تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع النون

صفحة 392 - الجزء 18

  أي بعْدَ حِيالِ، وكذا قَوْلُ الطِّرمَّاح:

  سَيَعْلمُ كُلُّهم أَني مُسِنٌّ ... إذا رَفَعُوا عِناناً عن عِنانِ⁣(⁣١)

  أي بعْدَ عِنانٍ وسَيَأْتي قَريباً إن شاءَ الله تعالى.

  السادِسُ: الظَّرْفِيَّةُ، نحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

  ولا تَكُ عن حَمْلِ الرِّباعة وانِيا⁣(⁣٢)

  بدَلِيلِ قوْلِهِ تعالَى: {وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي}⁣(⁣٣)، فإنّ في هنا للظَّرْفِيَّة، فحملَ عليه قَوْل الشاعِرِ كأَنَّه قالَ:

  ولا تَكُ في حَمْل الرِّباعة وانِيا

  السابعُ: مُرادَفَةُ مِنْ، نحْوَ قوْلِهِ تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ⁣(⁣٤)، أي مِن عبادِهِ؛ عن أبي عُبَيْدَةَ.

  قالَ الأزْهرِيُّ: وممَّا يقَعُ الفرْقُ فيه بَيْنَ مِنْ وعَنْ، أنّ مَنْ يُضافُ بها ما قَرُبَ مِنَ الأسْماءِ، وعن يُوصَلُ بها ما تَراخَى، كقوْلِكَ: سَمِعْتُ مِن فلانٍ حدِيثاً، وحدَّثنا عن فلانٍ حدِيثاً.

  وقالَ الأصْمعيُّ: حدَّثنِي فلانٌ مِن فلانٍ، يُريدُ عنه؛ ولَهِيتُ مِن فلانٍ وعنه.

  وقالَ الكِسائيُّ: لَهِيتُ عنه لا غَيْر؛ وقالَ: عنك جاء هذا، يُريدُ منك؛ وقالَ ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ:

  أَفَعنْك لا بَرْقٌ كأَنَّ وَمِيضَهُ ... غابٌ تسَنَّمهُ ضِرامٌ مُوقَدُ؟⁣(⁣٥)

  قالَ: يُريدُ أَمِنْك بَرْقٌ، ولا صِلَةٌ؛ رَوَى جميعَ ذلِكَ أَبو عبيْدَةَ عنهم.

  الثامنُ: مُرادَفَةُ الباءِ، نحْوَ قوْلِه تعالَى: {وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى}⁣(⁣٦)، أي بالهَوَى.

  التاسعُ: الاسْتِعانَةُ، نحْوَ قوْلِهم: رَمَيْتُ عن القَوْسِ، أي به، كذا في النُّسخِ، والصَّوابُ: أي بها؛ أي لأنَّه بها قَذَفَ سَهْمَه عنها؛ قالَهُ ابنُ مالِكٍ، وغيرُهُ جَعَلَهُ للمجاوَزَةِ والتَّعْديَةِ.

  العاشرُ: الزَّائِدَةُ للتَّعْويضِ عن أُخْرى مَحْذوفَةٍ، كقوْلِ الشَّاعِرِ:

  أَتَجْزَعُ أن نَفْسٌ أَتاها حِمامُها ... فَهَلَّا التي عن بَيْنَ جَنْبَيْكَ تَدْفَعُ

  (⁣٧) أي تَدْفَعُ عن التي بَيْنَ جَنْبَيْك، فَحُذِفَتْ عن من أَوَّلِ المَوْصُولِ وزِيْدَتْ بَعْدَهُ، وقد تكونُ زائِدَةً لغيرِ التَّعْويضِ إذا اتْصَلَتْ بالضَّميرِ.

  قالَ أبو زيْدٍ: العَرَبُ تزيدُ عَنْك، يقُولُونَ: خُذْ ذا عَنْك، المَعْنَى: خُذْ ذا، وعَنْك زيادِة؛ قالَ الجعْدِيُّ يخاطِبُ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّة:

  دَعي عنكِ تَشْتامَ الرجالِ وأَقْبِلي ... على أَزْلَعِيٍّ يَمْلأُ اسْتَكِ فَيْشَلا⁣(⁣٨)

  وفي حدِيثِ اسْتِلام الرُّكْن الغَرْبي: «انْفُذْ عَنْك.

  جاء تفْسِيرُه في الحدِيثِ أي دَعْه.

  وتكونُ عَنْ مَصْدَريَّةَ، وذلِكَ في عَنْعَنَةِ تَمِيمٍ كقوْلِهم: أَعْجَبَنِي عن تَفْعَلَ، أي أنْ تَفْعَلَ.

  وتكونُ «عن» اسْماً بمعْنَى جانِبٍ، كقوْلِ الشاعِرِ:

  مِنْ عَنْ يَمينِي مَرَّةً وأَمامِي⁣(⁣٩)


(١) ديوانه ص ١٧٥ واللسان والمقاييس ٤/ ٢٣ والأساس.

(٢) من شواهد القاموس، والبيت للأعشى، ديوانه ط بيروت ص ٢١٧ وصدره:

وآس مراة الحي حيث لقيتهم

وهو في مغني اللبيب بدون نسبة ص ١٩٧.

(٣) طه، الآية ٤٢.

(٤) الشورى، الآية ٢٥.

(٥) اللسان والتهذيب ٣/ ٢٢٦، وهو في شرح أشعار الهذليين ٣/ ١٣٣٧ في زيادات شعره بهذه الرواية، والبيت في شعره ٣/ ١١٠٣ بقافية مختلفة، برواية:

غابٌ تشيمه ضرامٌ مثقبُ

(٦) النجم، الآية ٣.

(٧) من شواهد القاموس، والبيت في مغني اللبيب بدون نسبة، وبحاشيته نسبة محققة لزيد بن رزين.

(٨) اللسان وفيه «أذلعي» بدل «أزلعي» والهذيب.

(٩) من شواهد القاموس، البيت في مغني اللبيب ص ١٩٩ وصدره:

فلقد أراني للرماح دريئة

ونسبه محققه لقطري بن الفجاءة.