فصل الباء مع الواو والياء
  وفي حدِيثِ خالِدٍ: «فلمَّا أَلْقَى الشأمُ بَوانِيَهُ عَزَلَنِي واسْتَعْمَلَ غَيْرِي»، أَي خَيرَهُ، وما فيه مِنَ السَّعَةِ والنِّعْمةِ، هكذا رَوَاهُ ابنُ جَبَلَةَ عن أَبي عبيدٍ، النُّون قَبْل الياءِ، ولو قيلَ بَوائِنه، الياء قَبْل النونِ، كانَ جائزاً.
  والبَوائِنُ: جَمْعُ البُوانِ، وهو اسمُ كُلِّ عَمُودٍ في البيتِ ما خَلَا وَسَط البَيْتِ الذي له ثلاث طَرَائِق.
  وجارِيَةٌ بَناتُ(١) اللّحْمِ؛ هكذا هو بالتاءِ المُطَوَّلةِ والصَّوابُ بالمَرْبوطةِ؛ أَي مَبْنِيَّتُه، هكذا في النسخِ وفي بعضِ الأُصُولِ مُبْتَنِيَتُه؛ أَوْرَدَهُ ابنُ بَرِّي وأَنْشَدَ:
  سَبَتْه مُعْصِرٌ من حَضْرَمَوْتِ ... بَنَاةُ اللحْمِ جَمَّاءُ العِظامِ(٢)
  وكَتَبَ بعضُ العُلماءِ على حاشِيَةِ الأَمالي ما نَصَّه: بَناةُ اللحْمِ في هذا البيتِ بمعْنَى طَيِّبةُ الرِّيحِ، أَي طَيِّبَةُ رائِحَةِ اللحْمِ: قالَ: وهذا مِن أَوْهامِ الشيخِ ابنِ بَرِّي، ¦.
  وبَنى، كعَلا؛ هكذا هو في النُّسخِ، ولو قالَ كعلى كانَ أَوْفَق، ويُكْتَبُ أَيْضاً بنا بالألفِ كما هو المَعْروفُ في كُتُبِ القَوانِين؛ د بمِصْرَ بالقُرْبِ من أَبي صير مِن أَعْمالِ السَّمنُّودية، وهي الآنَ قَرْيةٌ صَغيرَةٌ، وقد اجْتَزْتُ بها، وهي على النِّيل.
  وقالَ نَصْر: وأَمَّا بَنا على صِيغَةَ الفعْلِ الماضِي فمدينَةٌ من صَعِيدِ مِصْر قَرِيبَةٌ مِن بُوصير مِن فُتوحِ عُميْر بنِ وهبٍ.
  هكذا قالَهُ؛ ولعلَّه غَيْرُ الذي ذَكَرَه المصنِّفُ أَو تَصحف عليه، فإِنَّ بَنا مِن أَعْمالِ سمنُّود(٣) لا مِن الصَّعيدِ فتأَمَّل.
  وتُبْنى، بالضَّمِّ: ع بالشَّأمِ.
  والابْنُ، بالكسْرِ: والوَلَدُ.
  سُمِّي به لكَوْنهِ بناء للأبِ، فإنَّ الأبَ هو الذي بَناهُ وجَعَلَهُ اللهُ بناءً في إِيجادِهِ؛ قالَهُ الرّاغِبُ. أَصْلُهُ بَنَيّ، محرّكة، قالَ ابنُ سِيدَه: وَزْنه فَعَلُنْ مَحْذُوفَةُ اللام مُجْتَلَب لها أَلفِ الوَصْلِ؛ قالَ: وإنَّما قَضَيْنا أَنَّه مِن الياءِ لأنَّ بَنَى يَبْنِي أَكْثَر في كَلامِهم من يَبْنُو.
  أَو أَصْلُه بَنَوٌ، والذَّاهِبُ منه واو كما ذَهَبَ مِن أَبٍ وأَخٍ لأنَّك تقولُ في مُؤَنَّثِه بِنْتٌ وأُخْتٌ ولم نَرَ هذه الهاءَ تلحقُ مُؤَنّثاً إلَّا ومُذَكّره مَحْذُوف الواو، يدلُّكَ على ذلِكَ أَخَوات وهَنَوات فيمن رَدَّ، وتَقْدِيرُهُ مِن الفِعْل فَعَلٌ بالتحْرِيكِ، لأنَّ ج أَبْناءٌ مِثْل جَمَلٍ وأَجْمال، ولا يَجوزُ أَنْ يكونَ فِعْلاً أَو فُعْلاً اللَّذين جَمْعُهما أَيْضاً أَفْعال مِثْل جِذْع وقُفْل، لأنَّك تقولُ في جَمْعِه بَنُون، بفتْحِ الباءِ، ولا يَجوزُ أَنْ يكونَ فعْلاً، سَاكِن العَيْن، لأنَّ البابَ في جَمْعِه إنَّما هو أَفْعُل مِثْل كَلْب وأَكْلُب أَو فُعُول مِثْل فَلْس وفُلُوس؛ هذا نَصُّ الجَوْهرِيِّ.
  والاسمُ البُنُوَّةُ، بالضَّمِّ.
  وقالَ اللّيْثُ: البُنُوَّةُ مَصْدَرُ الابنِ. يقالُ: ابنٌ بَيِّنُ البُنُوَّةِ.
  وقالَ الزَّجَّاجُ(٤): ابْنٌ كانَ في الأصْلِ بنا أَو بَنَوٌ، والألفُ أَلِفُ وَصْلِ في الابنِ، يقالُ ابنٌ بَيِّنُ البُنُوَّةِ، قالَ: ويحتملُ أَنْ يكونَ أَصْله بنا(٥)، والذين قالوا بَنُونَ كأَنَّهم جَمَعُوا: بنا وبَنُونَ(٦)، وأَبْناءُ جَمْعِ فِعْل أَو فَعَل.
  قالَ: والأَخْفَش يَخْتارُ أَن يكونَ المَحْذوفَ منه الياءُ، وكَذلِكَ دَمٌ، والبُنُوَّة ليسَ بشاهِدٍ والياء تُحْذفُ أَيْضاً لأنَّها تثقلُ، قالَ: والدَّليلُ على ذلِكَ أَنَّ يَداً قد أَجْمَعوا على أَنَّ المَحْذوفَ منه الياءُ، وكَذلِكَ دَمٌ، والبُنُوَّة ليسَ بشاهِدٍ قاطِع للواوِ لأنَّهم يقولونَ الفُتُوَّة والتَّثْنِية فَتَيان، فابن يَجْوزُ أَنْ يكونَ المَحْذوفُ منه الواو والياء وهُما عنْدَنا مُتَساوِيانِ.
(١) في القاموس: «بَناةُ».
(٢) اللسان.
(٣) بينها وبين سمنود ميلان، قاله ياقوت.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقال الزجاج: ابن، كذا العبارة بخط المؤلف، فليراجع ويحرر» ومثله في اللسان والتهذيب لكن فيهما: بَنْوٌ أو بَنَوٌ بدل «بنا أو بنو».
(٥) في اللسان والتهذيب: بُنَياً.
(٦) كذا بالأصل «وبنون» والأولى حذف واو العطف.