تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ورك]:

صفحة 665 - الجزء 13

  إذا مَلَّ من الركوبِ. ومنه الحدِيثُ: «حتى إِنَّ رأْسَ ناقَتِه لتُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْله». أَرَادَ أَنَّه قَدْ بالَغَ في جذْبِ رَأْسِها إليه ليَكُفّها عن السيرِ. والوِرَاكُ ككِتابٍ ثَوْبٌ يُزَيَّنُ به المَوْرِكُ وأَكْثَر ما يكونُ من الحِبَرةِ ج وُرُكٌ ككُتُبٍ، ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْدَة قالَ: الوِراكُ: النُّمْرُقَةُ التي تُلْبَسُ مُقَدَّمَ الرَّحْلِ ثم يُثْنَى تحْته تزين به وأَنْشَدَ لزُهيْر:

  مُقْوَرَّةً تَتَبارَى لا شَوارَ لها ... إِلَّا القُطوعُ على الأَجْوازِ والوُرُك⁣(⁣١)

  وفي حدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ الله تعَالَى عنه: «أَنَّه كان يَنْهِي أَنْ يُجْعَل في وِراكٍ صَلِيبٌ»، قالُوا: هو ثوبٌ يُنْسَجُ وَحْده يُزَيَّنُ به الرَّحْل. وقال أَبُو عُبَيْد⁣(⁣٢): الوِرَاكُ: رَقْمٌ يُعْلَى المَوْرِكَةَ وله ذُؤَابَةُ عُهونٍ كذا نصّ العُبَابِ ونصّ اللِّسَانِ، ولها ذُؤابةُ عُهونٍ. وقالَ أَبُو زَيْدٍ: الوِرَاكُ: الذي يُلْبس المَوْرِكَة أو هي خِرْقَةٌ مُزَيَّنَةٌ صَغيرَةٌ تُغَطِّي المَوْرِكَةَ ويقالُ: وَرَكَ الرَّجلُ على المَوْرِكَةِ. والمِوْرَكَةُ كمِكْنَسَةٍ قادِمَة الرَّحْلِ كالمِوْراكِ كذا في سائِرِ النسخِ، وفي اللِّسَانِ كالوِرَاكِ أي ككِتابٍ. وقالَ أَبو عَمْرٍو: هي المِيْرَكة وسَيَأْتي. والمِوْرَكَةُ أَيْضاً مِثْلُ المِصْدَغَةِ يَتَّخِذُها الرَّاكِبُ تحتَ وَرِكِهِ ويَحْتَضِن الواسِط بمأْبِضِه وهو مَثْنَى الرُّكْبَةِ نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ. ووَرَكَ الحَبْلَ أو الرَّحْلَ يَرِكُ كوَعَدَ يَعِدُ وَرْكاً جَعَلَهُ حِيالَ ورِكِهِ كَوَرَّكَهُ تَوْرِيكاً، والذي نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْدٍ عن الأَصْمَعِيّ: وَرَكَ الجَبْلَ وَرْكاً جَعَلَه حِيَالَ وَرِكه، هكذا هو بالجيمِ المُوَحَّدَةِ وأَنْشَدَ قَوْلَ زُهَيْرٍ:

  وَوَرَّكْنَ بالسُّوبان يَعْلونَ مَتْنَه ... عليهنَّ دَلُّ الناعِمِ المُتَنَعِّمِ⁣(⁣٣)

  وأَنْشَدَ غيرُه في التَّوْرِيكِ لبعضِ الأَغْفالِ:

  حتى إِذا وَرَّكْتُ من أُيَيْرِي ... سَوادَ ضِيفَيْهِ إِلى القُصَيْرِ

  رَأَتْ شُحوبي وبَذاذَ شَوْرِي⁣(⁣٤)

