تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع النون

صفحة 391 - الجزء 18

  وعُنُّ، بالضَّمِّ: قَبِيلَةٌ مِن العَرَبِ.

  وأَيْضاً: ع؛ قالَ نَصْر: هو جَبَلٌ بالقُرْبِ مِن مران في طرِيقِ البَصْرَةِ إلى مكَّةَ.

  ومِن المجازِ: هو عَنَّانٌ عن الخَيْرِ وكَرَّامٌ وخَنَّاسٌ، كشَدَّادٍ: أي بَطِيءٌ عنه.

  ومِنَ المجازِ: جارِيَةٌ مُعَنَّنَةُ الخَلْقِ، كمعَظَّمَةٍ: أي مَطْوِيَّتُه.

  وفي الأساسِ: مَجْدولَةٌ جَدْلَ العِنانِ.

  وعَنْ، مُخَفَّفَةٌ، على ثَلاثَةِ أَوْجُهٍ: تكونُ حَرْفاً جارّاً ولها عشرةُ مَعانٍ:

  الأوَّلُ: المُجاوَزَةُ، نحْوَ سافَرَ عن البَلَدِ، أي تَجاوَزَ عنه.

  وكذا أَطْعَمَه عَنْ جُوعٍ: جَعَلَ الجُوعَ مُنْصرفاً به تارِكاً له، وقد جاوَزَه، وتقَعُ من مَوْقِعها، كقوْلِهِ تعالَى: {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ}⁣(⁣١).

  وقالَ الرَّاغبُ، ¦: عَنْ تَقْتَضِي مُجاوَزَة ما أُضِيفَت إليه نَحْو حدَّثْتُك عن فلانٍ، وأَطْعَمْته عن جُوْعٍ.

  وقالَ النّحويُونَ: عَنْ وُضِعَ لمعْنَى ما عَدَاكَ وتَرَاخَى عنك. يقالُ: انْصَرفْ عَنِّي، وتَنحَّ عَنِّي.

  الثاني: البَدَلُ نحْو قوْلِهِ تعالَى: {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً}⁣(⁣٢)، أي بَدَل نَفْسٍ.

  الثالِثُ: الاسْتِعْلاءُ، نحْوَ قوْلِهِ تعالى: {فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}⁣(⁣٣) أي على نَفْسِه.

  ونَقَلَ الرَّاغِبُ عن أَبي محمدٍ البَصْرِيّ، ¦: عنْ يُسْتَعْمل أَعَمّ مِن على، لأنَّه يُسْتَعْمل في الجهاتِ السِتِّ، ولذلِكَ وَقَعَ موْقِعَ على في قوْلِ الشاعِرِ.

  إذا رضيت عني كرام عشيرتي⁣(⁣٤)

  قالَ: ولو قُلْت: أَطْعَمْته على جُوعٍ، وكُسَوْته على عرى لصَحّ.

  قالَ: ومنه قَوْلُ ذي الإصْبَع العدوانيّ:

  لاه ابنُ عمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ ... عَني ولا أَنْتَ دَيّاني فتَخْزُوني⁣(⁣٥)

  أي لم تُفْضِلْ في حَسَبٍ على قالَهُ ابنُ السِّكِّيت.

  الرّابعُ: التَّعْليلُ، نحْوَ قوْلِه تعالى: وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلّا عَنْ مَوْعِدَةٍ⁣(⁣٦)، أي إلَّا لمَوْعِدَةٍ، وقَوْلُ لبيدٍ، رضِيَ الله تعالى عنه:

  لوِرْدٍ تَقْلِصُ الغِيطانُ عنه ... يَبُكُّ مَسافَةَ الخِمْسِ الكَمالِ⁣(⁣٧)

  قالَ ابنُ السِّكِّيت: قوْلُه عنه أي مِن أَجْلِه.

  الخامِسُ: مُرَادَفَةُ بَعْدَ نحْوَ قوْلِهِ تعالى: عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ⁣(⁣٨)، أي بَعْدَ قَليلٍ؛ وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيت:

  ولقد شُبَّتِ الحُرُوبُ فما غَمَّرْتَ ... فيها إذ قَلَّصَتْ عن حِيالِ⁣(⁣٩)

  قالَ: أي قلَّصَتْ بَعْدَ حِيالِها.

  * قلْتُ: ومنه قوْلُه تعالَى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}، أي حالاً بَعْدَ حالٍ ومَنْزلَةً بعْدَ مَنْزلَةٍ.

  وقوْلُهم: وَرِثَه كابِراً عن كابِرٍ أي بعْدَ كابِرٍ، قالَهُ أَبو عليٍّ، وقد تقدَّمَ في القافِ، وقالَ الحارِثُ بنُ عَبَّاد:

  قَرِّبا مَرْبَطَ النّعامَةِ مِنِّي ... لقِحَتْ حَرْبُ وائِلٍ عن حِيالِ⁣(⁣١٠)


(١) قريش، الآية ٤.

(٢) البقرة، الآية ٤٨.

(٣) محمد، الآية ٣٨.

(٤) في المفردات للراغب برواية:

إذا رضيت عليّ بنو قشير

(٥) المفضلية ٣١ البيت ٤، واللسان والتهذيب ٣/ ٢١٦ والصحاح والخزانة ٣/ ٢٢٢ ومغني اللبيب ص ١٩٦.

(٦) التوبة، الآية ١١٤.

(٧) ديوانه ص ١١٨ واللسان والتهذيب ٣/ ٢٢٧.

(٨) المؤمنون، الآية ٤٠.

(٩) اللسان والتهذيب ٣/ ٢٢٧.

(١٠) اللسان وعجزه في الصحاح.