تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع الواو والياء

صفحة 250 - الجزء 20

  ومِن المجازِ: النَّضِيُّ العُنُقُ، على التَّشْبيهِ، أَو أَعْلاهُ ممَّا يلي الرأْسَ، أَو عَظْمُه؛ عن ابنِ دُرَيْدٍ. أَو ما بَيْنَ العاتِقِ إلى الأُذُنِ.

  وفي الصِّحاح: ما بينَ الرأْسِ والكاهِلِ مِن العُنُقِ، والجَمْعُ أَنْضِيَةٌ، وأنْشَدَ:

  يُشَبّهُونَ سُيُوفاً في صَرائِمِهم ... وطُولِ أَنْضِيَةِ الأعْناقِ واللِّمَمِ⁣(⁣١)

  قال ابنُ برِّي: البَيْتُ لِلَيْلى الأخْيَلِيّة، ويُرْوَى للشَّمَرْدَلِ ابنِ شريكٍ اليَرْبُوعي؛ الذي رَواهُ أَبو العبَّاس:

  يُشَبّهونَ مُلوكاً في تَجِلّتِهِم

  والتَّجلَّةُ: الجلالُ، والصَّحيحُ: والأُمَم، جَمْعُ أُمَّةٍ، وهي القامةُ، قالَ: وكذا قالَ عليُّ بنُ حَمْزة، ولكنَّ هذه الرِّوايَة في الكامِلِ في المسأَلةِ الثامنَةِ، وقالَ: لا تُمْدَحُ الكُهُولُ بطُولِ اللَّمَم إنَّما تُمْدَحُ به النِّساءُ والأَحْداثُ؛ وبعد البَيْت:

  إذا غَدَا المِسْكُ يجْرِي في مَفارِقِهِمْ ... راحُوا تَخالُهُمُ مَرْضى مِنَ الكَرَمِ⁣(⁣٢)

  وقال القتَّالُ الكِلابي:

  طِوالُ أَنْضِيةِ الأعْناقِ لم يجِدُوا ... رِيحَ الإماءِ إذا راحَتْ بأَرْفادِ⁣(⁣٣)

  قُلْت: البَيْتُ الذي أَنْشَدَه الجَوْهرِي يقالُ هو للحارِثِ بنِ شريكٍ اليَرْبُوعي، قيلَ: هو الشَّمَرْدلُ بعَيْنِهِ، أَو هو غَيْرُه، ويُرْوَى في صَرامَتِهِم، والذي في الجَمْهَرةِ أَنَّه للَيْلى الأخْيَلِيّة، واقْتَصَرَ على الرِّوايَةِ التي ذَكَرَها المبرِّدُ في الكامِلِ. والنَّضِيُّ من الكاهِلِ: نَضَدُه؛ كذا في النُّسخِ وفي المُحْكم صَدرُه.

  والنَّضِيُّ أَيْضاً: ذَكَرُ الرَّجُلِ، وقد يكونُ للحِصانِ مِن الخَيْلِ، وعَمَّ به بعضُهم جَمِيعَ الخَيْلِ، وقد يقالُ أَيْضاً للبَعيرِ. وقال السِّيرافي: هو ذَكَرُ الثّعْلَبِ خاصَّةً.

  وأَنْضاهُ، أَي بَعِيرَه، إذا هَزَلَهُ بالسَّيْرِ فذَهَبَ لَحْمُهُ.

  وفي الحديثِ: «إنَّ المُؤْمِنَ ليُنْضِي شَيْطانَه كما يُنْضِي أَحَدُكم بَعيرَه»، أَي يَهْزِلُه ويَجْعلُه نِضْواً. وفي حديثِ عليٍّ: «كلماتٌ لو رَحَلْتُم فيهنَّ المَطِيَّ لأَنْضَيْتُمُوهُنَّ».

  وفي حديثِ ابنِ عبدِ العزيز: «أَنْضَيْتُم الظَّهْر»، أَي أَهْزَلْتُموه.

  وأَنْضاهُ: أَعْطاهُ نِضْواً، أَي بَعِيراً مَهْزولاً.

  ومِن المجازِ: أَنْضَى الثَّوبَ، أَي أَبْلاهُ وأَخْلَقَه بكثْرَةِ اللبْسِ؛ كانْتَضَاهُ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.

  وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  نَضا الثَّوبُ الصِّبْغَ عن نَفْسِه: إذا أَلْقاهُ.

  ونَضَتِ المرأَةُ ثوْبَها ونَضَّتْه، بالتَشْديدِ أَيْضاً للكَثْرةِ، وبهما رُوِي قولُ امرئِ القَيْسِ:

  فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لنَوْمٍ ثِيابَها ... لدى السِّتْرِ إلَّا لِبْسةَ المُتَفَضِّلِ⁣(⁣٤)

  ونَضَوْتُ الجلَّ عن الفَرَسِ نَضْواً.

  ونُضاوَةُ الخِضابِ، بالضم: ما يُؤْخَذُ منه بعْدَ النُّضُولِ.

  ونُضاوَةُ الحِنَّاءِ: ما يَبِسَ منه فأُلْقيَ؛ هذه عن اللحّياني.

  وفي الأساس: نُضاوَةُ الحنَّاءِ: سُلاتَتُه.

  ونَضا السَّهْم: مَضَى؛ قالَ:


(١) اللسان والصحاح وعجزه في المقاييس ٥/ ٤٣٧ وتقدم في «نصا» منسوباً لليلى الأخيلية وباختلاف الرواية، انظره هناك. والكامل للمبرد ١/ ٧٩ ونسبه بحاشيته للمشردل بن شريك اليربوعي.

(٢) اللسان والكامل للمبرد ١/ ٨٠ وفيه برواية: يندى بدل يجري، و «راحوا كأنهم مرضى» بدل «راحوا تخالهم».

(٣) اللسان والكامل للمبرد ١/ ٧٦ برواية «بأزفار» منسوباً فيهما للقتّال الكلابي، واسمه عبيد بن المضرحي، وهو من أبيات رائيه، وقبله:

يا ليتني والمنى ليست بنافعة ... لمالك أو لحصن أو لسيَّار

(٤) من معلقته، ديوانه ط بيروت ص ٤٠ واللسان والتهذيب والصحاح والمقاييس ٥/ ٤٣٦ وضبطت نضت بالتشديد عن الديوان، وفي المصادر بتخفيفها، قال الجوهري: ويجوز عند تشديده للتكثير.