تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ملق]:

صفحة 451 - الجزء 13

  وقد ذُكِر البَيْت في «علق».

  والمَلَق، مُحَرَّكَةً: الوُدُّ واللُّطْفُ الشَّدِيدُ، وأَصْلُه التَّلْيِينُ. وقِيلَ: هو شِدَّة لُطْفِ الوُدِّ، وقِيلَ: التّرفُّقُ والمُداراةُ، والمَعْنَيان مُتَقَارِبان.

  والمَلَقُ أَيضاً: أَن تُعْطِيَ باللِّسانِ ما لَيْسَ في القَلْبِ.

  ومنه الحَدِيثُ: «لَيْسَ من خُلُق المُؤْمِنِ المَلَقُ». والفِعْل مَلِق كفَرِح وهو مَلِقٌ. ومنه قولُ المُتَنَخِّلِ:

  أَرْوَى بجِنِّ العَهْد سَلْمَى ولا ... يُنصِبْك عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ⁣(⁣١)

  وقِيلَ: المَلِقُ: الذي يَعِدُك ويُخْلِفُك، فلا يَفِي ويتزَيَّنُ بما لَيْس عندَه.

  والمَلَقُ أَيضاً: ما اسْتَوى من الأَرْضِ. قالَ رُؤْبةُ يَصِفُ الحِمار:

  مُعتَزِمُ التَّجْلِيحِ مَلَّاخُ الملَقْ ... يَرْمِي الجَلامِيدَ بجُلْمُودٍ مِدَقْ

  الواحدة مَلَقَة.

  والمَلَق أَيضاً: أَلطَفُ الحُضْرِ وأَسْرَعُه عن أَبي عُبَيْدَةَ⁣(⁣٢). قالَ: ومنه فَرسٌ ملِق، ككَتِف، وهِي بهاءٍ، وأَنشد للنّابِغَةِ الجَعْدِيِّ ¥:

  ولا مَلِقٌ يَنْزوُ ويُنْدِرُ⁣(⁣٣) روثَه ... أُحادَ إِذا فَأْسُ اللِّجامِ تَصَلْصَلَا

  ومَلِقَ الخَاتَمُ، كفَرِح: جَرِجَ أَي: قَلِق.

  وقالَ الأَصمَعَيُّ: المَلِق، كَكَتِفٍ: الضَّعِيفُ.

  وقالَ خالِدُ بنُ كُلْثُوم: المَلِقُ من الخَيْل: فَرسٌ لا يُوثَقُ بجَرْيِه، أَخذَه من مَلَقِ الإِنسانِ الذي لا يَصْدُقُ في مَوَدَّتِه. وأَنشد قولَ النّابِغَةِ السَّابِق.

  وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: فَرَسٌ مَلِقٌ: يَقْفِزُ ويَضْرِبُ الأَرضَ بحوَافِرِه ولا جَرْيَ عندَه، وهو مجازٌ.

  والمَالَق، كهَاجَر: ما يُمَلِّسُ به الحارِثُ الأَرْضَ المُثارَةَ قاله اللَّيثُ. وقالَ النَّضرُ: هي الخَشَبَةُ العَرِيضةُ التي تُشَدُّ بالحِبالِ إِلى الثَّوْرَين، فيَقُوم عليها الرَّجلُ، ويجُرُّها الثَّوران، فيُعَفِّي آثارَ اللُّؤَمَةِ والسِّنّ.

  وقال أَبو سَعِيد: ومَالَجُ الطَّيّانِ يُقال له: مالَق كالمِمْلَقِ كمِنْبرٍ.

  وقال أَبو حنِيفةَ: المِمْلَقَةُ: خَشَبَة عَرِيضَةٌ يَجُرُّها الثَّيران.

  وقد مَلَّقَ الأَرضَ والجِدارَ تَمْلِيقاً أَي: ملَّسها بالمالَق.

  وقال الأَزهريُّ: مَلَّقُوا ومَلَّسوا واحد، فكأَنَّه جعلَ المَالَق عربِيّاً.

  ومالَقَة⁣(⁣٤) بفتْحِ الّلامِ، والعَامَّة تَكْسِرُها، قال الصاغانِيُّ: وهو غَلَط، وأَكثَرُ الأَنْدَلُسِيِّين يضْبِطُونه بفَتْحِها. قالَ شَيخُنا: وسَمِعْنا من الشُّيُوخِ أَنّه بالوَجْهَينِ: د، بالأَنْدَلُس كَثِيرُ الفَواكِهِ والثَّمارِ، ولا سِيَّما الزَّيتونُ والتِّينُ، والأَمثالُ تُضرَبُ بِتِينِه، ومنه يُحْمَلُ إِلى الآفاق، وقِيلَ: إِنَّه ليسَ في الدُّنيا مثلُه. وفيه يَقولُ أَبو الحَجَّاج، يُوسُفُ بنُ الشيخِ البَلَوِيُّ المالَقِيُّ، حسبما أَنشدَه غَيرُ واحدٍ، وهو في نَفْح الطيبِ وغَيْره من تَوارِيخِ الأَندلس:

  مالَقَةٌ حُيِّيتَ يا تِينَهَا ... الفُلكُ من أَجلِك يَأْتِينَها

  نَهَى طَبِيبي عنه في عِلَّتِي ... ما لِطَبِيبي عن حَياتِي نَهَى⁣(⁣٥)

  وقد ذَيَّل عليه الخَطِيبُ أَبو عبدِ الوهّابِ المُنْشِي بقَوْلِه:

  وحِمْصُ لا تَنْسَ لها تِينَها ... واذكُرْ مع التِّينِ زَياتِينَها⁣(⁣٦)

  والمَيْلَق، كحَيْدَر: السَّرِيعُ، والياءُ زائِدَةٌ، قالَ الزَّفَيانُ:

  ناجٍ مُلِحٌّ في الخَبارِ مَيْلَقُ ... كأَنَّه سُوذَانِقٌ أَو نِقْنِقُ


(١) ديوان الهذليين ٢/ ١٠.

(٢) في الأصل والتهذيب، وفي اللسان: أبي عبيد.

(٣) عن التهذيب واللسان وبالأصل «وينبذ» وأندره: أخرجه وأسقطه.

(٤) اقتصر ياقوت على تقييدها بالنص: بفتح اللام والقاف.

(٥) نفح الطيب ط بيروت ١/ ١٥١.

(٦) نفح الطيب وبعده: وفي بعض النسخ:

لا تنس لإشبيلية تينها

ونسب ابن جزيّ البيتين الأولين لأبي محمد عبد الوهاب المالقي والتذييل لقاضي الجماعة أبي عبد الله بن عبد الملك.