تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حتم]:

صفحة 126 - الجزء 16

  وقالَ آخَرُونَ: جَهَنَّمُ عَرَبيُّ سُمِّيَت نارُ الآخِرَةِ بها لبُعدِ قَعْرِها، وإنَّما لم يُجْرَ لثِقَلِ التَّعْريفِ وثِقَلِ التّأْنيثِ، وقيلَ: هو تَعْريبُ كِهِنَّام بالعِبْرانيّةِ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: من جَعَل جَهَنَّم عَربيًّا احْتَجَّ بقوْلِهِم: بِئرٌ جِهنَّام، ويكونُ امْتِناع صَرْفِه للتَّأْنيثِ والتَّعْريفِ، ومن جَعَلَه أَعْجَميًّا احْتَجَّ بقولِ الأعْشَى: ودَعَوْا له جُهُنَّام. فلم يَصْرِفْ، فيكونُ على هذا لا يَنْصَرِف للتَّعْريفِ والعجمة والتّأْنيثِ أَيْضاً، ومن جَعَلَ جُهُنَّام اسْماً لتابِعَةِ الشاعِرِ المُقاوِم للأَعْشَى لم تكن فيه حجَّة لأَنَّه يكونُ امْتِناع صَرْفِه للتَّأْنيثِ والتَّعْرِيفِ لا للعُجْمة.

  وحَكَى أَبو عليٍّ أَنَّ جَهَنَّم اسمٌ أَعْجميُّ، قالَ: يُقَوِّيه امْتِناع صَرْف جُهُنَّام في بيتِ الأَعْشَى.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  كفر جَهَنّم: قرْيَةٌ بمِصْرَ.

  [جيم]: الجِيْمُ، بالكسْرِ: أَهْمَلَه الجوْهَرِيُّ.

  وقوْلُه: الإِبِلُ المُغْتَلِمَةُ وَهمٌ. والذي نَقَلَه بنفْسِه في البَصائِرِ عن الخَلِيلِ قالَ: الجيمُ عنْدَهم الجَمَلُ المُغْتَلِمُ، وأَنْشَدَ:

  كأَني جيم في الوَغْي ذو شَكِيمة ... ترى البزلَ فيه رَاتِعات ضَوامِرا

  والجِيمُ أَيْضاً: الدِّيباجُ، هكذا سَمِعْتُه من بعضِ العُلَماءِ نَقْلاً عن أَبي عَمْرو الشَّيْبانيّ مُؤَلِّفِ كتابِ الجيمِ.

  قلْتُ: نقل المصنِّف في البَصائِرِ ما نَصّه: قالَ أَبو عَمْرو الشَّيْبانيّ: الجِيمُ في لُغَةِ العَرَبِ الدِّيباجُ. ثم قالَ: وله كتابٌ في اللّغَةِ سَمَّاه الجِيم كأَنَّه شَبَّهه بالدِّيباجِ لحُسْنِه، وله حِكَايَة حَسَنَة مَشْهورَةٌ، انتَهَى.

  فلو قالَ المصنِّفُ هنا: والدِّيباج عن أَبي عَمْرو في كتابِ الجيمِ لكانَ مُفِيداً مُخْتصراً. وقوْلُه: سَمِعْته، إلى آخره، يدلُّ على أَنَّ المصنِّفَ لم يَطَّلع على كتابِ الجيمِ كما هو ظاهِرٌ، وكَلامُه في البَصائِرِ مُحْتملٌ أَنَّه نَقَلَه منه بِلَا وَاسِطَة، أَو نقلَ ممَّنْ نَقَلَه منه، فتَأَمَّل.

  والجِيمُ: حَرْفُ هِجَاء مَجْهور.

  وفي البَصائِرِ: اسمٌ لحَرْف شَجَريّ مَخْرَجُه مُفْتَتَح الفمِ قَرِيباً مِن مَخْرَج الباءِ، يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ.

  وفي التَّهْذِيبِ: مِن الحُرُوف التي تُؤَنَّثُ ويجوزُ تَذْكِيرُها.

  وجَيَّمَ جِيماً حَسَنَةً: أَي كَتَبها، وجَمْعُه أَجْيامٌ وجِيْماتٌ.

  وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  الجِيمُ: يكنى به عن الجِسْم أَو الرُّوح، قالَ الشاعِرُ:

  أَلا تَتَّقِيْن الله في جيمِ عاشقٍ ... له كَبِدٌ حَرَّي عليك تقطَّعُ

  ويُرْوَى: في جيبِ عاشِقٍ: ويكنَى به أَيْضاً عن شعورِ الأَصْداغِ، قالَ الشاعِرُ:

  له جيمُ صدْغٍ فوْقَ عاجٍ مصْقل ... كليل على شمسِ النَّهارِ يَمُوجُ⁣(⁣١)

فصل الحاء المهملة مع الميم

  [حبرم]: المُحَبْرَمُ⁣(⁣٢): أَهْمَلَه الجوْهَرِيُّ.

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ: هو مِن الرُّباعِي المُؤَلَّفِ، وهو مَرَقَةُ حَبِّ الرُّمَّانِ، والحَبْرَمَةُ: اتِّخاذُها، أَي فهو مُؤَلَّف مِن حبِّ الرُّمَّانِ.

  [حتم]: الحَتْمُ: الخالِصُ، وهو قَلْبُ المَحْتِ.

  ويقالُ: هو الأَخُ الحَتْمُ أَي المَحْضُ الحقُّ، قالَ أَبو خِرَاشٍ يَرْثي رجُلاً:

  فو اللهِ ما أَنساكَ ما عِشْتُ لَيْلَةً ... صَفيِّي من الإِخْوانِ والولدِ الحَتْمِ⁣(⁣٣)


(١) ومما يستدرك عليه: الجيعم: الجائع، كما في اللسان. ونبه على هذا الاستدراك مصحح المطبوعة المصرية. وقد ورد تنبيهه بعد قوله «ومما يستدرك عليه: الجيم ...».

(٢) على هامش القاموس عن إحدى نسخه: كمُزَعْفَرٍ.

(٣) شرح أشعار الهذليين، وفي زيادات شعره ٣/ ١٣٤٥ واللسان والتكملة والتهذيب. [عبارة اللسان: «لا أنساك» بدلاً من: ما أنساك].