[نزف]:
  أَرادَ أَنّها رَقِيقَةُ المَحاسِنِ، حتَّى كأَنَّ دَمعها مَنْزُوفٌ.
  وبِئْرٌ نَزُوفٌ كصَبُورٍ: أي نُزِفَتْ باليَدِ وذلِكَ إذا قَلَّ ماؤُها.
  ونُزِفَ، كعُنِيَ: ذَهَبَ عَقْلُه، أو سَكِرَ، ومنه قولُه تَعالى: {لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ}(١) قال الجَوْهَرِيُّ: أي لا يَسْكَرُونَ، وأَنْشَدَ للأُبَيْرِدِ:
  لعَمْرِي لِئِنْ أَنْزَفْتُمُ أو صَحَوْتُمُ ... لبِئْسَ النَّدامَى كُنْتُمُ آلَ أَبْجَرَا
  قال: وقومٌ يَجْعَلُونَ المُنْزِفَ: مثلَ النَّزِيفِ(٢)، الَّذِي قَدْ نُزِفَ دَمُه.
  وقال أَبو عُبَيْدَةَ: نَزِفَتْ عَبْرَتُه، كسَمِعَ: فَنِيَتْ.
  وأَنْزَفْتُها: أَفْنَيْتُها، قال العَجّاج:
  وصَرَّحَ ابنُ مَعْمَرٍ لِمَنْ ذَمَرْ ... وأَنْزَفَ العَبْرَةَ مَنْ لَاقَى العِبَرْ
  وَقال أَيْضاً:
  وقد أَرانِي بالدِّيارِ مُنْزَفَا(٣) ... أَزْمانَ لا أَحْسِبُ شَيْئاً مُنْزَفَا
  والنُّزْفَةُ، بالضمِّ: القَلِيلُ من الماءِ ونَحْوِه مثلُ الغُرْفَة ج: نُزَفٌ كغُرَفٍ نقَلَه الجَوْهرِيُّ، قال العَجّاجُ يصِفُ الخَمْرَ:
  فشَنَّ في الإِبْرِيقِ مِنْها نُزَفَا ... مِنْ رَصَفٍ نازَعَ سَيْلاً رَصَفَا
  وَقالَ ذُو الرُّمَّةِ:
  يُقَطِّعُ مَوْضُونَ الحَدِيثِ ابْتِسامُها ... تَقَطُّعَ ماءِ المُزْنِ في نُزَفِ الخَمْرِ
  وعُرُوقٌ نُزَّفٌ، كرُكَّعٍ: غَيْرُ سائِلَةٍ قال العَجّاجُ يصِفُ ثَوْرًا:
  أَعْيَنُ بَرْبادٌ إذا تَعَسَّفَا ... أَحْوازَهَا هَدَّ العُرُوقَ النُّزَّفَا(٤)
  ونُزِفَ فُلانٌ دَمَهُ، كعُنِيَ هكَذا في سائرِ النُّسَخِ، وهو نَصُّ ابنِ دُرَيْدٍ: سالَ حَتّى يُفْرِطَ فَهُوَ مَنْزُوفٌ، ونَزِيفٌ.
  ونَزَفَه الدَّمُ يَنْزِفُه من حَدِّ ضَرَبَ نَزْفاً، قال: وهو من المقْلُوبِ الّذي يُعْرَفُ معْناهُ، قال الجَوهَرِيُّ: وذلِك إذا خَرَجَ منه دَمٌ كثيرٌ حَتّى يَضْعُفَ(٥).
