تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الباء مع الواو والياء

صفحة 226 - الجزء 19

  ومَرَرْتُ بابْنِمِك، ورأَيْت ابْنَمَك، تَتْبَعُ النونُ الميمَ في الإِعْرابِ، والأَلِف مَكْسورَة على كلِّ حالٍ، ومنهم مَنْ يَعْربه مِن مكانٍ واحِدٍ فيعربُ الميمَ لأَنَّها صارَتْ آخِرَ الاسمِ، ويَدَع النونَ مَفْتوحَة على كلِّ حالٍ فيقولُ هذا ابْنَمُكَ، ومَرَرْت بابْنَمِك، ورأَيْت ابْنَمَك.

  وفي حديثِ بادِيَةَ بِنْتِ غَيْلان الثَّقفيَّة المُتقدِّم ذِكْرها وهو فيمَا رَوَى شَمِرٌ: قالَ مُخَنَّث لعبْدِ اللهِ بنِ أَبي أُمَيَّة: «إنْ فَتَح اللهُ عليكم الطائِفَ فلا تُفْلِتَنَّ منكم بادِيَةُ بنْتُ غَيْلان فإنَّها إن؛ كذا في النُّسخِ ويُرْوَى إذا؛ جَلَسَتْ تَبَنَّتْ وإذا تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ وإذا اضْطَجَعَتْ تَمَنَّتْ، وبَيْنَ رِجْلَيْها مثْلُ الإِناءِ المُكْفأ».

  قالَ الأزْهرِيُّ: يحتملُ أَنْ يكونَ قَوْل المُخَنَّث إذا قَعَدَتْ تَبَنَّتْ أَي صارَتْ كالمَبْناةِ من سِمَنِها وعظَمِها.

  وقالَ ابنُ الأثيرِ: أَي صارَتْ كالبَيْتِ المَبْنِيِّ وهو القبَّةُ مِن الأَدَم لسمَنِها وكثْرَةِ لَحْمِها، أَو لأنَّ القبَّة إذا ضُرِبَتْ وطُنِّبَتْ انْفَرَجَتْ، وكذلِكَ هذه إذا قَعَدَتْ تَرَبَّعَتْ وفرشَتْ رِجْلَيْها.

  والبَناتُ: التَّماثيلُ الصِّغارُ التي يُلْعَبُ بها.

  وفي حدِيثِ عائِشَةَ، رضِيَ الله تعالى عنها: «كنتُ أَلْعَبُ مع الجَوارِي بالبَناتِ»، كما في الصِّحاحِ، وبُنَيَّاتُ الطَّريقِ، بالضَّمِّ مُصَغّراً: هي الطُّرُقُ الصِّغارُ التي تَتَشعَّبُ مِن الجادةِ، وهي التُّرَّهات؛ كما في الصِّحاحِ.

  وتَبَنَّاهُ: اتَّخَذَهُ ابْناً، أَو ادَّعَى بُنُوَّتَه.

  وقالَ الزجَّاجُ: تَبَنَّى به يُريدُ تَبَنَّاهُ.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  حكَى الفرَّاءُ عن العَرَبِ: هذا مِن ابْناوَاتِ الشِّعْبِ، وهُم حيٌّ من كَلْبٍ.

  وفي الصِّحاحِ: وأَمَّا قَوْلُهم أبْناوِيٌّ فإنَّما هو مَنْسوبٌ إلى أَبْناءِ سعْدٍ لأنَّه جعلَ اسْماً للحيِّ أَو القبيلَةِ، وقَوْل رُؤْبة:

  بُكاءَ ثَكْلَى فَقَدَتْ حَمِيما ... فهي تُنادِي بأَبي وابْنِما⁣(⁣١)

  زادَتِ الياءَ وإنَّما أَرادَتْ ابْنَما.

  وقالوا في تَصْغيرِ الأَبْناءِ: أُبَيْناءُ، وإن شِئْتَ أُبَيْنونَ على غيرِ نَكِرَةٍ قالَ السفَّاحُ بنُ بُكَير:

  مَنْ يَكُ لا ساءَ فقد ساءَني ... تَرْكُ أُبَيْنِيك إلى غيرِ رَاعِ⁣(⁣٢)

  قالَ الجَوْهرِيُّ: كأنَّ واحِدَه ابنٌ مَقْطوعُ الألفِ، فصَغَّره فقالَ أُبَيْنِ، ثم جَمَعَه فقالَ أُبَيْنُون.

  قالَ ابنُ بَرِّي: صَوابُه كأنَّ واحِدَه أَبْنى مثْالُ أَعْمى ليصحَّ فيه أَنَّه مُعْتل اللامِ، وأنَّ واوَه لامٌ لا نونٌ بدَلِيلِ البُنُوَّة، أَو أَبْنٍ بفتْحِ الهَمْزةِ مثَالُ أَجْرٍ، وأَصْله أَبْنِوٌ، قالَ: وقَوْله فصَغَّره فقالَ أُبَيْنٌ إنَّما يَجِيءُ تَصْغيرُه عنْدَ سِيْبَوَيْه أُبَيْنٍ مِثل أُعَيْمٍ، انْتَهَى.

  وفي حدِيثِ ابنِ عباس: قالَ النبيُّ : «أُبَيْنى لا ترموا جَمْرَة العَقَبةِ حتى تَطْلُعَ الشمسُ».

  قالَ ابنُ الأثيرِ:

  الهَمْزَةُ زائِدَةٌ وقد اخْتَلفَ في صيغَتِها ومَعْناها فقيلَ: إنَّه تَصْغير أَبْنى كأَعْمى وأُعَيْم، وهو اسمٌ مُفْردٌ يدلُّ على الجَمْعِ، وقيلَ: إنَّ ابْناً يُجْمَعُ على أَبْناء مَقْصوراً ومَمْدوداً، وقيلَ: هو تَصْغيرُ ابن، وفيه نَظَرٌ.

  وقالَ أَبو عبيدٍ: هو تَصْغيرُ بَنِيَّ جَمْع ابْنٍ مُضافاً إلى النَّفْسِ، قالَ: وهذا يُوجِب أَنْ يكونَ صِيغَة اللّفْظَة في الحدِيثِ أُبَيْنِيَّ بوَزْنِ سُرَيْجِيّ، وهذه التّقْديرَات على اخْتِلافِ اللّغاتِ، انتَهَى.

  قالَ الجَوْهرِيُّ: وإذا نَسَبْتَ إلى بُنَيَّات الطَّريقِ قُلْتَ بَنَوِيٌّ، لأنَّ أَلفَ الوَصْلِ عِوَضٌ مِن الواوِ، فإذا حَذَفْتها فلا بُدَّ من رَدِّ الواوِ.

  وللأَب والابنِ والبنْتِ أَسْماءٌ كَثيرَةٌ تُضافُ إليها، وعَدَّدَ


(١) ويروى:

فهي ترنّى بأبا وابناما

(٢) اللسان والصحاح والتهذيب.