تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عهق]:

صفحة 368 - الجزء 13

  الذي خَطَأَه هو المَشْهور على الأَلْسِنَةِ. قال شَيخُنا: وزَعَم قَومٌ من حُفَّاظِ التّوارِيخ أَنَّ عُنُق هي أُمّ عُوج، وعُوق أَبوه، فلا خَطَأَ ولا غَلَط. وفي شِعْر عَرْقَلَةَ الدِّمَشْقيّ المذكُور في بَدائِعِ البَدائِه المُتوفّى سنة ٥٦٧:

  أَعْورُ الدَّجّالُ يَمْشِي ... خَلْفَ عُوجِ بنِ عناق

  وهو ثِقَةٌ عارف.

  والعُواقُ كغُرابٍ صَوْتٌ يَخرُجُ من بَطْنِ الدَّابَّة إِذا مَشَى كالوُعاقِ، وقِيلَ: هو الصَّوتُ من كُلِّ شَيْءٍ، قال:

  إِذَا ما الرَّكْبُ حَلَّ بدارِ قَومٍ ... سَمِعتَ لها إِذا هَدَرَتْ عُواقَا

  وما عاقت المَرْأَةُ ولا لَاقَت عِنْد زَوْجِها أَي: لم تَلْصَقْ بقَلْبِه كما في الصِّحاح. زادَ ابنُ القَطّاع. وما حَبَسَتْه عن فِراقِها، أَو نِكاحِ غَيْرِها وقالَ غَيرُه: أَي ما حَظِيَتْ عندَه.

  وقيلَ: عاقَتْ إِتباعٌ للاقَت، لأَنَّه يُقالُ لاقَتِ الدَّواةُ: إِذا لَصِقَتْ.

  قال ابنُ سِيدَه: وإِنما حَمَلْناهُ على الوَاوِ وإِن لم نَعرِف أَصلَه؛ لأَنَّ انْقِلابَ الأَلِف عن الواو عَيْناً أَكثَرُ من انقِلابِها عن الياءِ.

  والعَيُّوق كَتنُّور: نَجْمٌ أَحمَرُ مُضِيءٌ في طَرَف المَجَرَّة الأَيْمَنِ، يَتْلُو الثُّرَيَّا، لا يتَقَدَّمُها ويَطلُع قبل الجَوْزاءِ، سُمِّيَ بذلك لأَنّه يَعوقُ الدَّبَران عن لِقاءِ الثُّريّا. قال أَبو ذُؤَيْب الهُذَلِيّ يصفُ الحُمُرَ:

  فورَدْن والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رَابِئِ الضَّ ... رْباءِ خَلْفَ النَّجْم لا يَتَتَلَّعُ⁣(⁣١)

  وأَنشدَ اللّيثُ:

  تُراعِي الثُّرَيَّا وعَيُّوقَها ... ونَجْمَ الذِّراعَينِ والمِرْزَمَا

  قال سِيبَوَيْهٌ: لَزِمَتْهُ الَّلام، لأَنّه عنْدَهم الشَّيْءُ بعَيْنِه، وكَأَنَّه جُعِلَ من أُمَّة كُلُّ واحد منها عَيُّوق. قالَ: فإِنْ قلتَ: هَلْ هذا البِناءُ لكُلِّ ما عاق شَيْئاً؟ قيلَ: هذا بناءٌ خُصَّ به هذا النَّجْمُ كالدَّبَرَانِ والسِّماك. وقالَ ابن الأَعرابيِّ: هذا عَيُّوق طَالِعاً، فحَذَف الأَلِفَ والَّلامَ وهو يَنْوِيهِما، فلِذلِك يَبْقَى على تَعْرِيفِه الذي كانَ عليه.

  وقال الأَزْهَرِيُّ: عَيُّوق فَيْعُول، يُحْتَملُ أَنْ يَكُونَ بِناؤُه من عَوْق ومن عَيْق؛ لأَنَّ الواوَ والياءَ في ذلِك سَواءٌ، وأَنْشَدَ:

  وعانَدَتِ الثُّريَّا بعدَ هَدْءٍ ... مُعانَدَةً لها العَيُّوقُ جَارَا⁣(⁣٢)

  قالَ الجَوهرِيُّ: أَصلُه فَيْعُول، فلما الْتَقَى اليَاءُ والواوُ، والأُولَى ساكِنَةٌ صَارتَا ياءً مُشَدَّدَة.

  وقالَ ابنُ عَبَّادٍ: يُقالُ: أَعْوَقَ بي الدَّابَّةُ أَو الزَّادُ أَي: قَطَع⁣(⁣٣).

  قال: والمُعْوِقُ؛ كمُحْسِنٍ: المُخْفِق والمُعَوِقُ أَيضاً: الجَائِعُ.

  وفي الصّحاح: تَعَوَّق: تَثَبَّط.

  ومما يُسْتَدرك عليه:

  تَعوَّقَه إِذا حَبَسه وصَرفَه، عن ابنِ جِنِّي. وروى شَمِر عن الأُمَوِيّ: ما في سِقائِه عَيْقَةٌ من الرُّبِّ. قالَ الأَزْهَرِيُّ: كأَنَّه ذَهَب به إِلى قَولِه: ما لاقَتْ ولا عاقَتْ.

  وقالَ غَيرُه: ما في نِحْيِه عَيْقةٌ ولا عَمَقَةٌ، هكذا ذَكَره صاحِبُ اللّسانِ⁣(⁣٤)، وهو غَرِيب، فإِنه قد تَقدَّمَ ذلك بعَيْنه في «ع ب ق» ونقلنا هناك عن ابنِ سِيدَه أن بَاءُ عَبَقَه مُنْقَلِبة عن مِيمِ عَمَقه، فتأَمَّل ذلكَ.

  والوَعِيقُ والعَوِيق: صوتُ قُنْبِ الفَرَس.

  [عهق]: العَوْهَق: الطَّوِيلُ، للمُذَكَّر والمُؤَنَّث. وأَنشدَ الجَوهريُّ للزَّفَيان:


(١) ديوان الهذليين ١/ ٦ برواية: «فوق النظم يتتلع» والمثبت كرواية اللسان.

(٢) في التهذيب: «جار» والمثبت كرواية اللسان بالنصب والصواب الرفع فالبيت من قصيدة مفضلية الرقم ٩٨. البيت رقم ١٦ لبشر بن أبي خازم والقصيدة مرفوعة الروي. وقبله:

أراقب في السماء بنت نفشٍ ... وقد دارت كما عُطفَ الصوارُ

(٣) العبارة في التكملة، ولم يعزها، وأعوق بي الزاد أو الدابة، وأعوق عني وأعوصني، فلم أقدر عليه.

(٤) والذي في التهذيب: عَبَقَه بالباء، محركة.