تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع القاف

صفحة 466 - الجزء 13

  رَبِيعة بنِ كَعْب بن رَبِيعة بنِ ثَعْلَبة بن سَعْدِ بنِ ضَبَّة، فانظر ذلك.

  ومن المجاز: نافَق في الدِّين: إِذا سَتَر كُفرَه، وأَظْهَر إِيمانَه، ومَصْدرُه النِّفاق، وقد تقدّم ما فيه، وهو مأْخوذ من قَوْلِهِم: نافَقَ اليَرْبُوع: إِذا أَخَذَ في نافِقَائِه، وكذلك نفق به كانْتفَق، وذلك إِذا أَتى في قاصِعَائِه.

  وتَنَفَّقْتُه: استَخْرجْتُه من نافِقائِه بالحَرْشِ، واسْتَعارَه بعضُهم للشَّيْطانِ، أَنشدَ ابنُ الأَعرابيّ:

  وما أُمُّ الرُّدَيْنِ وإِن أَدَلَّتْ⁣(⁣١) ... بِعَالمةٍ بأَخْلاقِ الكِرامِ

  إِذا الشَّيْطانُ قَصَّع في قَفاهَا ... تَنفَّقْناه بالحَبْلِ⁣(⁣٢) التُّؤامِ

  أَي: استَخْرجْناه اسْتِخْراجَ الضَّبِّ من نافِقَائِه.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  في الحَديث: «اليَمِينُ الكاذِبَةُ مَنْفَقَةٌ للسِّلْعة، مَمْحَقَةٌ للبَرَكةِ» أَي: هي مَظِنَّة لنَفَاقِها ومَوْضِع له.

  وأَنْفَقُوا: نَفَقَت أَموالُهم.

  وجمع النَّفَقة أَنْفاق. وكذلك جَمْع النَّفَق بمعنى السَّرَب.

  واستَعاره امرؤُ القَيْسِ لجِحَرَةِ الفِئَرةِ، فقال يَصِف فرساً:

  خَفاهُنَّ من أَنْفاقِهِنَّ كأَنّما ... خَفاهُنّ ودْقٌ من عَشِيٍّ مُجَلِّبِ

  ونَفَق السِّعرُ نُفوقاً: كَثُر مُشْتَروه، عن اللَّيْث.

  وأَنفَق الرَّجلُ: وجد نَفاقاً لمتاعه. وفي المَثَل: «مَنْ باعَ عِرضَه أَنْفَقَ» أَي: من شاتَمَ النَّاسَ شُتِم. ومعناه أَنه يجِدُ نَفاقاً بعِرْضِه يَنالُ منه. ومنه قَولُ كَعْبِ بنِ زُهَيْرٍ ¥:

  أَبَيتُ ولا أَهْجُو الصَّدِيقَ ومن يَبِعْ ... بعِرْضِ أَبِيه في المَعاشِرِ يُنفِقِ⁣(⁣٣)

  أَي: يَجِدُ نَفاقاً، والباءُ مُقْحَمَة في قَوْله: «بعِرْضِ أَبيه».

  ونَفَقَت الأَيّم تَنْفِق نَفاقاً: إِذا كَثُر خُطَّابُها. وفي حديث عُمَر: «مِنْ حَظِّ المرْءِ نَفاقُ أَيِّمهِ» أَي: من سَعادَتِه أَن تُخْطَب نِساؤُه من بَناتِه وأَخَواتِه، ولا يَكْسَدْنَ كَسادَ السِّلَعِ التي لا تَنْفُق.

  وانْتَفَق الحارِشُ اليَرْبوعَ: استَخْرجه من نافِقَائِه.

  وأَنْفَقَ الضَّبَّ، واليَرْبُوعَ: إِذا لم يَرْفُقْ به حتى يَنْتَفِقَ ويَذْهَبَ.

  وقَولُ أَبِي وَجْزة:

  يَهدِي قَلائِصَ خُضَّعاً يَكنُفْنَه ... صُعْرَ الخُدُودِ نَوافِقَ الأَوْبارِ

  أَي: نَسَلَت أَوبارُها من السِّمَنِ.

  وزَيْت أَنفاق: غَضٌّ. قال الراجز:

  إِذا سَمِعْن صَوْتَ فَحْلٍ شَقْشَاقْ ... قَطَعْنَ مُصْفَرّاً كزَيْتِ الأَنْفاق

  وقد ذكر في «ف وق».

  وفي المَثَل: «دُونَ ذا ويَنْفُقُ الحِمار»⁣(⁣٤) وأَصلُه أَنَّ إِنساناً أَرادَ بَيْعَ حِمارٍ له، فقال لمُشَوِّرٍ: أَطْرِ حِمارِي ولَكَ عليَّ جُعْلٌ، فلما دَخَلَ به السُّوقَ قالَ له المُشَوِّر: هذا حِمارُك الذي كُنتَ تَصِيدُ عليه الوَحْشَ، فقال الرجُل: «دُونَ ذا ويَنْفُق الحِمار» أَي: الزَمْ قولاً دُونَ الذي تَقولُ، أَي: أَقلَّ منه والحِمار يَنْفقُ الآنَ دُونَ هذا، والوَاو لِلْحال⁣(⁣٥).

  ومُنفَّقُ السَّراوِيلِ، كمُعَظَّمٍ: نَيْفَقُها. يُقال: وَسِّع مُنَفَّقَها، وخَدِّلْ مُسَوَّقَها، وأَحْكِم مُنَطَّقَها، كما في الأَساسِ.


(١) في الحيوان ٥/ ٢٧٧ «فما أم الردين» وفي التهذيب: «وإن أكلّت» بدل «وإن أدلّت».

(٢) في الحيوان: «بالحيل».

(٣) البيت لزهير وهو في شرح ديوانه صنعة ثعلب ص ٢٥٠ برواية: «فلا أهجو» وقد سقطت القصيدة من ديوانه ط بيروت. وقد ثعلب للقصيدة قال: ويقال إن زهيراً وكعباً اشتركا فيها عن أبي عمرو، ومطلع القصيدة:

ويوم تلافيت الصبا أن يفوتني ... برحب الفروج ذي محالٍ موثَّقٍ

(٤) انظر مجمع الأمثال رقم ١٣٩١.

(٥) بعدها في مجمع الأمثال: ويروى: دون ذا ينفق الحمار من غير واو، أي ينفق من غير هذا القول. يضرب عند المبالغة في المدح إذا كان بدون اكتفاء.