[غلق]:
  السَّابع في مُضَعَّفِ المَيْسِرِ لاسْتِغْلاقِه ما يَبقَى من آخرِ المَيْسِر، قاله اللَّيْثُ وصاحب المُفْرداتِ. ج مَغالِيقُ، وأَنْشَد اللَّيْثُ لِلَبِيدٍ:
  وجَزُورِ أَيسارٍ دعَوْتُ لحَتْفِها ... بمَغالِقٍ مُتَشابِهٍ أَجرامُها(١)
  أَو غَلِط اللَّيْثُ في تَفْسِيرِ قَوْلِه: بمَغالِق.
  والمَغالِقُ: مِن نُعُوتِ القِداحِ التي يَكونُ لها الفَوْزُ، ولَيْسَت المغَالِقُ من أَسْمائِها، وهي التي تُغْلِقُ الخَطَر، فتُوجِبُه للقامِرِ الفائِزِ، كما يَغْلَقُ الرَّهنُ لمُسْتَحِقِّه. ومنه قَوْلُ عَمْروِ بنِ قَمِيئَةَ.
  بأَيْدِيهمُ مَقْرومةٌ ومَغالِقٌ ... يَعُودُ بأَرْزاقِ العِيالِ مَنِيحُها(٢)
  كذا في التَّهْذِيب، وهو مَجازٌ.
  ومن المَجازِ: غَلِقَ الرَّهْنُ، كفَرِح غَلَقاً: اسْتَحَقَّه المُرْتَهِن، وذلِك إِذا لم يُفْتَكَكْ في الوَقْت المَشْرُوطِ. وفي الحَدِيثِ: «لا يَغْلَق الرَّهْنُ» هذا نصُّ الجوهريّ. وقال سِيبَوَيْهٌ: وغَلِق الرَّهْنُ في يَدِ المُرْتَهِن غَلَقاً وغُلوقاً، فهو غَلِقٌ: اسْتَحَقَّه المُرْتَهِنُ؛ وذلِكَ إِذا لم يُفتَكَّ في الوَقْت المَشْرُوطِ. وفي الحَدِيثِ: «لا يَغْلَق الرَّهْنُ بما فيه». وقال أَبو عُبَيدٍ في تَفْسِيرِ هذا الحَدِيث أَي: لا يَسْتَحِقُّه المُرْتَهِنُ إِذا لم يَرُدّ الرّاهِنُ ما رَهَنَه فيه، وكانَ هذا مِنْ فِعْلِ الجاهِلِيَّةِ(٣) فأَبْطَلَه النبيُّ ﷺ بقولِه: «لا يَغْلَق الرَّهْنُ».
  قال شَيُخُنا: أَي: لا بُدَّ من نَظَرِ مالِكِ الرَّهْنِ وبَيْعِه إِيّاه بنَفْسِه، أَو أَخْذِه وإِعطاءِ ما رُهِنَ به وإِن أَبَى أَلْزَمَه القاضِي بذلِك. وفي العُبابِ: في الحَدِيثِ: «لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ بما فِيه، لك غُنْمُه، وعليك غُرْمُه». وسُئلَ إِبراهِيمُ النَّخعيّ عن غَلَقِ الرَّهْنِ، فقالَ: لا يَسْتَحِقُّه المُرْتَهِنُ إِذا لم يُؤدِّ الرّاهِنُ ما عليهِ في الوَقْتِ المُعَيَّنِ، ونَماؤُه وفَضلُ قِيمَتِهِ للرّاهِنِ، وعلَى المُرْتَهِنِ ضَمانُه إِن هَلَك قالَ زُهَيرٌ يذكُرُ امْرأَةً:
  وفَارَقَتْكَ بَرْهنٍ لا فَكاكَ لهُ ... يومَ الوَدَاعِ فأَمْسَى الرَّهْنُ قد غَلِقَا(٤)
  يعني أَنَّها ارْتَهَنَت قلبَه، ورُهِنَت به. وأَنشَدَ شَمِر:
