تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نزف]:

صفحة 494 - الجزء 12

  والمِنْدَفَةِ بكسرِهِما: أي خَشَبَتِه التي يُطْرَقُ بِها الوَتَرُ ليَرِقَّ القُطْنُ؛ وهو مَنْدُوفٌ، ونَدِيفٌ قال:

  يا لَيْتَ شِعْرِي عَنْكُمُ حَنِيفاً ... وقد جَدَعْنا مِنْكُمُ الأُنُوفَا

  أَتَحْمِلُونَ بَعْدَنا السُّيُوفَا ... أَمْ تَغْزِلُون الخُرْفُعَ المَنْدُوفَا

  وَقالَ ابنُ مُقْبِلٍ يصفُ ناقَتَه:

  يُضحِي على خَطْمِها مِن فَرْطِها زَبَدٌ ... كأَنَّ بالرَّأْسِ مِنْها خُرْفُعاً نُدفَا

  ومن المَجازِ: نَدَفَت الدَّابَّةُ تَنْدِفُ في سَيْرِها نَدْفاً بالفتحِ، ونَدَفانًا، مُحَرَّكَةً: أي أَسْرَعَتْ رَجْعَ يَدَيْها نقله الجَوْهَرِيُّ.

  ونَدَفَت السِّباعُ نَدْفاً: شَرِبَت الماءَ بأَلْسِنَتِها.

  ومن المَجازِ: نَدَفَ الطَّعامَ نَدْفاً: أي أَكَلَه بيَدِه.

  ومن المَجازِ: نَدَفَ بالعُودِ: أي ضَرَبَ فهو مِزْهَرٌ مَنْدُوفٌ، قال الأَعْشَى:

  وَصَدُوحٍ إذا يُهَيِّجُها الشَّرْ ... بُ تَرَقَّتْ في مِزْهَرٍ مَنْدُوفِ

  ونَدَفَ الحالِبُ نَدْفاً: فَطَرَ الضَّرَّةَ بإِصْبَعِه.

  ومن المَجازِ: نَدَفَت السَّماءُ بالمَطَرِ: مثل نَطَفَتْ.

  ونَدَفَت بالثَّلْجِ: أي رَمَتْ بِهِ.

  وقال الفَرّاءُ: نَدَفَ الدَّابَةَ يَنْدِفُها نَدْفاً: ساقَهَا سَوْقًا عَنِيفاً، كأَنْدَفَها.

  والنُّدْفَةُ، بالضمِّ: القَلِيلُ من اللَّبَن.

  وقال ابنُ الأَعرابِيِّ: أَنْدَفَ الرَّجُلُ: مالَ إلى النَّدْفِ، وَهو صَوْت⁣(⁣١) العُودِ في حِجْرِ الكَرِينَةِ.

  وأَنْدَفَ الكَلْبَ: أَوْلَغَهُ عن ابنِ عَبّادٍ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  التَّنْدِيفُ: مبالَغَةٌ في النَّدْفِ، وقُطْنٌ مُنَدَّفٌ: مَنْدُوفٌ، قال الفَرَزْدَقُ:

  وأَصْبَحَ مُبْيَضُّ الصَّقِيعِ كأَنَّه ... عَلَى سَرَواتِ النِّيبِ⁣(⁣٢) قُطْنٌ مُنَدَّفُ

  وَالنَّدْفُ، بالفتح: المَنْدُوفُ، قال الأَخْطَلُ يصفُ كِلابَ الصَّيْدِ:

  فأَرْسَلُوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرابَ كما ... يُذْرِي سَبائِخَ قُطْنٍ نَدْفُ أَوتارِ

  وَالنَدّافُ كشَدّادٍ: العَوّادُ.

  وَقال الأَصْمَعِيُّ: رجُلٌ نَدّافٌ: كثيرُ الأَكلِ يَنْدِفُ الطَّعامَ، وهو مَجازٌ.

  وَالنَّدافُ: نادِفُ القُطْنِ، عربِيَّةٌ صَحِيحةٌ.

  وَنَدَفَت السّحابَةُ بالبَرَدِ نَدْفاً، على المَثَل.

  [نزف]: نَزَفَ ماءَ البِئْرِ يَنْزِفُه نَزْفاً: نَزَحَه كُلَّه.

  ونَزَفَت البِئْرُ بنفسِها: نُزِحَتْ، كنُزِفَتْ، بالضمِّ، لازِمٌ مُتَعَدٍّ نقَلَه الجوهرِيُّ هكذا، وفي الحَديثِ: «زَمْزَمُ لا تُنْزَفُ وَلا تُذَمُّ»: أي لا يَفْنَى ماؤُها على كَثْرةِ الاسْتِقاءِ.

  وَفي المُحْكَمِ: نَزَفَ البِئْرَ يَنْزِفُها نَزْفاً، وأَنْزَفَها، بمعنًى واحدٍ، كلاهُما نَزَحَها، وأَنْزَفَت هي: نُزِحَت وذَهَبَ ماؤُها، قال لَبِيدٌ:

  أَرَبَّتْ عَلَيهِ كُلُّ وَطْفاءَ جَوْنَةٍ ... هَتُوف مَتَى يُنْزِفْ لها الماءُ تَسْكُبِ⁣(⁣٣)

  قال: وأَما ابنُ جِنِّي فقَالَ: نَزَفْتُ البِئرَ وأَنْزَفَتْ هي، فإِنَّه جاءَ مُخالِفاً للعادَةِ، وذلِكَ أَنَّكَ تجِدُ فِيها فَعَلَ مُتَعَدِّياً، وَأَفْعَلَ غيرَ مُتَعَدٍّ، وقد ذَكَر علَّةَ ذلِك في شَنَقَ البَعِيرَ، وجَفَلَ الظَّلِيمَ. قلتُ: وهذا قَدْ نقَلَهَ الجَوْهَرِيُّ عن الفَرّاءِ.

  والاسْمُ النُّزْفُ، بالضّمِّ قال:

  تَغْتَرِقُ⁣(⁣٤) الطَّرْفَ وهيَ لاهِيَةٌ ... كأَنَّما شَفَّ وَجْهَها نُزْفُ


(١) في التكملة: «ضرب العود» والكرينة: المغنية الضاربة بالعود.

(٢) عن الديوان، وبالأصل «البيت».

(٣) ديوانه ط بيروت ص ٢٩ برواية:

«متى ينزف لها الوبل تسكب»

وَيروى: هتون والهتون: التي تسح بالمطر. والهتوف التي يصوت فيها الرعد.

(٤) كذا بالأصل والتهذيب بالفاء، وفي اللسان: تغترق بالقاف ونسب البيت إلى قيس بن الخطيم وهو في ديوانه ط بيروت ص ١٠٤ وفيه «تغترق» بالقاف. وانظر تخريجه فيه.