[خرف]:
  يَتَحَجَّرُ مِمَّا يُوقَدُ به على مِيَاهِ الحَمَّاماتِ مِن الأَزْبَالِ، نَقَلَهُ المَقْرِيزِيّ في الخِطَطِ، قال: وبه سُمِّيَ خَطُّ الخُرُشْنُفِ بمِصْرَ.
  قلتُ: وهو المَعْرُوفُ الآنَ بالخُرُنْفُشِ، وقد أَشَرْنَا إِليه في الشين المُعْجَمَةِ، فرَاجِعْهُ.
  [خرف]: خَرَفَ الثِّمَارَ، يَخْرُفُها، خَرْفاً، بالفَتْحِ، ومَخْرَفاً كمَقْعَدٍ، وخَرَافاً، ويُكْسَرُ: جَنَاهُ هكذا في النُّسَخِ، وَالصَّوابُ: جَنَاهَا، وفي المُحْكَمِ، خَرَفَ النَّخْلَ يَخْرُفُهُ خَرْفاً وخَرَافاً: صَرَمَهُ، واجْتَنَاهُ، كاخْتَرَفَهُ وقال أَبو حَنِيفَةَ: الاخْتِرَافُ: لَقْطُ النَّخْلِ(١) بُسْرًا كان أو رُطَبَا.
  وقال شَمِرٌ: خَرَفَ فُلانًا، يَخْرُفُه، خَرْفاً: لَقَطَ له التَّمْرَ، هكذا بفَتْحِ التَّاءِ وسُكُونِ المِيمِ، وفي بَعْضِ الأُصُولِ بالمُثَلَّثَةِ(٢) مُحَرَّكَةً.
  والمَخْرَفَةُ، كمَرْحَلَةٍ: الْبُسْتَانُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقَيَّدَهُ بعضُهُم مِن النَّخْلِ.
  وقال شَمِرٌ: المَخْرَفَةُ: سِكَّةٌ بيْن صَفَّيْنِ مِن نَخْلٍ يَخْتَرِفُ الْمُخْتَرِفُ مِن أَيِّهِمَا شَاءَ، أي يَجْتَنِي، وبِهِ فُسِّرَ حديثُ ثَوْبانَ ¥، رَفَعَهُ: «عَائِدُ المَرِيضِ علَى(٣) مَخْرَفَةِ الجَنَّةِ - ويُرْوَى: مَخَارِفِ الجَنَّةِ - حَتَّى يَرْجِعَ، أي: أنَّ العائدَ فيما يَحُوزُهُ مِن الثَّوَابِ كأَنَّهُ على نَخْلِ الجَنَّةِ يَخْتَرِفُ ثِمَارَهَا، قَالَهُ ابنُ الأَثِيرِ.
  قلتُ: وقد رُوِيَ أَيضاً عن عَلِيٍّ ¥، رَفَعَهُ: «مَنْ عَادَ مَرِيضاً إِيمَانًا بِالله ورَسُولهِ، وتَصْدِيقًا لِكِتَابِهِ، كأَنَّمَا كانَ قَاعِداً في خِرَافِ الجَنَّةِ» وفي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «عَائِدُ الْمَرِيضِ لَهُ خَرِيفٌ في الجَنَّةِ» أي: مَخْرُوفٌ مِن ثِمَارِهَا، وَفي أُخْرَى: «عَلَى خُرْفَةِ الجَنَّةِ».
  والمَخْرَفَةُ: الطَّرِيقُ اللَّاحِبُ الوَاضِحُ، ومنه قَوْلُ عُمَرَ ¥: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى(٤) مَخْرَفَةِ النَّعَمِ، فَاتَّبَعُوا ولا تَبْتَدِعُوا». قال الأصْمَعِيُّ: أَراد تَرَكْتُكُمْ علَى مِنْهَاجٍ وَاضِحٍ، كالجَادَّةِ التي كَدَّتْهَا النَّعَمُ بأَخْفَافِها، حتى وَضَحَتْ وَاسْتَبَانَتْ، وبه أَيضاً فَسَّرَ بعضُهم الحديثَ المُتَقَدِّم، وَالمَعْنَى: عَائِدُ المَرِيضِ علَى طَرِيقِ الجَنَّةِ، أي: يُؤَدِّيهِ ذلك إلى طُرُقِها، كَالْمَخْرَفِ، كمَقْعَدٍ فِيهِمَا، أي: في سِكَّةِ النَّخْلِ، والطَّرِيقِ.
