تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حرف]:

صفحة 133 - الجزء 12

  وقَوْلُ الفَرَزْدَقِ السابِقُ ذِكْرُهما، وقال الرَّاجِزُ:

  يَا أَيُهَا الْحَرْشَفُ ذَا الْأَكْلِ الْكُدَمْ⁣(⁣١)

  وَبه شُبِّهَ أَيضاً كَتِيبَةُ العَسْكَرِ، والحَرْشَفُ: الكُدْسُ، يَمَانِيَّةٌ، يُقَالُ: دُسْنَا الحَرْشَفَ، قالَهُ النَّضْرُ، ويُقال للحجارةِ التي تَنْبُتُ على شَطِّ البَحْرِ: الحَرْشَفُ.

  [حرف]: الْحَرْفُ مِن كُلِّ شَيْءٍ: طَرَفُهُ وشَفِيرُهُ وحَدُّهُ، وَمِن ذلِك حَرْفُ الْجَبَلِ، وهو: أَعْلَاهُ الْمُحَدَّدُ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وقال شَمِرٌ: الحَرْفُ مِن الجَبَلِ: ما نَتَأَ في جَنْبِه منه كهَيْئَةِ الدُكَّانِ الصَّغِيرِ أو نَحوِه، قال: والحَرْفُ أَيضاً في أَعْلَاهُ، تَرَى له حَرْفاً دَقِيقًا مُشْفِياً⁣(⁣٢) على سَوَاءِ ظَهْرِهِ، قال الفَرَّاءُ: ج حَرْفِ الجَبَلِ، حِرَفٌ، كعِنَبٍ: ولا نَظِيرَ له سِوَى طَلٍّ وطِلَلٍ، قال: ولم يُسْمَعْ غَيْرُهِما، كما في العُبَابِ، قال شيخُنَا: أي: وإن كان الحَرْفُ غَيْرَ مُضَاعَف.

  والحَرْفُ: وَاحِدُ حُرُوفِ التَّهَجِّي الثَّمَانِيَةِ والعِشْرِين، سُمِّيَ بالحَرْفِ الذي هو في الأَصْلِ الطَّرَفُ والجانبُ، قال الفَرّاءُ، وابنُ السِّكِّيتِ: وحُرُوفُ المُعْجَمِ كلُّهَا مُؤَنَّثَةٌ، وَجَوَّزُوا التَّذْكِيرَ في الأَلِفِ، كما تقدَّم ذلك عن الكِسَائِيِّ وَاللِّحْيَانِيِّ في «أ ل ف».

  والحَرْفُ: النَّاقَةُ الضَّامِرَةُ الصُّلْبَةُ، شُبِّهتْ بحَرْفِ الجَبَلِ، كذا في الصِّحاحِ، وفي العُبَابِ، تَشْبِيهاً لها بحَرْفِ السَّيْفِ، زَادَ الزَّمَخْشَرِيُّ: في هُزَالِها ومَضَائِهَا في السَّيْرِ، وفي اللِّسَانِ: هي النَّجِيبَةُ المَاضِيَةُ التي أَنْضَتْهَا الأَسْفَارُ، شُبِّهَتْ بحَرْفِ السَّيْفِ في مَضَائِها ونَجَائِها وَدِقَّتِها، أَو هي الْمَهْزُولَةُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، عن الأَصْمَعِيِّ، قال: ويُقالُ: أَحْرَفْتُ نَاقَتِي، إذا هَزَلْتَهَا، قال الجَوْهَرِيُّ: وَغَيْرُه يقولُ بالثّاءِ، أَو هي العَظِيمَةُ، تَشْبِيهاً لها بحَرْفِ الجَبَلِ، هذا بعَيْنِه قَوْلُ الجَوْهَرِيُّ، كما تقدَّم.

