[ضحك]:
  الرَّاغِبُ: رَجُلٌ ضُحَكَةٌ يَضْحَكُ من الناسِ، وضُحْكةٌ يُضْحَكُ منه. وهذا قَدْ تَقَدَّمَ البَحْثُ في ترْكِيبِ خ د ع والضَّحَّاكُ كشَدَّادٍ فَعَّالٌ من الضَّحِك وهو مَدْح ومِثْلُ هُمَزَةٍ ذَمٌّ والضُّحْكَةُ بالضمِ أذَمُّ وضَحِكَ به ومنه بمعْنًى وأضْحَكْتُه وهُمْ يَتَضاحَكونَ ومن المجازِ. الضاحِكَةُ كلُّ سِنِّ من مُقَدَّمِ الاضْراسِ تَبْدو(١) عندَ الضَّحِكِ والجَمْعُ الضَّوَاحِك أو هي الأَرْبَعُ التي بين الأَنْيَابِ والأَضْرَاسِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. وقال أبو زَيْدٍ: للرَّجلِ أَرْبَعِ ثَنَايا وأَرْبعِ رَباعِيَات وأَرْبَع ضَواحِك وثنْتَا عَشَرة رَحىً، وفي كلِّ شِقٍّ ستٌّ وهي: الطَّواحين ثم النَّواجِذُ بَعْدها، وهي أَقْصى الأَضْراس.
  والأُضْحُوكَةُ بالضمِ ما يُضْحَكُ منه نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والأَضَاحِيك جَمْعُه. ومن المجازِ: ضَحِكَتِ الأَرْنَبُ كفَرِحَ أي حاضَتْ قال الزَّمَخْشَرِيُّ: وتَزعَمُ العَرَبُ أنَّ الجنَّ تَمْتَطِي الوَحْش تَجْتَنِب الأَرْنَب لمكانِ حَيْضِها ولذلك يَسْتَدْفِعُون العَيْن بتَعْلِيقِ كعَابِها وقَدْ تقدَّمَ في «ر س ع» قيلَ ومنه أي من اسْتِعْمالِه في مَعْنَى الحَيْضِ قَوْلُه تعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} فَبَشَّرْناها {بِإِسْحاقَ}(٢)، وقُرِئَ بفتحِ الحاءِ فقيلَ هو مُخْتص بمعْنى خاصّ وقيلَ: إنَّها لغَةٌ مَعْروفةٌ في ضِحك بكسرِها وهذا التأوِيل الذي ذَكَرَه هو قَوْل مُجَاهِدٍ وأَنْشَدَ ابنُ سِيْدَه:
  وضِحْك الأَرانبِ فَوْقَ الصَّفا ... كمثلِ دَمِ الحَوْفِ يوم اللِّقَا(٣)
  قالَ: يَعْنِي الحيضَ فيمَا زَعَمَ بعضُهم. قالَ أَبُو طالِبٍ: وقال بعِضُهم في قَوْلِه: ضَحِكَتْ أي حاضَتْ إنَّ أَصْلَه من ضَحَّاك الطَّلْعة(٤) إذا انْشَقَّت؛ قالَ: وقالَ الأَخْطَلُ فيه بمعْنَى الحيضِ:
  تَضْحَكُ الضَّبْعُ مِن دِماءِ سُلَيْمٍ ... إذ رَأَتْها على الحِداب تَمُورُ(٥)
  وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ في قَوْل تأَبَّطَ شرّاً الآتِي ذِكْره: أي أنَّ الضَّبْع إذا أَكَلَت لحومَ الناسِ أَو شَرِبَت دِماءَهم طَمِثَتْ، وقد أَضْحكها الدمُ؛ وقال الكُمَيْتُ:
  وأَضْحَكَتِ الضِّباعَ سُيوفُ سَعْدٍ ... لقَتْلى ما دُفِنَّ وما وُدِينا(٦)
