تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حوك]:

صفحة 550 - الجزء 13

  [حوك]: حاكَ الثَّوبَ يَحُوكُهُ حَوكاً وحِياكاً وحِياكَةً بكسرِهما واوِيَّةٌ يائيَّةٌ إذا نَسَجَهُ فهو حائِكٌ من قومٍ حاكَةٍ على القياسِ وحَوَكَةٍ أَيْضاً بالتَّحريكِ وهو من الشاذِّ عن القياسِ المطَّرِدِ عن الاسْتِعْمالِ صحَّت الواو فيه لأَنَّهم شَبَّهوا حَرَكَة العينِ بالأَلفِ التابعَةِ لها بحرفِ اللِّينِ التابعِ لها، فكان فَعَلاً فَعال. فكما يصحُّ نحو جَوَاب وجَوَاد كذلِكَ يصحُّ نَحْو باب الحَوَكَةِ والقَوَدِ والغَيَبِ من حيْثُ شُبِّهت فتحَهُ العينِ بالأَلفِ من بعِدها، أَفَلا تَرَى إلى حركَةِ العينِ التي هي سببُ الإِعْلالِ كيفَ صارَتْ على وجْهٍ آخَرَ سبباً للتصحيحِ؟ ونِسْوَةٌ حَوائِكُ قال ذو الرُّمَّةِ يصِفُ مَحَلَّه:

  كأنّ عليها سحق لفق تأنقتْ ... بها حضر مياتُ الاكفِّ الحوائكِ

  والمَوْضِعُ مَحاكَةٌ نَقَلَه الجَوْهَريُّ.

  وحاكَ الشيءُ في صَدْري حَوْكاً رَسَخَ قالَ الأزْهَريُّ: ما حَكَّ في صْدِري منه شيءٌ، وما حَاكَ كلٌّ يقالُ: فمن قالَ حَكَّ قال يَحُكُّ، ومنْ قالَ حَاكَ قالَ يُحِيكُ. قالَ: والحائِكُ الرَّاسخُ في قلبِكَ الذي يَهمُّك.

  وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ: الحَوْكُ الباذَرُوجُ وقيلَ: البَقْلَةُ الحَمْقاءُ؛ قال: والأَوَّلُ أَعْرَفُ وحاكَةُ وادٍ ببلادِ بني عُذْرَةَ هكذا هو في العُبَابِ وضَبَطَه نَصْر في كتابِهِ بالخاءِ المُعْجمةِ⁣(⁣١) قالَ: وكانت بها وقْعَةٌ؛ ويقالُ: تَرَكْتُهُم في مَحْوَكَةٍ كمَقْعَدَةٍ أي في قِتالٍ وهو مجازٌ.

  * وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  حَاكَ الشِّعْرَ يَحُوكُه حَوْكاً نَسَجَه، مُسْتَعارٌ من حَاكَ الثوبَ من البرد، ومن ذلِكَ قَوْلُ كَعْب بن زُهَيْر رَضِيَ اللهُ تعالى عنه:

  فمن للقوافي شانها من يحُوكُها ... إذا ما ثوى كعبٌ وفوّز جرولُ

  ومن المجازِ أَيْضاً: المَطَرُ يَحُوكُ الأَرْضَ حَوْكاً. ويقالُ: ذَا على حَوْكِ ذَا أي مِثْلُه سِنًّا وهيئةً. ويقالُ: ناسٌ ليسَ عَلَيهم حَوْكةَ قُرَيشٍ أي لا يُشبهونَهم كما في الأَساسِ. وتَحوَّكَ بالثَّوبِ: احْتَبَى به نَقَلَه الأَزْهَريُّ في حَيَك.

  ويقالُ للصّغارِ الضَّاوين هؤُلاء حوك سوءٍ، بالتَّحْريكِ، ولم يقُل من الحوك واحد كما في العُبَابِ.