  وَأَنْشَدَ لذِي الرُّمَّةِ:

  جُمَالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنَادٌ يَشُلُّهَا ... وَظِيفٌ أَزَجُّ الْخَطْوِ رَيّانُ سَهْوَقُ

  فلو كان الحَرْفُ مَهْزُولاً لم يَصِفْهَا بِأَنَّهَا جُمَالِيَّةٌ سِنَادٌ، ولا أنَّ وَظِيفَها رَيَّانُ، وهذا البيتُ يَنْقُضُ تفسيرَ مَن قال: نَاقَةٌ حَرْفٌ، أي: مَهْزُولَةٌ، فشُبِّهَتْ بحَرْفِ كتابَةٍ، لِدِقَّتِها وَهُزَالِهَا، وقال أَبو العباسِ في تَفْسِيرِ قولِ كَعْبِ بنِ زُهَيْرٍ:

  حَرْفٌ أَخُوهَا أَبُوها مِنْ مُهَجَّنَةٍ ... وَعَمُّهَا خَالُهَا قَوْدَاءُ شِمْلِيلُ⁣(⁣٣)

  قال: يَصِفُ النَّاقَةَ بالحَرْفِ، لأَنَّها ضَامِرٌ، وتُشَبَّهُ بالحَرْفِ مِن حُرُوفِ المُعْجَمِ وهو الأَلِفُ، لِدِقَّتِهَا، وتُشَبَّه بحَرْفِ الجَبَلِ إذا وُصِفَتْ بالْعِظَمِ، قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: ولا يُقَالُ: جَمَلٌ حَرْفٌ، إِنما تُخَصُّ به النَّاقَةُ.

  وَقال خالدُ بنُ زُهَيْرٍ:

  مَتَى مَا تَشَأْ أَحْمِلْكَ والرَّأْسُ مَائِلٌ ... علَى صَعْبَةٍ حَرْفٍ وَشِيكٍ طُمُورُهَا

  كَنَى بالصَّعْبَةِ الحَرْفِ عن الدَّاهِيَةِ الشَّدِيدَةِ، وإِن لم يكُنْ هنالك مَرْكُوبٌ.

  [ومَسِيلُ الْمَاءِ، وآرَامٌ سُودٌ بِبِلادِ سُلَيْمٍ]⁣(⁣٤).

  والحَرْفُ عِنْدَ النُّحَاةِ، أي في اصْطِلاحِهم: ما جاءَ لِمَعْنًى ليْسَ باسْمٍ ولا فِعْلٍ، وما سِواهُ مِن الْحُدُودِ فَاسِدٌ، وَمِن المُحْكَمِ: الحَرْفُ: الأَداةُ التي تُسَمَّى الرَّابِطَةَ، لأَنَّهَا تَرْبِطُ الاسْمَ بالاسْمِ، والفِعْلَ بالفِعْلِ، كَعَنْ وعَلَى، وَنحوِهما، وفي العُبَابِ⁣(⁣٥): الحَرْفُ: ما دَلَّ علَى مَعْنًى في غَيْرِه، ومن ثَمَّ لم ينْفَكَّ عن اسْمٍ أو فِعْلٍ يَصْحَبُه، إِلَّا في مَوَاضِعَ مَخْصُوصةٍ حُذِفَ فيها الفِعْلُ، واقْتُصِرَ على الحرفِ، فجَرَى مَجْرَى النَّائِبِ، نحو قَوْلِك: نَعَمْ، وبَلَى، وَأيْ، وإِنَّه، ويَا زِيْدُ، وقد، في مِثْلِ قَوْلِ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:

  أَفِدَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أنَّ رِكَابَنَا ... لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالِنَا وكَأَنْ قَدِ⁣(⁣٦)

  ورُسْتَاقُ حَرْفٍ: نَاحِيَةٌ بالْأَنْبَارِ، وَضَبَطَهُ الصّاغَانِيُّ بضَمِّ


(١) النبات لأبي حنيفة رقم ٢٧١ وبعده:

أدلج فواقع لي عقالا والأصم ... وَلا تنم دونهما ولا تنم

وَفيه: ذو الأكل الكدم، والكدم: الشديد الأكل.

(٢) عن اللسان وبالأصل «مشفاً».

(٣) من قصيدته بانت سعاد.

(٤) زيادة استدركت عن القاموس، ونبه عليها بهامش المطبوعة المصرية. ونص ياقوت على ضبطها بالضم ثم السكون.

(٥) ومثله في التكملة أيضاً.

(٦) ديوانه صنعة ابن السكيت ص ٣٠ برواية: برحالها. ويروى أزف، قال أبو عبيدة أفد: دنا وقرب.