَعْنَاهُ ما كانَ⁣(⁣٢) مُلُوكُ الجاهِلِيَّةِ يُوَظِّفُونَ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، ويَسْتَأْثِرُونَ بهِ فِي الحُرُوبِ وغَيْرِهَا مِنَ المَغْنَمِ، أَي: لا نَأْخُذُ مِنْكُم ما كانَ مُلُوكُكُمْ وَظَّفُوهُ عَلَيْكُمْ، بَلْ هُوَ لَكُمْ.

  وِمِنَ المَجَازِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ)⁣(⁣٣) أَي: حَمَلُوا رِكَابَهُمْ عَلَى العَدْوِ السَّرِيع قال الصّاغَانِيُّ: ومنه الحَدِيثُ: «وأَوْضَعَ في وادِي مُحَسِّر» وفي حَدِيثٍ آخر: «عَلَيْكُم بالسَّكِينَةِ؛ فإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بالإِيضاعِ» وقالَ الأَزْهَرِيُّ - نَقْلاً عَنِ الفَرّاءِ - في تَفْسِيرِ هذِه الآيَةِ: الإِيضاعُ: السَّيْرُ بينَ القَوْمِ، وقالَ: العَرَبُ تَقُولُ: أَوْضَعَ الرّاكِبُ، ووَضَعَتِ النّاقَةُ، ورُبَّمَا قالُوا للرّاكِبِ: وَضَعَ، وقِيلَ: {لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ}: أَي: أَوْضَعُوا مَراكِبَهُم خِلالَكُم.

  وِالتَّوْضِيعُ: خِياطَةُ الجُبَّةِ بَعْدَ وَضْعِ القُطْنِ فِيها نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقَدْ وَضَّعَ الخائِطُ القُطْنَ عَلَى الثَّوْبِ: نَضَّدَهُ.

  وِالتَّوْضِيعُ: رَثْدُ النَّعامِ بَيْضَها، ونَضْدُهَا لَهُ، أَيْ: وَضْعُ بَعْضِهِ فَوْقَ بَعْضٍ، وهُوَ بَيْضٌ مُوَضَّعٌ: مُنَضَّدٌ.

  وِالمُوَضَّعُ، كمُعَظَّمٍ: المُكَسَّرُ المُقَطَّعُ، كَمَا في التَّكْمِلَةِ.

  وِالمُوَضَّعُ أَيْضاً: هُوَ الرَّجُلُ المُطَرَّحُ غَيْرُ مُسْتَحْكمِ الخَلْقِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، زادَ الصّاغَانِيُّ كالمُخَنَّثِ، ويُقَالُ: فِي فُلانٍ تَوْضِيعٌ، أَي: تَخْنِيثٌ، وقال إِسْمَاعِيلُ بنُ أُمَيَّةَ: إِنَّ رَجُلاً مِنْ خُزاعَةَ⁣(⁣٤) يُقَالُ لَهُ: هِيتٌ، كانَ فيهِ⁣(⁣٥) تَوْضِيعٌ أَو⁣(⁣٦) تَخْنِيثٌ» وهو مُوَضَّعٌ: إِذَا كانَ مُخَنَّثاً، وفِي الأَساسِ: في كَلامِه تَوْضِيعٌ، وهو مَجازٌ، مِنْ وَضَّعَ الشَّجَرَةَ: إِذا هَصَرَهَا. ومِنَ المَجَازِ: تَوَاضَعَ الرَّجُلُ: إِذا تَذَلَّلَ، وقِيلَ: ذَلَّ، وتَخاشَعَ، وهُوَ مُطَاوِعُ وَضَعَه يَضَعُهُ ضَعَةً ووَضِيعَةً.

  وِمن المَجَاز: تَوَاضَعَ ما بَيْنَنَا، أَي: بَعُدَ، ويُقَالُ: إِنَّ بَلَدَكُم مُتَواضِعٌ عَنّا، كَما يُقَالُ: مُتَراخٍ، وقالَ الأَصْمَعِيُّ: هو المُتَخاشِعُ مِنْ بُعْدِه، تراهُ مِنْ بَعِيدٍ لاصِقاً بالأَرْضِ، قال ذُو الرُّمَّةِ:

  فَدَعْ ذا، ولكِنْ رُبَّ وَجْناءَ عِرْمِسٍ ... دَوَاءٍ لغَوْلِ النّازِحِ المُتَوَاضِعِ

  وِالاتِّضاعُ: أَنْ تَخْفِضَ رَأْسَ البَعِيرِ لِتَضَعَ قَدَمَكَ عَلَى عُنُقِه فتَرْكَبَ، كَما في الصِّحاحِ، وهذا إِذا كانَ قائِماً، وأَنْشَدَ لِلْكُمَيْتِ:

  إِذَا ما اتَّضَعْنا⁣(⁣٧) كارِهِينَ لِبِيْعَةٍ ... أَناخُوا لأُخْرَى، والأَزِمَّةُ تُجْذَبُ

  قلتُ: فجَعَلَ اتَّضَعَ مُتَعَدِّياً، ومِثْلُه أَيْضاً قولُ رُؤْبَةَ:

  أَعانَكَ اللهُ فَخَفَّ أَثْقَلُهْ ... عَلَيْكَ مَأْجُوراً وأَنْتَ جَمَلُهْ

  قُمْتَ بهِ لَمْ يَتَّضِعْكَ أَجْلَلُهْ

  وقَدْ يَكُونُ لازِماً، يُقَالُ: وَضَعْتُه فاتَّضَعَ، وقَدْ تَقَدَّمَ.

  وِالمُوَاضَعَةُ: المُرَاهَنَةُ وهُوَ مجازٌ، ومِنْهُ الحَدِيثُ: «جِئْتُ لِاؤُاضِعَكَ الرِّهَانَ».

  وِالمُوَاضَعَةُ: مُتَارَكَةُ البَيْعِ.

  وِالمُوَاضَعَةُ: المُوَافَقَةُ فِي الأَمْرِ عَلَى شَيْءٍ تُنَاظِرُ فِيهِ.

  وِيُقَالُ: هَلُمَّ أُواضِعْكَ الرَّأْيَ، أَي: أُطْلِعْكَ عَلَى رَأْيِي، وتُطْلِعْنِي عَلَى رَأْيِكَ.

  وِقالَ أَبُو سَعِيد: اسْتَوْضَعَ مِنْهُ، أَي: اسْتَحَطَّ قالَ جَرِيرَ.

  كانُوا كمُشْتَرِكِينَ لَمّا بايَعُوا ... خَسِرُوا، وشَفَّ عَلَيْهِم واسْتُوضِعُوا⁣(⁣٨)

  * ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عليهِ:


(١) زيادة عن التكملة «ودع».

(٢) بالأصل: «ما كان من ملوك» والمثبت عن النهاية واللسان.

(٣) سورة التوبة الآية ٤٧.

(٤) عن النهاية وبالأصل «خزامة».

(٥) عن النهاية وبالأصل «له».

(٦) النهاية واللسان: «أي».

(٧) في الصحاح: إذا اتضعونا.

(٨) ديوانه (ط الصاوي) ص ٣٤٣ من قصيدة يهجو الفرزدق وفيه والتهذيب والتكملة: فاستوضعوا.