  [حيك]: حاكَ الثَّوبَ يَحِيكُ حَيْكاً بالفتحِ وحَيّكاً وحِياكةً: نَسَجَهُ، والحِياكَةُ صَنْعَتُه، قالَهُ اللّيْثُ وغَلَّطَه الأزْهَريُّ، وقالَ: إنَّما هو حَاكَهَ يَحُوكُه حَوكاً لا غَيْر.

  وحَاكَ الرجُلُ في مِشْيتِه يَحِيكُ حَيْكاً وحَيَكاناً محرَّكةً فهو حائِكٌ وحَيَّاكٌ وهي حَيَّاكَةٌ وحَيَكَى كجَمَزَى هكذا في سائِرِ النسخِ وهو غَلَطٌ لأَنَّ حَيَكَى مُحَرَّكَةً إنَّما هو في المصادِرِ كما يأْتي عن المبردِ، وأمَّا صفَةُ المؤَنَّثِ فهي حِيكَى بالكسرِ، قالَ سِيْبَوَيْه: امرَأَةٌ حِيْكَى كضِيْزَى أَصْلُها حُيْكَى فكُرِهَت الياءُ بعْدَ الضمَّةِ وكُسِرَتِ الحاءُ لتَسْلَم الياءُ، والدَّليلُ على أَنَّها فُعْلى أَنَّ فِعْلى لا تكونُ صفَةً البتَّةَ. ونَقَلَ الصَّاغَانيُّ عن المبردِ: يقالُ في مِشْيَتِه حَيَكَى مثال جَمَزَى إذا كانَ فيها تَبَخْتُرٌ فتأمَّلْ. ذلِكَ⁣(⁣٢). وحَيْكانَةٌ بالفتحِ والكسرِ وبضمِ الحاءِ وفتح الياءِ إذا تَبَخْتَرَ واخْتالَ أو حَرَّكَ مَنْكِبَيْهِ وجَسَدَهُ في مَشْيِهِ حين يمْشِي مَعَ كثرةِ لحمٍ وهذه المِشْيَة في النسَاءِ مَدْحٌ وفي الرجالِ ذَمٌّ، لأنَّ المرْأَةَ تَمْشِي هذه المِشْيَة من عِظَمِ فخْذَيْها، والرجُلُ يمْشِي هذه المِشْيَة إذا كانَ أَفْجَجَ. ويقالُ: حَاكَ في مِشْيَتِه إذا اشْتَدَّتْ وَطْأَتُه على الأَرْضِ. وقيلَ: الحَيَكانُ مِشْيَةٌ يُحَرِّك فيها الرجُلُ أَلْيَتَيْهِ.

  وقالَ الجَوْهَريُّ: هو مَشْيُ القَصِيرِ؛ وكلُّ ذلِكَ مستعارٌ من حِيَاكةِ الحائِكِ.

  وقالَ شَمِرٌ: حَاكَ القولُ في القَلبِ حَيْكاً إذا أخَذَ ورَسَخَ. ورَوَى الأزْهَرِيُّ بسنَدِهِ عن النّوَّاسِ بن سمْعَان رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه وفيه: «والإِثمُ ما حَاكَ في⁣(⁣٣) صدْرِكَ وكرهتَ أَنْ يطلعَ عليه الناسُ» أي أَثَّر فيه ورَسَخَ. ورَوَى شَمِرٌ في حدِيثِ: «الإِثمِ ما حَاكَ في النفْسِ وتردَّدَ في الصَّدرِ، وإنْ أَفْتاك الناسُ».


(١) ذكرها ياقوت في الحاء والخاء في ترجمتين مستقلتين.

(٢) الذي في الكامل للمبرد ٣/ ١٢٨٨ يقال: حاك الرجل في مشيته يحيك إذا تبختر. والأصل كالتكملة نقلاً عن المبرد. ولعله نقله عن كتاب آخر له.

(٣) في التهذيب واللسان: «نفسك».