تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نغو]:

صفحة 258 - الجزء 20

  في الجَمْهرةِ: كأَنَّ مَتْنَيَّ، قالَ: وهو الصّحِيحُ لقولهِ بَعْده:

  لطُولِ إشْرافي على الطَّويِّ

  قالَ الأزْهري: هذا ساقٍ كانَ أَسْوَدَ الجِلْدةِ فاسْتَقَى مِن بئْر مِلْح، وكانَ يَبْيَضُّ نَفِيُّ الماءِ على ظَهْرِه إذا تَرَشّش لأنَّه كانَ مِلْحاً ونَفِيُّ الماءِ: ما انْتَضَحَ منه إذا نُزِعَ مِن البِئْرِ.

  والنَّفِيُّ أَيْضاً: ما نَفَتْهُ الحوافِرُ من حَصًى وغيرِها في السَّيْرِ.

  وأَيْضاً: تُرْسٌ يُعْمَلُ مِن خُوصٍ.

  وأَيْضاً: ما تَنْفِيه الرِّيحُ في أُصُولِ الشَّجرِ من التُّرابِ مِن أُصولِ الحِيطانِ ونحوِه، كالنَّفَيانِ، محرَّكةً؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.

  قالَ: ويُشَبَّهُ به ما يَتَطَرَّفُ من مُعْظَمِ الجَيْشِ؛ وأنْشَدَ للعامِرِيَّة:

  وحَرْبٍ يَضِجُّ القومُ من نَفَيانِها ... ضَجِيجَ الجِمالِ الجِلَّةِ الدَّبِراتِ⁣(⁣١)

  ويقالُ: أَتَانَا نَفِيُّكُم: أَي وَعِيدُكُم الذي تُوعدُونَنا؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.

  ونَفايَةُ الشَّيءِ، كسَحابَةٍ ويُضَمُّ وهي اللّغَةُ المَشْهورَةُ، ونَفاتُهُ ونَفْوَتُه ونَفِيُّهُ، كغَنِيٍّ، ونَفاؤُهُ، بفَتْحِهِنَّ، إلَّا أَنَّ الصَّاغاني ضَبَطَ النِّفْوَة بالكَسْر خاصَّةً؛ ونَفَاتُهُ، بالضَّمِّ، رَدِيئُهُ⁣(⁣٢) وبَقِيَّتُهُ؛ وخَصَّ ابنُ الأعْرابي به رَدِيءَ الطَّعام.

  قالَ ابنُ سِيدَه: وذَكَرْنا النَّفَوَةَ والنَّفاوَةَ في هذا الحَرْفِ لأنَّه ليسَ في الكَلامِ نفو وَضْعاً.

  والنَّفْيَةُ، بالفتح، والنَّفِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: سُفْرَةٌ مِن خُوصٍ شِبْه الطَّبَقِ عَرِيض مُدَوَّر واسِع يُشَرُّ عليها الأَقِطُ.

  قُلْتُ: هذه اللَّفْظَةُ قد اخْتَلَفُوا في ضَبْطِها اخْتِلافاً واسِعاً. وقد جاءَ ذِكْرُها في حديثِ زيْدِ بنِ أسْلَم: «أَرْسَلَني أَبي إلى ابنِ عُمَر فقلت له: إنَّ أَبي أَرْسَلَني إليك تَكْتُبُ إلى عامِلِكَ بخَيْبَر يَصْنَعُ لنا نَفِيَّتَيْنِ نُشَرِّرُ عليهما الأقِطَ، فأَمَر قَيِّمَهُ لنا بذلكَ».

  قالَ أَبو الهَيْثم: أَرادَ بِنَفِيَّتَيْنِ سُفْرَتَيْنِ مِن خُوصٍ.

  قال ابنُ الأثير: يُرْوَى نَفِيين⁣(⁣٣) بوزن بَعِيرَيْن، وإنَّما هو نَفِيَّتَيْنِ على وَزْن شَقِيَّتَيْن⁣(⁣٤) واحِدَتُهما نَفِيَّةٌ كَطَوِيَّة؛ قالَهُ أَبو موسَى.

  وقالَ الزَّمَخْشري⁣(⁣٥): قالَ النَّضْر: هي النُّفْته بوَزْنِ الظُّلْمةِ وعوض الياء تاء فَوْقَها نُقْطتانِ؛ وقال غيرُهُ: هي النُّفْية بالياءِ وجَمْعُها نُفىً كنُهْيَةٍ ونُهًى ومَعْنَى الكلِّ واحِدٌ.

  قُلْتُ: ورُوِي عن ابنِ الأَعْرابي: النُّفْيَةُ، بالضم أَيْضاً، وكغَنِيَّةٍ، وقالَ: يُسَمِّيها الناسُ النَّثِيَّة⁣(⁣٦) وهي النَّفِيَّة. وذَكَرَه المصنِّفُ في نبا، وجَعلَه فارِسِيًّا مُعَرَّباً، وليسَ كما ذَكَرَ وإنَّما هو النَّثِيَّةُ بالثاءِ لُغَةٌ في النَّفِيَّة، وظَهَرَ بما تقدَّمَ أَنَّه بالضم لا الفَتْح، وغَلِطَ المصنِّفُ، وأَنَّه عَرَبيٌّ لا مُعَرَّبٌ، ووَهِمَ المصنِّفُ وقد تَرَكَ مِن لُغاتِه النُّفْية المَرْوِيَّة عن النَّضْر، فتأَمَّل ذلك، وأنصف.

  وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  انْتَفَى شَعَرُ الإِنْسانِ: إذا تَساقَطَ.

  ونَفَيانُ السَّيْل، بالتَّحْريكِ: ما فاضَ مِن مُجْتَمَعِه كأَن يَجْتَمِعَ في الأنْهارِ الإخاذاتُ ثم تَفِيضُ إذا مَلأَها، فذلكَ نَفَيانُه.

  انْتَفَى منه: تَبَرَّأَ وأَيْضاً رَغِبَ عنه أَنفاً واسْتِنْكافاً.

  ويقالُ، هذا يُنافي ذلكَ، وهُما يَتَنافَيَانِ.

  والمَنْفِيُّ. المَطْرُودُ، والجَمْعُ المَنافِي.


(١) اللسان والصحاح.

(٢) في القاموس: «رِديُّهُ» بدون همز.

(٣) نَفِيتَيْن.

(٤) عن النهاية وبالأصل «سقيتين».

(٥) انظر الفائق ٣/ ١١٨.

(٦) في اللسان والتهذيب: «النَّبِيّة» عن عوام الناس بالحجاز كما في التهذيب.