تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[شحن]:

صفحة 316 - الجزء 18

  وشَحَنَ شَحْناً: طَرَدَ وشَلَّ. يقالُ: مَرَّ يَشْحَنُهم، أَي يَطْرُدُهم يَشُلُّهم ويَكْسَؤُهم.

  وشَحَنَ شَحْناً؛ أَبْعَدَ.

  قالَ الأزْهرِيُّ: سَمِعْتُ أَعْرابيّاً يقولُ: أشْحَنْ عنك فلاناً أَي نَحِّه وأَبْعِدْه.

  وشَحَنَ المَدينَةَ بالخيْلِ شَحْناً: مَلأَها بها، كأَشَحْنَهَا.

  وشَحَنَتِ الكِلابُ تَشْحُنُ، كتَنْصُرُ وتَعْلَمُ وتَمْنَعُ، شَحْناً وشُحُوناً: أَبْعَدَتِ الطَّرْدَ ولم تَصِدْ شَيئاً فهو كلبٌ شاحِنٌ، والجَمْعُ الشَّواحِنُ: قالَ الطرمَّاحُ يَصِفُ الصَّيْدَ والكِلابَ:

  توَدِّعُ بالأَعْراسِ كلَّ عَمَلَّسٍ ... من المُطْعِماتِ الصَّيْدَ غيرِ الشَّواحِنِ⁣(⁣١)

  ويُرْوَى: الشوَّاجِن بالجيمِ؛ وتكلَّفَ ابنُ سِيْدَه في معْناهُ.

  والشِّحْنَةُ، بالكسْرِ: ما يُقامُ؛ وفي التهْذِيبِ: ما يُفاضُ⁣(⁣٢)، للدَّوابِّ من العَلَفِ الذي يَكْفِيها يَوْمَها ولَيْلَتَها هو شِحْنَتُها؛ نَقَلَهُ الأَزْهرِيُّ.

  والشِّحْنَةُ في البَلَدِ، وفي التهْذِيبِ: وشِحْنَة الكُورَةِ، مَنْ فيه، وفي التهْذِيبِ: مَنْ فيهم، الكِفايَةُ لضَبْطِها من جِهَةِ، وفي التَّهْذِيبِ: مِن أَوْلياءِ، السُّلْطانِ.

  وقالَ ابنُ بَرِّي: وقوْلُ العامَّةِ في الشِّحْنَةِ إنَّه الأَميرُ غَلَطٌ.

  والشِّحْنَةُ: العَداوَةُ تَمْتلِئُ منها النَّفْس، كالشَّحْناءِ؛ ومنه الحدِيثُ: «إلَّا رجلاً كانَ بَيْنه وبينَ أَخِيه شَحْناء».

  والشِّحْنَةُ: الَّرابِطَةُ من الخَيْلِ، هذا هو الأَصْل في اللّغَةِ، ثم أَطْلَقها العامَّةُ على الأميرِ على هؤلاء.

  وشاحَنَهُ مُشاحَنَةً: باغَضَهُ، وقيلَ: ما دُونَ القِتالِ مِن السَّبِّ والتَّعايُرِ. وأَشْحَنَ الرَّجُلُ، وقيلَ الصَّبيُّ: تَهَيَّأَ للبُكَاءِ، وكذلِكَ أَجْهَشَ؛ وقيلَ: هو الاسْتِعْبارُ عنْدَ اسْتِقْبالِ البُكَاءِ.

  وقالَ الرَّاغبُ: الإشْحانُ: أَنْ تَمْتلئَ نَفْسه لتهيئه للبُكَاءِ.

  وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لأَبي قِلَابَة الهُذَليّ:

  إذ عارَتِ النَّبْلُ والتَفَّ اللُّفوفُ وإذْ ... سَلُّوا السُّيوفَ وقد هَمَّتْ بإشْحانِ⁣(⁣٣)

  وأَشْحَنَ السَّيْفَ: أَغْمَدَهُ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ؛ وسيوفٌ مُشْحَنة في أَغمادِها؛ وأَنْشَدَ قَوْل أَبي قِلابَة المَذْكُور:

  سَلُّوا السُّيوفَ عُراةً بعدَ إشْحانِ

  ورِوايَةُ الجَوْهرِيّ هنا:

  وقد هَمَّتْ بإشْحانِ.

  كما أَنْشَدَه ابنُ بَرِّي، ورَوَاه الأزْهرِيُّ:

  عُراةً بعْدَ إشْحانِ.

  ونَقَلَ الصَّاغانيُّ عن بعضِهم: أَشْحَنَ السَّيفَ: سَلَّهُ مِن غمْدِهِ، فهو ضِدٌّ.

  وأَشْحَنَ له بسَهْمٍ: إذا اسْتَعَدَّ له ليَرْمِيَهُ؛ عن الصَّاغَانِيّ.

  والمُشاحِنُ المذكورُ في الحديثِ، يعْنِي حدِيْث لَيْلَة النّصْفِ مِن شَعْبان: «يَغْفرُ الله لكلِّ بَشَرٍ ما خَلا مُشْرِكاً أَو مُشاحِنا».

  وفي حدِيثِ أَبي سعيدٍ مِن طريقِ محمدِ بنِ عيسَى بنِ حبان: «لا يَنْظر الله فيها إلى مُشْرِكٍ ولا إلى مُشاحِنٍ».

  وأَخْرَجَ الإمامُ أَحمدُ في مُسْندِه مِن حدِيثِ أَبي لهيعَةَ بسَنَدِه عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ: إلَّا لاثْنَيْن مُشاحِنٌ وقاتِلُ نفْسٍ.

  وفي حدِيثِ أَبي الدَّرْداء: «إلَّا لمُشْرِكٍ أَو قاتِل نفْسٍ


(١) اللسان «شجن وشحن» وفيه: يودع بالأمراس.

(٢) كذا، والذي في التهذيب: «ما يقام» كالأصل.

(٣) ديوان الهذليين ٣/ ٣٨ وشرح أشعار الهذليين ٢/ ٧١٢ في شعر أبي قلابة برواية: «عواة بعد إشجان» والبيت بتمامه في اللسان والصحاح والتكملة، والتهذيب.