فصل العين مع النون
  وعُنُّ، بالضَّمِّ: قَبِيلَةٌ مِن العَرَبِ.
  وأَيْضاً: ع؛ قالَ نَصْر: هو جَبَلٌ بالقُرْبِ مِن مران في طرِيقِ البَصْرَةِ إلى مكَّةَ.
  ومِن المجازِ: هو عَنَّانٌ عن الخَيْرِ وكَرَّامٌ وخَنَّاسٌ، كشَدَّادٍ: أي بَطِيءٌ عنه.
  ومِنَ المجازِ: جارِيَةٌ مُعَنَّنَةُ الخَلْقِ، كمعَظَّمَةٍ: أي مَطْوِيَّتُه.
  وفي الأساسِ: مَجْدولَةٌ جَدْلَ العِنانِ.
  وعَنْ، مُخَفَّفَةٌ، على ثَلاثَةِ أَوْجُهٍ: تكونُ حَرْفاً جارّاً ولها عشرةُ مَعانٍ:
  الأوَّلُ: المُجاوَزَةُ، نحْوَ سافَرَ عن البَلَدِ، أي تَجاوَزَ عنه.
  وكذا أَطْعَمَه عَنْ جُوعٍ: جَعَلَ الجُوعَ مُنْصرفاً به تارِكاً له، وقد جاوَزَه، وتقَعُ من مَوْقِعها، كقوْلِهِ تعالَى: {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ}(١).
  وقالَ الرَّاغبُ، ¦: عَنْ تَقْتَضِي مُجاوَزَة ما أُضِيفَت إليه نَحْو حدَّثْتُك عن فلانٍ، وأَطْعَمْته عن جُوْعٍ.
  وقالَ النّحويُونَ: عَنْ وُضِعَ لمعْنَى ما عَدَاكَ وتَرَاخَى عنك. يقالُ: انْصَرفْ عَنِّي، وتَنحَّ عَنِّي.
  الثاني: البَدَلُ نحْو قوْلِهِ تعالَى: {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً}(٢)، أي بَدَل نَفْسٍ.
  الثالِثُ: الاسْتِعْلاءُ، نحْوَ قوْلِهِ تعالى: {فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}(٣) أي على نَفْسِه.
  ونَقَلَ الرَّاغِبُ عن أَبي محمدٍ البَصْرِيّ، ¦: عنْ يُسْتَعْمل أَعَمّ مِن على، لأنَّه يُسْتَعْمل في الجهاتِ السِتِّ، ولذلِكَ وَقَعَ موْقِعَ على في قوْلِ الشاعِرِ.
  إذا رضيت عني كرام عشيرتي(٤)
  قالَ: ولو قُلْت: أَطْعَمْته على جُوعٍ، وكُسَوْته على عرى لصَحّ.
  قالَ: ومنه قَوْلُ ذي الإصْبَع العدوانيّ:
  لاه ابنُ عمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ ... عَني ولا أَنْتَ دَيّاني فتَخْزُوني(٥)
  أي لم تُفْضِلْ في حَسَبٍ على قالَهُ ابنُ السِّكِّيت.
  الرّابعُ: التَّعْليلُ، نحْوَ قوْلِه تعالى: وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلّا عَنْ مَوْعِدَةٍ(٦)، أي إلَّا لمَوْعِدَةٍ، وقَوْلُ لبيدٍ، رضِيَ الله تعالى عنه:
  لوِرْدٍ تَقْلِصُ الغِيطانُ عنه ... يَبُكُّ مَسافَةَ الخِمْسِ الكَمالِ(٧)
  قالَ ابنُ السِّكِّيت: قوْلُه عنه أي مِن أَجْلِه.
  الخامِسُ: مُرَادَفَةُ بَعْدَ نحْوَ قوْلِهِ تعالى: عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ(٨)، أي بَعْدَ قَليلٍ؛ وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيت:
  ولقد شُبَّتِ الحُرُوبُ فما غَمَّرْتَ ... فيها إذ قَلَّصَتْ عن حِيالِ(٩)
  قالَ: أي قلَّصَتْ بَعْدَ حِيالِها.
  * قلْتُ: ومنه قوْلُه تعالَى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}، أي حالاً بَعْدَ حالٍ ومَنْزلَةً بعْدَ مَنْزلَةٍ.
  وقوْلُهم: وَرِثَه كابِراً عن كابِرٍ أي بعْدَ كابِرٍ، قالَهُ أَبو عليٍّ، وقد تقدَّمَ في القافِ، وقالَ الحارِثُ بنُ عَبَّاد:
  قَرِّبا مَرْبَطَ النّعامَةِ مِنِّي ... لقِحَتْ حَرْبُ وائِلٍ عن حِيالِ(١٠)
(١) قريش، الآية ٤.
(٢) البقرة، الآية ٤٨.
(٣) محمد، الآية ٣٨.
(٤) في المفردات للراغب برواية:
إذا رضيت عليّ بنو قشير
(٥) المفضلية ٣١ البيت ٤، واللسان والتهذيب ٣/ ٢١٦ والصحاح والخزانة ٣/ ٢٢٢ ومغني اللبيب ص ١٩٦.
(٦) التوبة، الآية ١١٤.
(٧) ديوانه ص ١١٨ واللسان والتهذيب ٣/ ٢٢٧.
(٨) المؤمنون، الآية ٤٠.
(٩) اللسان والتهذيب ٣/ ٢٢٧.
(١٠) اللسان وعجزه في الصحاح.