تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين المهملة مع الفاء

صفحة 270 - الجزء 12

  وإِسْرَافِيلُ: لُغَةٌ في إِسْرَافِينَ، أَعْجَمِيٌّ، كأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَى إِيلَ، الأَخِيرةُ نَقَلَهَا الأَخْفَشُ، قال: كما قالُوا: جِبْرِينَ وَإسْمَاعِينَ، وإِسْرَائِينَ.

  والإِسْرَافُ في النَّفَقَةِ: التَّبْذِيرُ، وَمُجَاوَزَةُ القَصْدِ، وقيل: أَكْلُ ما لا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وبه فُسِّرَ قولُه تعالَى: {وَلا تُسْرِفُوا}⁣(⁣١) وَقيل: الإِسْرَافُ: وَضْعُ الشَّيْءِ في غيرِ مَوْضِعِهِ، أَو هو مَا أُنْفِقَ في غَيْرِ طَاعَةِ الله ø، وهو قَوْلُ سُفْيَانَ، زاد غيرُه: قليلاً كانَ أو كثيرًا، كالسَّرَفِ، مُحَرَّكَةً، وقال إِياسُ بنُ مُعَاوِيَةَ: الإِسْرَافُ: ما قُصِّرَ به عَن حَقِّ الله.

  وَاخْتُلِفَ في قَوْلِه تعالَى: {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}⁣(⁣٢)، فقَالَ الزَّجاجُ: قيل: هو أَن يَقْتُلَ غيرَ قَاتِلِ صَاحبِه، وقيل: أَن يَقْتُلَ هو القاتلَ دونَ السُّلْطَانِ، وقيل: هو أَنْ لا يَرْضَى بقَتْل واحدٍ حتى يَقْتُلَ جَمَاعَةً، لِشَرَفِ المَقْتُولِ، وخَسَاسَةِ القاتلِ، أو أَنْ يَقْتُلَ أَشْرَفَ مِن القَاتلِ، قال المُفَسِّرُونَ: لا يَقْتُلُ غيرَ قَاتلِه، وإذا قَتَلَ غَيْرَ قاتِله فقد أَسْرَفَ.

  ومُسْرِفٌ، كمُحْسِنٍ: لَقَبُ مُسْلِمِ بنِ عُقْبَةَ المُرِّيِّ، صَاحِبِ وَقْعَةِ الحَرَّةِ، بظَاهِرِ المدينَةِ، علَى سَاكِنها أَفْضَلُ الصلاةِ والسَّلامِ، وعلَى مُسْرِفٍ ما يَسْتَحِقُّ، لأَنَّهُ قد أَسْرَفَ فيها، علَى ما ذَكَرَه أَرْبَابُ السِّيَرِ، بما في سَمَاعِه ونَقْلِه شَنَاعَةٌ، وفيه يقولُ عليُّ بنُ عبدِ الله بنِ عَبَّاسٍ:

  وَهُم مَنَعُوا ذِمَارِي يَوْمَ جَاءَتْ ... كَتَائِبُ مُسْرِفٍ وبَنُو اللَّكِيعَهْ

  وَقد تقدَّم في «ل ك ع».

  وسِيرَافُ⁣(⁣٣)، كَشِيرَازَ: د بِفَارِسَ، على ساحِلِ البحرِ، مِمَّا يَلِي كَرْمَانَ، أَعْظَمُ فُرْضَةٍ لهم، كَانَ بِنَاؤُهُمْ بِالسَّاجِ في تَأَنُّقٍ زَائِدٍ، وَقد نُسِبَ إِليه جُمْلَةٌ مِن أَهلِ العِلْمِ، كأَبِي سعيدٍ السِّيرَافيِّ النَّحْوِيِّ اللُّغَويِّ، وهو الحَسَنُ بن عبدِ الله بنِ المَرْزُبَانِ، ولد سنة ٢٩٠، وتُوُفِّيَ سنة ٣٦٨، وله شَرْحٌ عظيمٌ على كتابِ سِيبَوَيْهِ، يأْتِي النَّقْلُ عنه في هذا الكتابِ كثيرًا، وولدُه أَبو محمدٍ يُوسُفُ بنُ أَبي سعيدٍ، فاضِلٌ كأَبِيه، شَرَحَ أَبْيَاتَ إِصْلاحِ المَنْطِقِ، وكَمَّلَ كتابَ أَبِيهِ «الإقْنَاعَ»، تُوُفي سنة ٣٨٥، عن خَمْسٍ وخمسينَ سَنَةً.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  أَكَلَهُ سَرَفاً وإِسْرَافاً: أي في عَجَلَةٍ.