  وفي المَثَلِ: «أَجْبَنُ منَ المَنْزُوفِ ضَرِطاً»(٦) نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وابنُ دُرَيْدٍ: وكذا: «أَجْبَنُ من المَنْزُوفِ خَضْفاً»(٧) يقالُ: خَرَجَ رَجُلانِ في فَلاةٍ، فلاحتْ لهُما شَجَرَةٌ، فقَالَ أَحَدُهما: أَرَى قَوْما قَدْ رَصَدُونَا، فقَالَ الآخَرُ: إِنَّما هِيَ عُشَرَةٌ، فظَنَّهُ يَقُولُ: عَشَرَةٌ، فجَعَلَ يَقُولُ: وَما غَناءُ اثْنَيْنِ عَنْ عَشَرَةٍ؟ ويَضْرطُ حتّى ماتَ نَقَلَه الصّاغانِيُّ في «ضرط».
  أَو نِسْوَةٌ لم يَكُنْ لهُنَّ رجُلٌ، فزَوَّجْنَ إِحْداهُنَّ رَجُلاً كانَ يَنامُ الصُّبْحَة، فإِذا أَتَيْنَه بصَبُوحٍ ونَبَّهْنَه، قال: لَوْ نَبَّهْتُنَّنِي لعادِيَةٍ؟ فلَمّا رأَيْنَ ذلِكَ قُلْنَ: إنَّ صاحِبَنا لشُجاعٌ، تعالَيْنَ حَتّى نُجَرِّبَهُ، فأَتَيْنَهُ فأَيْقَظْنَه، فقَالَ كعادَتِه، فقُلْنَ وأَخْصَرُ منه عِبارَةُ ابنِ بَرِّي، حيثُ قالَ: هو رجلٌ كانَ إذا نُبِّهَ لشُرْبِ الصَّبُوحِ قال: هَلّا نَبَّهْتَنِي لخَيْلٍ قد أَغارَتْ؟ فقِيلَ له يَوْماً على جِهَةِ الاخْتِبارِ: هَذِه نَواصِي الخَيْلِ، فجَعَلَ يَقُولُ: الخَيْلَ الخَيْلَ ويَضْرِطُ، حتّى ماتَ وأَخْصَرُ منهُما عبارةُ اللحْيانِيّ في النّوادِرِ: هو رجُلٌ كانَ يَدَّعِي الشَّجاعَةَ، فلَمّا رَأَى الخَيْلَ جَعَلَ يَفْعَلُ حتّى ماتَ، هكَذا قالَ: يَفْعَلُ، يعنِي يَضْرِطُ.
  أَو المَنْزُوفُ ضَرِطاً: هي دابَّةٌ بينَ الكَلْبِ والذِّئْبِ تَكونُ بالبادِيَةِ، إذا صِيحَ بِها لم تَزَلْ تَضْرِطُ حتّى تَمُوتَ قالَه أَبُو الهَيْثَمِ وفِيهِ قَوْلانِ آخَرانِ أَورَدَهُما الصّاغانِيُّ في العُبابِ في «ضرط» فراجِعْهُ.
  والمِنْزافُ كمِصْباحٍ من المَعَز: التي يَكُونُ لَها لَبَنٌ فيَنْقَطعُ نَقَله ابنُ عَبّادٍ.
  وقال ابنُ دُرَيْدٍ: المِنْزَفَةُ كمِكْنَسَةٍ: ما يُنْزَفُ به الماءُ، وَقِيلَ: هي دُلَيَّةٌ تُشَدُّ في رَأْسِ عُودٍ طَوِيلٍ، ويُنْصَبُ عُودٌ،
(١) سورة الواقعة الآية ١٩.
(٢) كذا، وفي اللسان: «المنزوف» وفي التهذيب: نزف الرجل فهو منزوف وَنزيف أيضاً.
(٣) في الديوان ص ٨٢ «مترفاً».
(٤) في الديوان ص ٩٤ «بربار» بدل «برباد» و «أجوازها هذّ» بدل «وأحوازها هد».
(٥) يعني إذا استخرجه بحجامة أو فصدٍ كما في التهذيب.
(٦) ضبطت بالقلم في التهذيب واللسان بفتح الضاد والراء.
(٧) عن اللسان وبالأصل «خطفاً».