  وقال ابنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣٥): وَرَكَ بالمَكانِ يَرِكُ وُرُوكاً كقُعُودٍ أقامَ به. قالَ اللَّحْيَانيُّ: كتَوَرَّكَ به ووَرَكَ على الأَمْرِ وُرُوكاً بالضمِ قَدَرَ عليه كَوَرَّكَ تَوْرِيكاً وتَوَرَّكَ. ووَرَكَ الحِمارُ على الأَتانِ وَرْكاً ووُرُوكاً إذا وَضَعَ حَنَكَهُ على قَطاتِها نَقَلَه الصَّاغَانيّ. ووَرَكَ الرَّجُلُ يَرِكُ وركاً ثَنَى وَرِكَهُ على الدابَّةِ لِيَنْزِلَ وذلك إذا مَلَّ من الرُّكوبِ. قال أَبو حاتم: يقالُ ثَنَى وَرِكه فنَزَلَ ولا يجوزُ وَرْكه في ذا المَعْنَى إنَّما هو مَصْدَرُ وَرَكَ يَرِكُ وَرْكاً. ووَرَكَ فُلاناً يَرِكُه وَركاً ضَرَبَهُ في وَرِكِهِ ووارَك الجَبَلَ إذا جاوَزَهُ ووَرَّكَهُ تَوْرِيكاً أوجَبَهُ ومن المجازِ: وَرَّكَ الذَّنْبَ عليه إذا حَمَلَهُ وأَضَافَه إليه وقَرَفَه به كأَنَّه يُلْزِمُه إِياه. ومنه قَوْلُ الحَسَنِ: «من أَنْكَرَ القَدَرَ فَقَدْ فَجَرَ ومن وَرَّكَ ذَنْبَه على الله فقد كَفَرَ». وإنه لَمُوَرَّكٌ كمُعَظَّمٍ في هذا الأَمْرِ أي ليسَ له فيه ذَنْبٌ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، ومنه توْرِيك العُلَماء في مُصَنَّفاتِهم على بعضٍ والوِرْكُ بالكسرِ جانِبُ القَوْسِ ومَجْرَى الوَتَرِ منها عن ابنِ الأَعْرَابيِّ وأَنْشَدَ:

  هل وصْلُ غانيةٍ عَضَّ العَشيرُ بها ... كما يَعَضُّ بظَهْرِ الغارِبِ القَتَبُ⁣(⁣٦)

  إلَّا ظُنُونٌ كوِرْكِ القَوْسِ إنْ تُرِكت ... يوماً بلا وَتَرٍ فالوِرْكُ مُنْقَلبُ

  ورَوَى الفرَّاءُ فيه الفتْحَ أَيْضاً وقالَ: هو موْضعُ العِجْسِ. وقالَ أَبو حَنِيْفَة: الوِرْكُ القَوْسُ المَصْنوعَةُ من وَرِكِ الشَّجَرَةِ أي عَجُزِها وقال غيرُه: أَي أَصْلها وأَنْشَدَ للهُذَليِّ:

  بها مَحِصٌ غيرُ جافي القُوَى ... إِذا مُطْيَ حَنَّ بِوَرْكٍ حُدالِ⁣(⁣٧)

  وقال الأَصْمَعِيُّ: الوِرْكُ أَشَدّ موْضِع فيه. وقالَ ابنُ حَبيبٍ عنه: الوِرْكُ أَصْل القَضِيبِ وهو أشد له ووركه أشده.

  قُلْتُ: والهُذَليُّ هو أُميَّةُ بنُ أَبي عائِذٍ يصِفُ قوساً، وقَوْلُه: مُطْيَ أَرَادَ مُطِيَ فأَسْكن الحرَكَةَ. والوُرْكُ بالضم وبضمتينِ جَمْعُ وِراكٍ بالكسرِ وقَدْ تَقَدَّمَ شاهِدُه من قَوْلِ زُهَيرٍ قريباً، واقْتَصَرَ المُصَنِّفُ هنا على أَحدِ الوَجْهين.

  والوَرِكانِ بكسرِ الراءِ ما يَلِي السِّنْخَ من الأَصْلِ وظاهِرُ سياقِ المُصَنِّفِ يَقْتضِي أنَّه بالفتحِ وهو غَلَطٌ، وكوَرِثَ هكذا


(١) ديوانه ط بيروت ص ٤٨ والصحاح واللسان.

(٢) التهذيب واللسان: أبو عبيدة.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ٧٧ واللسان والصحاح والأساس.

(٤) اللسان.

(٥) الجمهرة ٢/ ٤١٤.

(٦) اللسان.

(٧) البيت لأمية بن أبي عائذ الهذلي، شعره في ديوان الهذليين ٢/ ١٨٤ واللسان بقافية ساكنة.