تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الخاء مع القاف

صفحة 125 - الجزء 13

  ويُقال: سُحِبُوا على خَلْقاواتِ جِباهِهِم، وهو مَجازٌ.

  والخُلَيْقاءُ من الفَرَسِ: حَيْثُ لَقِيَتْ جَبْهَتُه قَصَبَةَ أَنْفِه من مُسْتَدَقِّها، وهي كالعِرْنِينِ مِنّا، قالَ أَبو عُبَيْدَةَ: في وَجْهِ الفَرَسِ خُلَيْقاوانِ، وهُما حَيْثُ لَقِيَتْ جَبْهَتُه قَصَبَةَ أَنْفِه، قالَ: والخَلِيقَانِ⁣(⁣١) عَنْ يَمِينِ الخُلَيْقاءِ وشِمالِها، يَنْحَدِرُ⁣(⁣٢) إِلى العَيْنِ، قالَ: والخُلَيْقاءُ بينَ العَيْنَيْنِ، وبَعْضُهم يَقُول: الخَلْقاءُ.

  وأَخْلَقَه: كَساهُ ثَوْباً خَلَقاً كما في الصِّحاحِ، وقِيلَ: أَخْلَقَه خَلَقاً: أَعْطاهُ إِيّاها.

  ومُضْغَةٌ مُخَلَّقَةٌ، كمُعَظَّمَةٍ: تامَّةُ الخَلْقِ وغَيْرُ مُخَلَّقَةٍ: هو السّقْطُ، قالَه الفَرّاءُ، وسُئِلَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى عن قَوْلِه تَعالَى: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}⁣(⁣٣) فقَال: النّاسُ خُلِقُوا على ضَرْبَيْنِ: منهم تامُّ الخَلْقِ، ومِنْهُم خَدِيجٌ: ناقِصٌ غَيْرُ تامٍّ، يَدُلُّكَ على ذلِكَ قولُه تَعالَى: {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ}⁣(⁣٤) وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: مُخَلَّقَةٍ: قد بَدا خَلْقُها، {وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}: لم تُصَوَّرْ.

  والمُخَلَّقُ كمُعَظَّمٍ: القِدْحُ إِذا لُيِّنَ نَقَله الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للشاعِرِ يَصِفُه:

  فخَلَّقْتُهُ حَتَّى إِذا تَمَّ واسْتَوَى ... كمُخَّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ

  وقد تَقَدَّم ذلِكَ.

  وخَلَّقَهُ بخَلُوقٍ تَخْلِيقاً أَي: طَيَّبَه به فتَخَلَّقَ به: إِذا تَطَيَّبَ به، وخَلَّقَت المَرْأَةُ جِسْمَها: إِذا طَلَتْه بالخَلُوق، وأَنْشَدَ اللِّحْيانِيُّ:

  يا لَيْتَ شِعْرِي عَنْكِ يا غَلابِ ... تَحْمِلُ مَعَها أَحْسَنَ الأَرْكابِ

  أَصْفَرَ قَدْ خُلِّقَ بالمَلابِ

  والمُخْتَلَقُ للمَفْعُولِ: الرَّجُلُ التّامُّ الخَلْقِ، المُعْتَدِلُه، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ - للبُرْجِ بنِ مُسْهِرٍ -.

  فلَمَّا أَنْ تَنَشَّى قامَ خِرْقٌ ... من الفِتْيانِ مُخْتَلَقٌ هَضِيمُ

  وفي الأَساسِ: رَجُلٌ مُخْتَلَقٌ: حَسَنُ الخِلْقَةِ، وامْرَأَةٌ مُخْتَلَقَةٌ: ذاتُ خَلْقٍ وجِسْمٍ، وهو مَجازٌ.

  وقالَ ابنُ فارِسٍ: يُقال: المُخْتَلَقُ من كُلِّ شَيْءٍ: ما اعْتَدَلَ منه، قال رُؤْبَةُ:

  في غِيلِ قَصْباءَ وخِيسٍ مُخْتَلَقْ

  ومن المَجازِ: تَخَلَّقَ بغَيْرِ خُلُقِه: إِذا تَكَلَّفَه، ومِنْهُ الحَدِيثُ: «مَنْ تَخَلَّقَ للنّاسِ بما يَعْلَمُ اللهُ أَنَّه لَيْسَ من نَفْسِه شانَهُ الله تَعالَى»، قالَ المُبَرِّدُ: أَي: أَظْهَرَ في خُلُقِه خِلافَ نِيَّتِه، وقالَ غَيْرُه: أَي: تَكَلَّفَ أَنْ يُظْهِرَ من خُلُقِه خِلافَ ما يَنْطَوِي عليه، مثل تَصَنَّعَ وتَجَمَّلَ: إِذا أَظْهَر الصَّنِيعَ والجَمِيلَ.

  وتَخَلَّقَ بكَذا: اسْتَعْمَلَه من غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقاً في فِطْرَتِه.

  وقولُه: تَخَلَّقَ مثل تَجَمَّلَ، إِنَّما تَأْوِيلُه الإِظْهارُ، قال سالِمُ بنُ وابِصَةَ:

  عليكَ بالقَصْدِ فيما أَنْتَ فاعِلُهُ ... إِنَّ التَّخَلُّقَ يَأْتِي دُونَه الخُلُقُ⁣(⁣٥)

  أَراد بغَيْرِ شِيمَتِه، فحَذَفَ وأَوْصَلَ.

  واخْلَوْلَقَ السَّحابُ: اسْتَوى وارْتَتَقَتْ جوانِبُه، وقِيل: امْلاسَّ ولانَ.

  وقالَ الجَوْهَرِيُّ: يُقال: صارَ خَلِيقاً أَي: جَدِيراً للمَطَرِ كأَنّه مُلِّسَ تَمْلِيساً، وفي حَدِيثِ صِفَةِ السَّحابِ: «واخْلَوْلَقَ بعدَ تَفَرُّقٍ» أَي: اجْتَمَع وتَهَيَّأَ للمَطَرِ، وهذا البناءُ للمُبالَغَةِ، وهو افْعَوْعَلَ، كاغْدَوْدَنَ، واعْشَوْشَبَ.

  واخْلَوْلَقَ الرَّسْمُ: اسْتَوَى بالأَرْضِ نَقَله الجَوْهَرِيُّ، ومنه قَولُ المُرَقِّشِ:

  ماذَا وُقُوفِي عَلَى رَبْعٍ عَفا ... مُخْلَوْلِقٍ دارِسٍ مُسْتَعْجِمِ


(١) ضبطت عن التهذيب.

(٢) كذا، والسياق يقتضي «ينحدران».

(٣) سورة الحج الآية ٥.

(٤) من الآية ٥ سورة الحج.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: عليك بالقصد الخ رواه في اللسان: يا أيها المتحلّي غير شيمته وهو الأنسب لما قاله بعد».