  هَلْ مِنْ نَجازٍ لمَوْعُودٍ بَخِلْتِ بهِ؟ ... أَو للرَّهِينِ الَّذِي اسْتَغْلَقْت من فادِي
  وقالَ عُمارةُ بنُ صَفْوانَ(٥) الضَّبِّيُّ:
  أَجارَتَنا مَنْ يَجْتَمِعْ يتفَرَّقِ ... ومَنْ يَكُ رَهْناً للحَوادث يَغْلَقِ
  وقال ابنُ الأَعرابيّ: غَلِقَ الرَّهْن يَغْلَق غُلوقاً إِذا لم يُوجَدْ له تَخَلُّصٌ، وبَقِيَ في يد المُرتَهِن لا يَقْدِرُ راهِنُه على تَخْلِيصِه. ومعنى الحَدِيث: أَنه لا يستَحِقُّه المرتَهِن إِذا لم يستفِكّه صاحبُه. وكان هذا من فِعْل الجاهِليَّة أَنَّ الرّاهِنَ إِذا لم يُؤَدِّ ما عليهِ في الوَقْتِ المُعَيَّنِ مَلَك المرتَهِنُ الرَّهْنَ، فأَبطَلَه الإِسلامُ.
  ومن المَجازِ: غَلِقَت النَّخْلَةُ غَلَقاً فهي غَلِقَةٌ: إِذا دَوَّدَتْ أُصُولُ سَعَفِها، فانْقَطَعَ حَمْلُها. وأَغلَقَت عن الإِثْمارِ.
  ومن المَجازِ: غَلِقَ ظَهْرُ البَعِيرِ غَلَقاً، فهو غَلِقٌ: إِذا دَبِرَ دَبَراً لا يَبْرَأُ، وهو أَن تَرَى ظَهرَهُ أَجمَعَ جُلْبَتَيْنِ آثار دَبَرٍ قد بَرَأَتْ فأَنْتَ تنظرُ إِلى صفحَتَيْه(٦) تَبرُقان.
  وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: الغَلَق: شَرّ دَبَر البَعِيرِ، لا يقدِرُ أَن تُعادَى الأَدَاةُ عنه، أَي: تُرفَعُ عنه حتى يكونَ مرتَفِعاً، وقد عادَيْت عنه الأَداةَ، وهو أَن تَجُوب عنه القَتَبَ والحِلْسَ، وقال ابنُ شُمَيل: يقال استَغْلَقَنِي فلانٌ في بَيْعَتِه نَصُّ ابنِ شُمَيل «في بَيْعي» إِذا لم يَجْعَل لِي خِياراً في رَدّه.
  قالَ: واستغَلَقَتْ عَليَّ بَيْعتُه: صارَ كذلِك، وهو مجاز.
  ومن المجازِ: استَغْلَقَ عَلَيْه الكَلام إِذا أُرْتِجَ(٧) عَلَيه فلا يَتَكَلَّمُ وفي الأَساسِ: إِذا ضُيِّقَ عليه وأُكْرِه.
  وكلامٌ غَلِق، كَكَتِف أَي: مُشْكِلٌ وهو مَجازٌ.
(١) من معلقته، ديوانه ص ١٧٨ برواية: «متشابه أجسامها» وذكر مصححه بهامشه مختلف رواياته.
(٢) ديوانه ص ٣٤ والميسر والقداح ص ٥٩ ونسبه في ص ٧٥ لابن هرمة خطأ.
(٣) التهذيب: من فعل أهل الجاهلية.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ٣٩ والتهذيب واللسان.
(٥) عن المرزباني وبالأصل «صنوان» بالنون. والبيت فيه مع بيت آخر.
(٦) عن التهذيب واللسان وبالأصل «صفيحتيه».
(٧) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: «أُرْتُتِج» والمثبت كرواية التهذيب واللسان.