  وكانَ ابنُ دُرَيْدٍ يردُّ هذا ويقُولُ: مَنْ شاهَدَ الضِّباعَ عنْدَ حَيْضَتِها فَيَعْلَمُ أَنَّها تحيضُ؟ وإنَّما أَرَادَ الشاعِرُ أَنَّها تَكْشِرُ لأَكْلِ اللّحُومِ، وهذا سهْوٌ منه فجعل كَشْرَها ضَحِكاً؛ وقيلَ معْنَاه أَنَّها تَسْتَبْشر بالقَتْلى إِذا أَكَلَتهم فيَهِرُّ بعضُها على بعضٍ فجعَلَ هَرِيرها ضَحِكاً، وقيلَ: أَرَادَ أَنَّها تُسَرُّ بهم فجَعَلَ السّرُورَ ضَحِكاً لأَنَّ الضَّحِكَ إِنَّما يكونُ منه كتَسْمِيةِ العِنَبِ خمراً، وكذلك أَنْكَره الفرَّاءُ وقالَ: لم أَسْمَعْه من ثِقَةٍ. وقالَ أبو عَمرٍو: وسَمِعْتُ أَبَا موسَى الحَامِض يَسْأَلُ أَبَا العبَّاسِ عن قَوْلِه فَضَحِكَتْ أي حاضَتْ، وقال إنَّه قد جَاءَ في التفْسِيرِ، فقالَ: ليْسَ في كلامِ العَرَبِ والتفْسِيرُ مُسَلَّمٌ لأَهلِ التفْسِيرِ فقالَ له: فأَنْتَ أَنْشَدْتنا لتأبَّطَ شرّاً:
  تَضْحَكُ الضَّبْعُ لقَتْلى هُذَيْلٍ ... وتَرى الذئبَ بها يَسْتَهِلُّ(٧)
  فقال أَبو العيَّاش: تَضْحَك هنا تَكْشِرُ، وذلك أَنَّ الذئبَ ينازِعُها على القَتِيْل فتَكْشِر في وَجْهه وَعِيداً فيتْركُها مَعَ لحمِ القتيلِ ويمرُّ. وقَوْلُه: يَسْتهلُّ أي يصِيْحُ فيَسْتَعْوي الذِّئابَ إلى القَتْلى. وقال ابنُ دُرَيْدٍ(٨): سأَلْتُ أَبا حاتِمٍ عن هذا البيتِ وقلْتُ له زَعَمَ قَوْم أَنَّ تَضْحَك تَحِيْض، فقالَ: متى صحَّ عنْدَهم أَنَّ الضَّبْعَ تَحِيْضُ ثم قالَ: يا بُنَي إنَّما هي تَكْشِرُ للقَتْلَى إذا رَأَتْهم كما قالُوا: يَضْحَكُ العِيْر إذا انتزع الصليانة وإنَّما يَكْشِرُ وتَزْعَمُ العربُ أنَّ الضِّبْعَ تَقْعد على غَرَامِيل الْقَتَلى إذا وَرِمت وهذا كالصَّحِيحِ عنْدَهم. وقالَ أَبُو إسْحَق الزَّجَّاجُ: رُوِيَ أَنَّها ضَحِكَتْ لأَنَّها لمَّا كانَتْ قالَتْ لإِبْرَاهيم: اضْمُمْ لُوطاً ابن أَخِيك إِليك فإِنِّي أعْلم أَنَّه سيَنْزلُ بهؤلاءِ القَوْم عذابٌ، فَضَحِكَتْ سُروراً لمَّا أَتَى الأَمْر على ما تَوَهَّمْت، قالَ: فأَمَّا مَنْ قالَ في تَفْسِيرهِ أنَّها حاضَتْ فليْسَ بشيْءٍ. ورَوَى الأَزْهَرِيُّ عن الفرَّاءِ مِثْل هذا وقالَ:
(١) اللسان: «تندر».
(٢) سورة هود الآية ٧١.
(٣) اللسان.
(٤) كذا بالأصل واللسان وبهامشه: كذا بالأصل، والإضافة بيانية لأن الضحاك كشداد: طلع النخلة إذا انشق عنه كمامه.
(٥) لم أجده في ديوانه، والبيت في اللسان والتهذيب منسوباً للأخطل.
(٦) اللسان والتهذيب والتكملة.
(٧) التهذيب واللسان والتكملة الجمهرة ٢/ ١٦٧ ونسبه للعدواني، وقال: قال قوم إنه لتأبط شراً.
(٨) الجمهرة ٢/ ١٦٧.