  فمِن الأَوَّل حديثُ أَبي قَتَادَةَ ¥، لمَّا أَعْطاهُ رسولُ الله ﷺ سَلَبَ القَتِيلِ، قال: فبِعْتُهُ، فابْتَعْتُ به مَخْرَفاً، فهو أَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُه في الإِسْلامِ» ورِوَايَةُ المُوَطَّأَ: فإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ، ويُرْوَى: اعْتَقَدْتُهُ، أي اتَّخَذْتُ منه عُقْدَةً، كما في الرَّوْضِ، قال: ومَعْنَاه: البُسْتَانُ مِن النَّخْلِ، هكذا فَسَّرُوهُ، وفَسَّره الحَرْبِيُّ وأَجَادَ في تَفْسِيرِه، فقَالَ: المَخْرَفُ: نَخْلَةٌ واحدةٌ، أو نَخَلاتٌ يَسِيرَةٌ إلى عَشَرَةٍ، فما فَوْقَ ذلك فهو بُسْتَانٌ أو حَدِيقَةٌ، قال: ويُقَوِّي هذا القَوْلَ ما قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مِن أنَّ المَخْرَفَ مِثْلُ المَخْرُوفَةِ، وَهي النَّخْلَةُ يَخْتَرِفُها الرجلُ لِنَفْسِه وعِيَالِهِ، وأَنْشَدَ:
  مِثْلِ المَخَارِفِ مِن جَيْلَانَ أو هَجَرَا
  وَفي اللِّسَانِ: المَخْرَفُ: القطعةُ الصّغِيرَةُ مِن النَّخْلِ، سِتٌ أو سَبْعٌ، يَشْتَرِيها الرَّجُلُ للخُرْفَةِ، وقيل: هي جَمَاعَةُ النَّخْلِ مَا بَلَغَتْ.
  وَقال ابنُ الأَثِيرِ: المَخْرَفُ: الْحَائطُ مِن النَّخْلِ، وبه فُسِّرَ أَيضاً حديثُ أَبي طَلْحَةَ: «إنَّ لِي مَخْرَفاً، وإِنِّي قد جَعَلْتُه صَدَقَةً» فقَالَ ﷺ: «اجْعَلْهُ في فُقَرَاءِ قَوْمِكَ».
  وقال أبو عُبَيْدٍ، في تَفْسِيرِ حدِيثِ: «عَائِد الْمَرِيضِ» ما نَصُّهُ: قال الأَصْمَعِيُّ: المَخَارِفُ: جَمْعُ مَخْرَفٍ، كمَقْعَدٍ، هو جَنَى النَّخْلِ، إِنَّمَا سُمِّيَ مَخْرَفاً لأَنَّهُ يُخْرَفُ(٥) منه، أي: يُجْتَنَى.
  وَقال ابْنُ قُتَيْبَةَ، فيما رَدَّ علَى أَبي عُبَيْدٍ: لا يكونُ المَخْرَفُ جَنَى النَّخْلِ، وإِنَّمَا المَخْرَفُ النَّخْلُ، قال: وَمَعْنَى الحديثِ: عَائِدُ المَرِيضِ في بَسَاتِينِ الجَنَّةِ.
  قال ابنُ الأَنْبَارِيِّ: بل هو المُخْطِئُ؛ لِأَنَّ المَخْرَفَ يَقَعُ علَى النَّخْلِ، وعلَى المَخْرُوفِ مِن النَّخْلِ، كما يَقَعُ
(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: لقط النخل، هكذا في اللسان، وَلعل الأولى: لقط ثمر النخل».
(٢) يعني: الثمر، كما في اللسان.
(٣) الأصل والتهذيب وفي اللسان: في مخرفة.
(٤) في التهذيب: تُركتم على مثل مخرفة النعم.
(٥) في التهذيب واللسان: «يُخْترف».