  وَأَسْرَفَ في الكلامِ: أَفْرَطَ.

  وَسَرِفْتُ يَمِينَهُ: أي لم أَعْرِفْها، قال سَاعِدَةُ الهُذَلِيُّ:

  حَلِفَ امْرِئٍ بَرٍّ سَرِفْتِ يَمِينَهُ ... وَلِكُلِّ مَا قَال النُّفُوسُ مُجَرَّبُ⁣(⁣٤)

  يقول: ما أَخْفَيْتَ⁣(⁣٥) وأَظْهَرْتَ، فإِنَّه سيَظْهَر في التَّجْرِبَةِ.

  وَالسَّرَفُ، مُحَرَّكَةً: اللهَجُ بالشَّيْءِ.

  وَالإِسْرَافُ أَيضاً: الإِكْثَارُ من الذُّنُوبِ والخَطَايَا، وَاحْتِقابِ الأَوْزَارِ والآثَامِ.

  وَالسَّرِفُ، ككَتِفٍ: الجاهِلُ، كالمُسْرِفِ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ، ورَجُلٌ سَرِفُ العَقْلِ: أي قَلِيلُهُ، وقيل: فَاسِدُه.

  وَالمُسْرِفُ: الكافِرُ، وبه فُسِّرَ قَوْلُه تعالَى: {مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ}⁣(⁣٦).

  وَسَرِفَ الطَّعَامُ، كفَرِحَ: ائْتَكَلَ حتى كأَنَّ السُّرْفَةَ أَصَابَتْه، وَهو مَجَازٌ.

  وَسُرِفَتِ الشَّجَرَةُ، بالضَّمِّ، سَرْفاً: إذا وَقَعَتْ فيها السُّرْفَةُ، فهي مَسْرُوفَةٌ، عن ابنِ السِّكِّيتِ.

  وَشَاةٌ مَسْرُوفَةٌ: مَقْطُوعَةُ الأُذُن أَصْلاً، كما في اللِّسَانِ، وَفي الأَساسِ: شَاةٌ مَسْرُوفَةٌ، اسْتَوْصِلَتْ أُذُنُهَا، وسُرِفَتْ أُذُنُهَا، وهو مَجَازٌ.

  وَهُوَ مُسْرَفٌ: أَكَلَتْهُ السُّرْفَةُ.

  وَجَمْعُ السُّرْفَةِ: سُرَفٌ، ومن سَجَعَاتِ الأَسَاسِ: «يَفْعَلُ السَّرَفُ بالنَّشَبِ، ما يَفْعَلُ السُّرَفُ بالخَشَب».


(١) سورة الانعام الآية ١٤١.

(٢) سورة الإسراء الآية ٣٣.

(٣) قالوا: أصلها شيرآب ومعناها اسقوني ماء ولبنًا، لأن شير هو اللبن وَآب هو الماء. ثم عربت فقلبت الشين إلى السين والباء إلى الفاء فقيل سيراف.

(٤) ديوان الهذليين ١/ ١٧١ في شعر ساعدة بن جؤية برواية: ما تبدي.

(٥) عن الديوان والتهذيب وبالأصل «ما أخفيتك».

(٦) سورة غافر الآية ٣٤.